السجل – خاص

"القدس أغنيتي" هو عنوان الأمسية التي أحيتها أوركسترا فلسطين للشباب بالشراكة مع أوركسترا كوليجيوم ميوزيكوم التابعة لجامعة بون، على مسرح مركز الحسين الثقافي. إذ قدم سبعون عازفاً بقيادة المايسترو "والتر ميك" المتتالية الثانية وجزءاً من الثالثة من مقطوعة «غيانيه» للموسيقار، آرام ختشادوريان. وعندما بدأ الحوار الموسيقي، خيّم صمتٌ جليل على القاعة التي اكتظت بالجمهور.

جاء الاستهلال بمقطوعة «رقصة ترحيب» التي حافظت على رتم هادئ، ثم تصاعد الإيقاع ليبلغ مداه في نهاية المقطوعة، لتقدم الأوركسترا بعد ذلك «ثنائي كلامي بين عائشة وأرمن»، وفي هذه المقطوعة ساد شجن شفيف، وعلى خلاف المقطوعة السابقة اختُتمت هذه المقطوعة بإيقاع تدرجَ في الانخفاض والهدوء ثم صمتت الآلات شيئاً فشيئاً. أما في «رقصة روسية»، و«رقصة الشاب الكردي»، و«رقصة العجوز ومحيك السجاد»، و«رقصة السيوف» فجاء الإيقاع حركياً سريعاً في الغالب، مع تدخُّل من الآلات الإيقاعية وآلات النفخ. فيما تنوعت الموسيقى بين الارتفاع والانخفاض في «تحويرات نونية» و«تحويرات أرمن».

اشتمل الجزء الثاني من الحفل الذي نظمه معهد إدوارد سعيد للموسيقى ومؤسسة خالد شومان–دارة الفنون، على أغانٍ من ألحان الأخوين رحباني، سهيل خوري، عيسى بولص، ريما ترزي، ريم البنا وستيفن أدامز. فقدمت ريم بنا «وحدها بتبقى القدس» على إيقاع مليء بالشجن، ثم «سارة» وهي الأغنية التي أهدتها إلى روح الطفلة الفلسطينية «سارة عبد الحق» التي قتلتها رصاصة قناص إسرائيلي بطلقة في رأسها. تميز أداء البنا بانسجامه مع طبقات صوتها المسطّح والواسع، وخصوصاً الطبقة الخفيضة التي برزت في ترداد اسم «سارة» بإحساس رثائي ليس للطفلة سارة وحسْب، وإنما لكل الشهداء الفلسطينيين.

وعبّرت ريم تلحمي عن سعادتها بمشاركتها للمرة الأولى بالغناء مع أوركسترا، فغنت بصوتها الصادح المتمكن «يا قدس وين الروح»، ورائعة السيدة فيروز «زهرة المدائن» بإحساس ثري دفع الجمهور للتفاعل مع ما قدمته بتجلٍّ. أما ديما بواب صاحبة الصوت الأوبرالي الندي، فقدمت «القدس عربية»، والتي بدت أشبه بنشيد تراتيلي مقدس يحكي بحزن قصة ضياع الوطن. كما غنّت بالإنجليزية «المدينة المقدسة».

يأتي هذا الحفل ضمن سلسلة عروض نظمتها الأوركسترا، انطلقت من القدس ثم رام الله وحيفا فعمّان لتختتم جولتها في دمشق. يذكر أن أوركسترا فلسطين تأسست العام 2004 ضمن برنامج معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، وهي تضم نحو خمسين عازفاً فلسطينياً من داخل فلسطين ومن الشتات.