العدد 38 - أردني
 

السجل- خاص

بعد النجاحات التي حققها الضابط البريطاني جون باغوت غلوب في العراق في مجال وقف الغزوات بين القبائل العراقية، وتوطينها، استدعي الملازم جان بوت غلوب، من العراق، ليقوم بمهمة مشابهة في إمارة شرق الأردن الوليدة آنذاك.

كان غلوب نجح في مهمته في العراق من خلال إنشاء قلاع في الصحراء مهمتها الإشراف على منع الاعتداءات المتبادلة بين القبائل العربية هناك. وكان نجاحه في تلك المهمة هو ما أهله لأن يكون الشخص الذي يقع عليه الاختيار للحضور إلى الأردن العام 1930، ليساهم، بشكل أساس، في وقف الغزوات العشائرية المتبادلة، بالإضافة إلى تأمين وصول العشائر، والقبائل الأردنية الى مناطق الرعي الشتوي مثل: الجفر، ووادي السرحان، والأزرق. غلوب، القادم من صحراء العراق تمكن من تشكيل قوة جديدة سميت «قوة البادية» لتحقيق الهدف الذي أوكل اليه. هذه القوة غدت ذراع الجيش في مناطق «شرق السكة» أي شرق الخط الحديدي الحجازي، لتلعب دوراً مكملاً لدور الجيش العربي بوصفه «مؤسسة وطنية جامعة» تلتف حولها الهويات الفرعية في حينها.

الجيش العربي استفاد، بحكم وجود القادة الإنجليز في ذلك الحين، من تجارب الجيوش العريقة في أوروبا، وعلى رأسها الجيش البريطاني، من حيث الأساليب المستخدمة في التدريب، والتجهيز، وفرض الانضباط، كما أدخلت الموسيقى للجيش. كما أضاف إلى تلك التقاليد بعض الرموز التي تحولت إلى رموز محلية خاصة بالجيش العربي، مثل الكوفية الحمراء التي استقدمها أصلاً من مدينة مانشستر البريطانية، وجعلها غطاء الرأس المميز للجيش بحيث يبدو جيشاً وطنياً وليس ميليشيا.

بالتوازي مع ذلك، قام غلوب بمهمة نزع سلاح البدو بنجاح فائق عن طريق تأسيس «قوة البادية» التي كانت مهماتها تشمل حراسة الحدود مع السعودية، كما شملت حراسة أنابيب النفط المملوكة من قبل شركة نفط العراق والتي ربطت بين العراق، وفلسطين، بعد إقامة مصفاة البترول في حيفا في مطلع الأربعينيات، مرورا بالأراضي الأردنية.

مع تغير أنماط الحياة والانتقال من الترحال إلى الاستقرار انتقل دور البادية من ممارسة دورها في منع الغزوات العشائرية في بداية القرن الماضي، إلى حفظ الأمن والنظام في مناطق شرق السكة الحديد، وهي منطقة مترامية الأطراف تمتد على طول الصحراء، وتضم العديد من القرى النائية.

اللباس البدوي والحطة والعقال الذي يعتليه شعار الأمن العام واستخدام الإبل دوريات شرطية راجلة في بعض المناطق، ما زالت تميز قوات البادية الأردنية.

تشكل قوات البادية اليوم أحد أجنحة جهاز الأمن العام في البلاد، إلا أن ما يميزها هو «الزي» الخاص بها، حيث تم اعتماد اللباس العربي؛ الكبر المتمثل بسروال وثوب أبيض طويل يدعى الزبون، والشماغ الذي صمم ليكون قطعة من اللباس العربي، جاءت على شكل مربعات حمراء منتظمة بشكل فسيفساء على أرضية بيضاء.

بقي غلوب باشا يخدم في أعلى مراتب الجيش الأردني من العام 1930 إلى 1956، حيث كان قائداً لقوة البادية حتى العام 1939 ومن ثم رئيس هيئة أركان الجيش حتى 1956 حينما غادر منصبة في إطار عملية تعريب قيادة الجيش.

مرت قوات البادية بمراحل من التطور، ففي العام 1986 تم تشكيل عدد من سرايا حرس الحدود التي حملت اسم قيادة البادية وحرس الحدود ، وفي العام 1997 فصلت هذه السرايا وألحقت بالقوات المسلحة الأردنية، وصدرت الإرادة الملكية بإعادة تسميتها قيادة قوات البادية الملكية.

يقدر العميد خالد المعاني، قائد قوات البادية الملكية التابعة لمديرية الأمن العام، المساحة التي تغطيها أنشطة قوات البادية بما نسبته 82 بالمائة من مساحة المملكة.

قوات البادية الملكية من أقدم وحدات الأمن العام، وتتبع لها 3 قيادات مناطق؛ شمالية ووسطى وجنوبية، وتتبع لكل منطقة ثلاث مقاطعات بادية يتبع لها 21 مركزاً للبادية، إضافة إلى مجموعة طوارئ مكونة من خمس سرايا ووحدة هجانة تتبع لها سريتان تقومان بمهمة منع التهريب والتسلل، وسرية مراسم للمشاركة بالاحتفالات الرسمية والشعبية.

قوات البادية: من منع الغزوات العشائرية إلى حفظ الأمن
 
07-Aug-2008
 
العدد 38