العدد 38 - أردني | ||||||||||||||
السجل: خاص اعتاد الأردن على انتشار حمى "الانتماء والولاء" في الازمات، وبدلاً من أن تكون هذه الأزمات عامل توحيد لمواجهتها، كثيراً ما يحدث أن يتم تراشق الاتهامات ونعت أصحاب الآراء المغايرة بـس"المشككين" والخارجين على الوطن والسوداويين. ربما لم تكن هذه الحالة فريدة في دول العالم الثالث، ولكن الامتياز الأردني فيها في ظل أجواء الانفتاح السياسي، هو دور الدولة التي تعمد من خلال مؤسساتها الرسمية إلى "التأطير والحشد" لمؤسسات المجتمع؛ "جمعيات، أندية، بلديات، ووجهاء محليون"، وذلك من خلال نشر إعلانات في الصحف المحلية ودفعهم إلى عقد اجتماعات ومهرجانات يعلنون فيها ولاءهم وانتماءهم للوطن. وزير الداخلية والسفير السابق نايف القاضي يتساءل عما إذا «كنا في هذه المرحلة التاريخية نحتاج إلى مثل هذه المهرجانات والمسيرات أو إلقاء الخطابات وتوقيع البرقيات التي نعلن فيها الولاء والانتماء». القاضي كتب مقاله ذيلها بتوقيع «سفير سابق» وصف فيه الظاهرة بالقول: «تنطلق المسيرات وتدبج المقالات وتنشر البيانات والإعلانات، وكأن عدوانا خارجيا قد حصل، أو أن مؤامرة قد حيكت وتم إحباطها، فهذا هو الأمر المستغرب بعد أن فزنا بالاستقلال منذ عقود طويلة.» لم يقتصر نقد هذه الظاهرة على القاضي الذي يعد نفسه «محافظا»، بل كتب رئيس تحرير العرب اليوم «القومي» طاهر العدوان، مقالا جاء فيه أن «البيانات تفترض وجود خلاف بين الأردنيين على مسلمات وطنية ثابتة وراسخة»، وما هو أسوأ في نظر العدوان «أنها تؤسس لانقسامات بين العشيرة الواحدة في دوامة (التأييد والاستنكار) التي تسمم أجواء البلد بالضغائن والأحقاد». العدوان يصف «عبارات الشجب والاستنكار بسبب رأي حر ومعلن هي محاولات «قمع وإرهاب فكري لا تخدم الوطن» فيما الأردنيون جميعاً، بأصولهم وأطيافهم ومنابتهم المتعددة، فريق واحد يوحدهم الدستور وتاريخ هذا الوطن. اللافت أن هناك أطرافاً مهمة في الدولة تعتقد أن نمط التأطير السائد «حشد الولاء والتأييد»، لا يخدم الأغراض المرجوة ولا يساهم في بناء مؤسسات ديموقراطية ولا يخدم مفهوم المواطنة. وسبق أن وصف صحفي أردني الهبات العشائرية ومهرجاناتها التي تعمد الدولة لإقامتها في مناسبات مختلفة وفي مواسم الانتخابات، بأنها إشارة إلى أنه لا يوجــد في الأردن مجتمع بل «ميليشيات غير مسلحة». ويتنافس كثير من الصحف المحلية في ملاحقة الأخبار الخاصة بهذه المهرجانات التي وصفها مسؤول حكومي بارز في لقاء مغلق جمعه مع عدد من الوجهاء المحليين بأنها «مخيبة للآمال». بحسب أحد الحاضرين، قال المسؤول «إن هذه المهرجانات لم تستقطب عدداً كبيراً من المواطنين، فعدد الحضور لأحد الاجتماعات لم يتجاوز 50 شخصاً كان بينهم 20 متحدثاً». |
|
|||||||||||||