العدد 37 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
رغم أن الراتب على العموم يحظى باحترام شديد وترقب وانتظار لموعد استلامه، لكن المفاهيم المستخدمة في التعبير عن استلام الراتب تتفاوت بحسب قيمة هذا الراتب أي عدد دنانيره. على سبيل المثال فإن صاحب الراتب الذي لا يتجاوز 200 دينار هو شخص «يوخذ ميتين» أما صاحب الراتب 600 دينار فهو «يَطْرُق ستمية»، بينما «يَشْلَخ» زميله ألف دينار أو «يمعط ألف وخمسمية». أما في حالة الأرقام الأكبر، فإننا نصل الى مفاهيم أخرى مثل «يقص ألفين» أو «يهف ألفين وخمسمية» وصولاً الى «يهبد» خمسة آلاف، مع ملاحظة أن المفاهيم في مثل هذه الحالات الأخيرة تتشابه مع المفاهيم المستخدمة للتعبير عن تحصيل الدخل من مصادر غير مشروعة الى جانب مفاهيم مثل «اللهط، والشف، والغف». على ضوء الانحدار المتواصل في القيمة الشرائية للرواتب، من المتوقع أن تشهد هذه الاستخدامات الكثير من التغير أو على الأقل أن يتغير توزيعها بين طبقات متلقي الرواتب، فمن المنتظر أن لا يقال عن صاحب راتب مثل 600 دينار أنه يطرق ستمية بل سيقال إنه «يوخذ ستمية» بينما سيقال عن صاحب الراتب 300 فما دون: «يعطوه 300»، وبالتتالي سوف يعاد توزيع عمليات «الشلخ» و«المعط» و«القص» و«الهف» و«والهبد»... الخ. ** "بق البحصة" شكل خاص لحرية التعبير تتنوع أشكال التعبير عن الرأي، منها الكتابة والقول والخطابة والرسم والصياح والبكاء والضحك وغير ذلك. والملاحظ أنها جميعاً تشترط توافر الرأي الى جانب الرغبة لدى صاحب الرأي لكي يعبر عن ذلك الرأي، كما تشترط أن يتوافر لدى صاحب الرأي قدر من القناعة أو التوقع بأن الرأي الذي سيعبر عنه سيحظى بوجود مستمعين أو قراء أو مطلعين طوعاً او كرهاً، بمعنى أنه لا يشترط ترحيب هؤلاء بالرأي بل يكفي وجودهم فقط. وعلى ذلك لا يعتبر حديث الشخص مع ذاته أو التفكير بصمت تعبيراً عن الرأي، كما لا يعتبر قيام شخص بالخطابة في غرفة مغلقة نوعاً من التعبير عن الرأي أيضاً، بل في العادة، فإن كل تلك الممارسات تعد دليلاً على غياب حرية التعبير عن الرأي. غير أنه هناك حالة شهيرة يتوافر فيها لدى الشخص رأي الى جانب الرغبة في التعبير عن هذا الرأي إضافة الى جمهور من المستمعين، ولكن صاحب الرأي يتردد عن الإدلاء برأيه لزمن طويل الى أن يضغط هذا الرأي على صاحبه مطالباً بالخروج الى العلن، وصولاً الى ما يعرف بوضعية «بق البحصة»، وهي تعني أن الرأي المكتوم هنا أصبح مثل «البحصة» في الفم أو الحلق ينبغي ان تُبق أي ان تقذف الى الخارج بقوة. يعد «باقّ البحصة» صاحب رأي لكنه في الأصل لا يريد الافصاح عنه غير أن المحيطين به يكتشفون تبرمه مما يطرح من آراء ويريدون منه موقفاً معلناً بذلك، فيحاول في البداية مداراتهم والتملص من اعلان رأيه الخاص وفي الوقت نفسه التملص من الموافقة على الآراء المطروحة، ولكن الضغط يستمر الى أن يتحول الرأي المكبوت الى بحصة تحتاج لأن تبق. أخطر حالات «بق البحصة» هي تلك التي تجري بشكل جماعي، أي عندما يتعرض مجموعة من الناس لضغوط تهدف الى إعلان تبنيهم للآراء السائدة أو موافقتهم المعلنة عليها، فيما هم لا يرغبون بذلك وفي الوقت نفسه لا يرغبون في إعلان رأيهم الخاص، ويستمر هذا الضغط المزدوج الى أن يبقوا البحصة. |
|
|||||||||||||