العدد 37 - اقتصادي
 

جمانة غنيمات

أخيرا اقتنعت الحكومة بان قرارها برفع الدعم عن بعض أصناف المشتقات النفطية يأتي بآثار سلبية الفقراء، هذا الإدراك يتضح من تصريحات رئيس الوزراء نادر الذهبي الذي أكد أن الحكومة ستعود لدعم وقود الفقراء» الكاز».

أهمية التوجه الحكومي تكمن في توقيته إذ عانى الفقراء ما يكفي من الارتفاعات المتتالية لأسعار المحروقات ومجموعة السلع والخدمات خلال هذه السنة بعد أن بلغ معدل التضخم مستويات لا تقدر مداخليهم على تحملها، وقدر خلال النصف الأول من العام الحالي بنحو 13 بالمئة.

صحيح أن هذه الخطوة قد لا تكفي للتعويض عن جميع التكاليف الإضافية التي تحملها شريحة كبيرة من الأردنيين، لكنها مهمة وتطبيقها يحتاج إلى خطة محكمة وبعد تحديد دقيق للفئة التي على الحكومة أن تدعمها.

فأهم تحد يواجه تنفيذ الخطط الحكومية لتقديم الدعم لكاز هو صعوبة البحث عن هذه الفئة وتحديد الشريحة التي تجمعهم، فضلا عن الوقت الطويل الذي يستغرقه البحث عنهم وتعريف الفقير الذي يستحق دعم الكاز في الشتاء القادم الذي تحدث عنه رئيس الوزراء نادر الذهبي.

لكن المشكلة تكمن في صعوبة تعريف أصحاب الدخول المتدنية ومستحقي الدعم حيث يجب اعتماد مبدأ العدالة في ظل وجود الرواتب التقاعدية وقيمة الراتب الأساسي، وإيجاد معيار يحدد المستحقين من موظفي القطاع الخاص والمزارعين أو العمال فكلهم أردنيون ويدفعون الضرائب وغالبيتهم من محدودي المداخيل.

القضية الأساسية ليست أصحاب الدخول المتدنية والمحتاجين للكاز فالنظرة يجب أن تكون اشمل؛ فالضرائب على المحروقات 27% تتوزع على  ضريبة مبيعات وضريبة بلديات وضرائب نقل.

هناك باب آخر على الحكومة طرقه لتخفيف العبء عن الناس إلا وهو تخفيض الضرائب على المحروقات بنسبة 10-15% بين تخفيض 7-10% على المبيعات و 1-2% على البلديات إضافة الى وضع سقف اعلى للحصول على هذه التخفيضات سيخفف الاعباء على كافة شرائح المجتمع ويساعد على تنشيط الحركة الاقتصادية وتخيفض كلف الانتاج التي ستنعكس بالضرورة على الاسعار.

تطبيق هذه الفكرة يحيطه العديد من السلبيات أهمها نشوء سوق سوداء للكاز مستفيدة من الدعم المقدم لهذه المادة.

وكان الذهبي أكد أن وزارة المالية بدأت العمل للتوصل إلى الآلية المناسبة لدعم  الفقراء وذوي الدخول المتدنية قبل الشتاء مشيرا أن الدعم يمكن أن يقدم بواسطة بطاقة ذكية ستوفر لهذه الشريحة من المواطنين الحصول على مادة الكاز بأسعار مدعومة وبأقل من الأسعار العالمية.

وبين رئيس الوزراء أن «الظروف الاقتصادية غير العادية التي يمر بها بلدنا تتطلب تكاتف جهود الجميع والعمل معا للتخفيف من وطأة هذه الظروف على المواطنين من ذوي الدخل المتدني وممن هم تحت خط الفقر»، مؤكدا ان الحكومة ومن باب مسؤوليتها الاجتماعية تعتبر هذه الشريحة من المواطنين هي همها الاساسي».

توجه الحكومة لدعم الكاز لشريحة الفقراء والمحتاجين إيجابي وهو تفكير بالاتجاه الصحيح لتخفيف الأعباء المعيشية على أصحاب الدخل المحدود والمتدني، ولكن المشكلة «بتعريف الفقير حسب الدراسات المختلفة للحكومات المتعاقبة ومؤسسات المجتمع المدني والأمم المتحدة».

تمييز هذه الشريحة دون غيرها يعتمد على تحديد معدلات الدخل باعتبارها من أهم معايير تحديد الفقراء إضافة إلى فاتورة الكهرباء للأسرة أو من خلال ضريبة الدخل التي تحدد حجم الرواتب للأسر والانفراد.

وكانت الحكومة في العامين 2006 والعام الحالي اتبعت عدة آليات لتعويض المواطنين عن رفع أسعار المحروقات منها صرف زيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري. وتقديم الدعم النقدي المباشر لغير العاملين في العاملين والمتقاعدين في الجهازين العسكري والمدني على مرحلتين خلال العامين 2006 والعام الحالي.

وقد بلغ مقدار المخصص لهاتين الشريحيتن 60 مليون دينار توزع على مرحلتين.

تطبيق العدالة في هذه المسالة يتطلب دراستها بعمق وتان بحيث لا تكون آلية متسرعة تأتي بنتائج غير مقبولة، فعلى الحكومة من حث المبدأ اعتماد قوائم صندوق المعونة كسبيل لتقديم الدعم لهذه الشريحة، والسعي للبحث عن الشرائح التي تستخدم هذه المادة حتى لو لم تكن مسجلة في قوائم الصندوق.

وأشار الخبير الاقتصادي هاني الخليلي ان السياسة ليست واضحة والحديث عن مقترحات مبكر جدا في الوقت الحالي ولكن بمجرد وضوح أرقام الدعم سيتم تقديم مقترحات للوصول الى آلية عادلة لمختلف فئات وشرائح المجتمع.

وأضاف أن دعم الكاز مهم وحيوي ويجب ان يرافقه دعم السولار لأنه وسيلة تدفئة للبيوت «فليس بالضرورة ان تكون الصوبة دلالة على الفقر».

وأوضح الخبير حسام عايش أن هذه الآلية أفضل من البحث عن الفقراء الذين يستغرق البحث عنهم والوصول اليهم وقتا طويلا اضافة الى ايجاد سوق سوداء للكاز مستفيدة من الدعم المقدم لهذه المادة كما نشأت السوق السوداء لصرف الدولار في الماضي.

 وأشار عايش ان الآلية يمكن ان تتم بصرف بطاقة ذكية لاصحاب العلاقة والتي تنوي الحكومة استخدامها لأكثر من غرض او اصدار دائرة الاحوال المدنية هوية خاصة للاسر المعنية بهذا الامر.

يشار الى ان ضريبة الدخل والمبيعات انتهت من المرحلة الاولى من عملية صرف دعم المحروقات النقدي للمستحقين وتساعد لتقديم المرحلة الثانية، وزاد عدد الشيكات التي تم صرفها على 420 الف شيك بلغت قيمتها حوالي 18 مليون دينار استفاد منها اكثر من مليوني فرد من الاسر التي حصلت على الدعم. وطلبت الدائرة من المواطنين عدم مراجعة الدائرة ومديرياتها بخصوص تقديم طلبات الدعم او الاعتراض على مبالغ الدعم لانتهاء المهلة المحددة لتقديم طلبات الدعم و الاعتراض ، فيما تبدا الدائرة باتخاذ الإجراءات لصرف الدفعة الثانية من الدعم في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل.

دعم “الكاز”: أمام استحقاق تحديد المستحقين وإيصال الدعم بأسلوب لائق
 
31-Jul-2008
 
العدد 37