العدد 37 - اقتصادي
 

السجل-خاص

يبدو جليا أن الحراك الحكومي خلال هذه الفترة يسعى لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين الذين أتعبهم ارتفاع الأسعار، إذ أعلن رئيس الوزراء نادر الذهبي أن الحكومة بصدد وضع خطة لمواجهة ارتفاعات الأسعار.

وضع هذه الخطة وخلق نتائج لها على ارض الواقع أمرا ليس سهلا كون التضخم الحاصل مستورد أصلا.

فرصة الحكومة بتحقيق هذه الهدف يأتي من خلال مناورتها على العوامل الداخلية التي تساهم برفع الأسعار.

الأدوات المتاحة متعددة منها: مضاعفة الرقابة على تجار التجزئة الذين يبالغون في هوامشهم الربحية والتي تصل في بعض الأحيان إلى 30 بالمئة، تخفيض الحكومة الضرائب والرسوم على البضائع، توسيع عمل المؤسستين المدنية والعسكرية وإعادة إحياء الأسواق الشعبية كوسائل للحد من ارتفاعات الأسعار المتتالية للسلع والخدمات خصوصا مع اقتراب شهر رمضان المبارك.

وكان رئيس الوزراء قال إن "الملك عبد الله الثاني وجه الحكومة لإيجاد آلية للحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق المحلية قبل حلول رمضان للتخفيف من آثاره على أصحاب الدخول المتدنية والفقيرة في المملكة".

في إطار الخطط الحكومية أعلنت وزارة الصناعة والتجارة خطة حكومية استعدادا لشهر رمضان المقبل الذي يتوقع أن يهل مع مطلع شهر أيلول.

وكشف رئيس اللجنة العليا للأسعار أمين عام وزارة الصناعة والتجارة الدكتور منتصر العقلة عن الخطة التي أعدتها وزارة الصناعة لاستقبال الشهر الفضيل التي تتضمن تقسيم العمل إلى ثلاث مراحل وقد باشرت الوزارة بالمرحلة الأولى التي بدأت اعتبارا من الأسبوع الماضي ولغاية اليوم العاشر من رمضان، مشيرا انه قد تم عقد اجتماع مع مربي الدواجن يوم الخميس الماضي وقد تعهد المربون بتخفيض الأسعار وتوفير كميات كافية من الدواجن تكفي فترة شهر رمضان.

وأضاف الدكتور العقلة انه سيتم عقد اجتماعات متكررة مع مستوردي المواد الغذائية والمواد الرمضانية والمواشي واللحوم الطازجة، للتأكد من توفر الكميات خلال الشهر الفضيل لمعالجة أي نقص قد يحصل، مع التركيز على المواد الغذائية الأساسية والخضار والفواكه والمواد الرمضانية ( الجوز، جوز الهند، الزبيب، الصنوبر، قمر الدين، التمور والتمر الهندي) من حيث جودة هذه المواد ووفرتها لدى تجار الجملة والمستوردين وتجار التجزئة وإعلان أسعار بيعها والتقيد بها، إضافة إلى التركيز على المخابز ومحلات بيع الحلويات خصوصا القطايف من حيث إعلان السعر والتقيد به.

وبين الخبير الاقتصادي حسام عايش أن النفقات في رمضان تزداد عادة بحكم انه "شهر الإنفاق الرئيسي خلال السنة" فيما توقع ان ترتفع هذه الانفاقات خلال رمضان المقبل لتصل الى 100%، بسبب ارتفاع الأسعار المتواصل منذ رمضان الماضي والذي بلغ الى الان 30-40%.

ودعا عايش الحكومة لجعل رمضان شهر طوارئ من خلال تحديد سقف للأسعار ومراقبة هذه الآلية من خلال جهات رقابية تبلغ عن المتلاعبين بالاسعار، وتركيز الحكومة على زيادة المعروض في المؤسستين المدنية والعسكرية، وتطوير الاسواق الشعبية سواء في المناطق الشعبية او اسواق عمان الغربية حيث تعرض فيها اساسيات المواطن في رمضان.

الاسواق الموازية ما تزال احدى آليات ضبط الأسعار، والتي حاولت الحكومة تخفيض الأسعار بواسطتها لكنها لم تحقق النجاح المطلوب، فإعادة تفعيل هذه الاسواق يتطلب دراسة الاسباب التي أدت الى عدم تحقيقها الاهداف المطلوبة منها في السابق.

اهم الاجراءات الحكومية ستعتمد على اعادة النظر ببعض الضرائب المفروضة على السلع الامر الذي "سيؤثر على خزينة الدولة"، واعادة النظر "باحتكار القلة" لسوق المواد الغذائية كاللحوم والزيوت والسكر والارز ما قد يؤدي الى تخفيض مستويات الاسعار محليا نتيجة المنافسة اضافة الى الحفاظ على مخزون مناسب للسلع في الوقت الحالي وعرضها بالشكل المناسب الذي يجعل المواطنين لا يقبلون عليها بشكل كبير خلال رمضان.

بدوه اكد رئيس دوان المحاسبة الاسبق عبد الخرابشة ان 53% من ارتفاع الاسعار مستورد والباقي داخلي ولا بد من اتباع سياسات لمعالجة التضخم أو على الأقل استقراره، في الوقت الذي أشارت فيه الدراسات الدولية إلى أن مستويات الأسعار ستبقى مرتفعة حتى العام 2012 وهو ما سينعكس على مستويات الأسعار في المدى القصير والمتوسط في الدول النامية ومن ضمنها الأردن التي تعتمد على الاستيراد في السلع ومدخلات الإنتاج.

جملة الإجراءات الحكومية لمعالجة ارتفاع الأسعار تبقى جزئية ومنها إعلان البنك المركزي عن رفع الفائدة على القروض خاصة الاستهلاكية ما يحد من الطلب على الاقتراض ويرفع الاحتياطي الإلزامي من 8-9% ما يقلل قدرة البنوك على منح الائتمان.

اجراءات اخرى متاحة للحكومة هي تقوية شبكة الأمان الاجتماعي وتخفيض الرسوم الجمركية على السلع الأساسية دون معرفة مدى قدرة الحكومة تحمل هذا الامر، والتوسع بعمل المؤسستين المدنية والعسكرية وزيادة الأسواق الموازية، مبديا تخوفه من ان تزيد هذه الإجراءات من عجز الموازنة و بالتالي زيادة التضخم.

ودعا نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق الحكومة الى اتخاذ قرار بعدم فتح أبواب المؤسستين المدنية والعسكرية لغير المستحقين من ابناء المجتمع حيث يصبح الدخول اليها عبر بطاقة يحملها ذوي الدخل المحدود والمتوسط من القطاعين العام والخاص وتوجه الجهات الرسمية بإعطاء الأولوية في التخليص الجمركي للمواد الغذائية كي تبقى السلع متوفرة في الأسواق.

كما اكد ضرورة التنسيق اليومي مع وزارة الصناعة والتجارة لجعل العرض دائما اكثر من الطلب ما يضمن استقرار الأسعار على مدار العام و ليس خلال رمضان فقط، مشيرا الى قرب التوصل الى اتفاق يقضي بإعفاء بعض السلع الاساسية كبعض انواع البقوليات والخضار المجففة والتمور من الضرائب والجمارك خلال رمضان.

وكانت الحكومة السابقة اعفت 13 سلعة اساسية من الرسوم الجمركية وهي الحليب والاجبان والحمص والعدس والشاي والحنطة والشعيرية والذرة الصفراء والارز زدقيق الذرة وزيت النخيل والسكر.

واكد توفيق ان اجراءات الحكومة السابقة ساهمت بخفض الاسعار علما ان بعض الارتفاعات كانت من بلدان المنشأ فيما وفرت البدائل الشراية سلعا ارخص للمواطنين اضافة الى شبكة الامان الاجتماعي حدت من ارتفاعات الاسعار على مختلف المستويات فكل القطاعات تكمل بعضها البعض.

وكان مجلس الوزارء الغى الرسوم الجمركية ايضا على مواد غذائية اساسية ابرزها الذبائح واللحوم والاسماك المجمدة التي كانت تخضع للرسوم الجمركية وضريبة مبيعات تتراوح من 5 الى 22% مقابل زيادتها على مواد مختلفة اخرى من ابرزها المشروبات الروحية والتبغ واللواقط واجهزة التصوير بنسب تتراوح من 50- 100%.

ووصل التضخم في المملكة الى 13.3% وهو مستوى قياسي لم يصله منذ 17 عاما فيما يتوقع ان يصل الى 15% حتى مع نهاية العام الحالي.

وقال رئيس جمعية حماية المستهلك محمد عبيدات ان هناك اجراءات سريعة واخرى طويلة الامد للحد من ارتفاع الاسعار ولكن خلال الفترة المقبلة نحن بحاجة الى تمكين جمعية حماية المستهلك من تنفيذ حملات توعية وارشاد للمواطنين خلال رمضان كما فعلت الحكومة السابقة التي دعمت الجمعية ماليا لتنفذ خطتها الاعلامية والارشادية التي نجحت في العام الماضي.

واضاف ان من المهم ايضا دعم المؤسسة المدنية ماليا واداريا وقانونيا لتزيد حصتها السوقية لتصل الى 20% بدلا من 10%، وان يرضى تجار المواد الغذائية وهم في غالبيتهم وطنيون بهامش ربحي معقول، فيما تكثف وزارة الصناعة والتجارة رقابتها على الاسعار.

واكد عبيدات دور الاعلام والصحافة بالتعاون مع الجمعية والوزارات المعنية كالصناعة والتجارة والزراعة والصحة لتنفيذ حملات اعلامية ارشادية خلال رمضان وما بعده متمنيا انشاء اسواق شعبية مؤقتة خلال رمضان ونشرها في مختلف المحافظات وفي العاصمة لسد حاجات المواطنين من الخضار والفواكه.

واقترح عايش على الحكومة ان تبادر بحملة توعية خلال رمضان بأهمية التقشف وعمل افطارات تقشفية للتشجيع على ذلك، اضافة الى التفكير باقامة جمعيات تعاونية للاحياء اذا اسعف الوقت الحكومة، في حين على المواطن دور اضافي باستهلاك ما يحتاجه فقط خلال الشهر حيث ان زيادة الانفاق تزيد من العجز في دخله، مع التركيز على المنتجات الوطنية و الابتعاد عن منتجات الترفية التي تعرض في الاسواق الكبيرة.

واتفق مع الخبراء الاخرين على الغاء ضريبة المبيعات او تخفيضها بنسب معينة لا سيما على المحروقات التي ستنعكس بالضرورة على باقي السلع والمنتجات في ظل انخفاض اسعار المحروقات والاستفادة من تجربة الشهر الفضيل لتطبيقها على باقي السنة.

فيما طالب القطاع الخاص الإعلان عن نسبة ربح مقبولة على السلع خاصة أن مشكلة الاسعار عالمية ولكن 20-25% منها محلية ومبالغ فيه من قبل التجار ويجب على الحكومة ان تراقب اختلافات باسعار السلع من مكان لآخر.

وكانت وزارة الصناعة والتجارة رفضت التعليق على الموضوع لـلصحافة بحجة ان الموظفين ذهبوا الى بيوتهم حيث قال مدير مراقبة الاسواق حسوني محيلان ان الموضوع عند الأمين العام فيما بين مكتب الامين ان الموضوع عند مدير مراقبة الأسواق.

كبح التضخم يتطلب خططاً جادة تدرس أسبابه وتعالجها
 
31-Jul-2008
 
العدد 37