العدد 6 - اقتصادي | ||||||||||||||
بينما تعد الحكومة بإدامة تغذية رفع رواتب الموظفين، التي تقضم 80% من النفقات الجارية، يشكّك خبراء اقتصاد بنجاعة هذه الخطوة ويعتبر بعضهم أنها اعتمدت لتمرير قرارات رفع الدعم غير الشعبية عن السلع الأساسية والمحروقات. يؤكد مسؤول حكومي أن الحكومات “ستلتزم بهذه الخطة التي تستهدف تخليص الموازنة من أعباء قدرها مليار دينار كانت تخصص لدعم سلع مختلفة منها المشتقات النفطية”. ويرى المسؤول، الذي لم يشأ الإفصاح عن اسمه، أن “رصد 300 مليون دينار سنوياً أفضل من الاستمرار في سياسة الدعم” التي ترهق الخزينة. إلى ذلك يوضح أن الحكومة “أعدت سيناريوهات مختلفة لتحسين معدلات الأجور للعاملين والمتقاعدين عسكريين ومدنيين، والمستفيدين من صندوق المعونة الوطنية من خلال ربط الأجور بمعدلات التضخم لحماية هذه الفئات من تدني مستويات معيشتهم نتيجة رفع أسعار المشتقات النفطية” المقررة في آذار/ مارس المقبل. في المقابل يشكك خبراء اقتصاد في قدرة الحكومة على إدامة زيادات الأسعار عبر السنوات المقبلة، فيما يستبعد عدد منهم استمرارها بعد 2008 ل”عدم توافر الموارد المالية المقدرة سنويا بحوالي نصف مليار دولار”. يقدر عدد الموظفين والمتقاعدين في القطاع العام ومنتفعي صندوق المعونة الوطنية ب 643 ألف موظف ومتقاعد يعيلون حوالي 2.3 مليون نسمة، نصف عدد سكان المملكة تقريباً. وكان رئيس الوزراء المهندس نادر الذهبي في خطاب الثقة وعد النواب بزيادة الاجور ورصد مبلغ 500 مليون دينار لشبكة الأمان الاجتماعي استجابة للتوجيهات الملكية بربط الأجور بمعدلات التضخم لتحسين مستوى معيشة المواطن. الخبير الاقتصادي الدكتور مازن مرجي بين ان العمل بمعادلة ربط الاجور بالتضخم ستطبق لعام واحد فقط كوسيلة لتمرير القرارات غير الشعبية للحكومة، الا ان الخبير رحب بالفكرة شارحاً دورها في تقوية المواطنين لتحمل موجات الغلاء المتوقعة عام 2008. لكن مرجي نبه إلى أن زيادات الأجور تقتصر على فئات معينة، وتغفل شريحة كبيرة من المجتمع، ويبدي تخوفاً من أن تفرغ هذه الزيادات من معناها وهدفها قبل أن تصل جيوب الأفراد سيما وأن الزيادة المتوقعة قد لا تكفي لسد الفجوة بين دخل الفرد ونفقاته جراء ارتفاعات الأسعار المتتالية خلال العام الحالي. ويعتقد مرجي أن رفع الدعم عن السلع يأتي استجابة لطلبات صندون النقد والبنك الدوليين، ويعبر عن “تخلي الحكومة عن دورها في دعم المواطنين وحمايتهم”. وقال “ على الحكومة تطبيق قوانين المنافسة والاحتكار لحماية المواطن المستهلك”. المسؤول أوضح أن السيناريوهات على اختلافها تعتمد مبدأ زيادة الأجور بمقدار التضخم اعتمادا على الراتب الأساسي لكل من تشمله الزيادة سواء اكان عاملاً أم متقاعداً، لكنها تختلف من ناحية معدل الزيادة المتوقعة والتي سيتم تحديدها تبعاً لنسب التضخم خلال العام القادم. وأدرجت الحكومة مخصصات الزيادة في بند النفقات العامة لحين إقرار الزيادة في الأسعار ليتم إسقاطها على سلم الرواتب تبعا لمقدارها، وتتوزع الزيادة على نحو 200 مليون دينار للعاملين والمتقاعدين من القطاع العام ومنتفعي صندوق المعونة الوطنية و100 مليون للقطاع غير المنظم. دائرة الإحصاءات العامة قدرت معدلات التضخم خلال النصف الأول من العام الجاري 3ر6% ويتوقع خبراء أن يغلق العام الحالي عند مستوى 5% وأن تصل خلال الربع الأول من العام المقبل 10% نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية(100 دولار للبرميل). مدير دائرة الإحصاءات العامة المعنية باحتساب نسب ارتفاع أسعار المستهلك الدكتور غازي شبيكات قال “الآلية تختلف بناء على القرار الذي سيحدد المنهجية المتبعة من ناحية اعتمادها على نسب التضخم السابقة أم اللاحقة”. كذلك، يرى شبيكات أن “مقياس التضخم المعتمد سيؤثر بشكل ومضمون الآلية” مبيناً أن العمل “وفق مقياس التضخم الإجمالي يختلف جذرياً عن مقياس التضخم الأساسي” الذي يأخذ بعين الاعتبار التقلبات المفاجئة في الأسعار. و”تعكس نسب التضخم مقدار تآكل دخول المواطنين” بحسب شبيكات. و”تتسم هذه السيناريوهات بالعدالة لمن هم على الجداول الرسمية”، بحسب المصدر الذي يعتقد أن” عدم توافر قاعدة بيانات لجميع الأردنيين سيقف عائقا أمام تعويض الجميع عن ارتفاع الأسعار”. ورغم المطالبات المتكررة منذ سنوات من قبل مسؤولين وخبراء بأهمية وضع قاعدة المعلومات ضمن استراتيجيات التخطيط للحد من مشكلة الفقر، إلا أن الاستجابة لهذه الدعوات بدأت متأخرة، وجاءت بداياتها العام الماضي حينما قامت الهيئة التنسيقية للتكافل الاجتماعي بطرح عطاء لإعداد القاعدة والعمل جار على تأسيسها. من جانبه يعتقد مرجي أن وصول الدعم المخصص للأسر والمواطنين المحتاجين، يحتاج الى إعداد قاعدة بيانات شاملة لجميع الفقراء والمحتاجين في المملكة لاستخدامها بالطريقة الأمثل عند تقديم أي خدمة أو أي دعم لضمان عدالة التوزيع. الخطط الموجودة الآن بين يدي وزير المالية الدكتور حمد الكساسبة بنيت على توقعات بأن يبلغ معدل التضخم 8، 9، 10% وتم احتساب قيمة الزيادة المتوقعة على الأجور وفق هذه النسب، وتشتمل الخطط أيضا على وقف صرف الزيادات السنوية لا سيما وأن مقدار الزيادة المقررة يفوق قيمتها. “صعوبة تطبيق فكرة ربط الأجور بالتضخم” التي يؤكدها الخبراء ينفيها المسؤول الذي يؤكد أنها” قابلة للتطبيق ومرنة بحيث تستوعب التغيير الحاصل في نسب التضخم” وأن التطبيق سيعدل سنوياً اعتماداً على نسب التضخم المتوقعة عاماً بعد آخر. وفيما يتعلق بالقطاع غير الرسمي رجح المصدر أن يتم تعويض هذه الفئة باستخدام آلية التعويض التي طبقتها الحكومة السابقة، وبحسب الآلية يحصل كل فرد تقل حصته السنوية عن ألف دينار من دخل الأسرة السنوي على التعويض النقدي الذي يتراوح بين 10-25 دنانيرا للفرد الواحد بحد أعلى ستة أفراد من الأسرة الواحدة. وبلغت تكلفة الدعم النقدي للعاملين، المتقاعدين العسكريين، المدنيين والمنتفعين من صندوق المعونة الوطنية حوالي 31.6 مليون دينار قرر صرفها على دفعتين مناصفة خلال العام الماضي. |
|
|||||||||||||