العدد 36 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
كان المنتمون إلى أحزاب أردنية في فترة ما قبل الديمقراطية يغارون من إخوانهم المنتمين إلى المنظمات الفلسطينية، بسبب قدرة الأخيرين الفائقة على تحويل المواقف والأحداث والبرامج السياسية إلى شعارات مكثفة وذات وقع موسيقي، بحيث يمكن الهتاف بها بسهولة، أو كتابتها على الجدران والبوسترات، وقد كان حفظها سهلاً فتنتشر بسرعة في كل مواقع التواجد الفلسطيني، فكان يكفي أن تقول عبارة «من الميّة للميّة» حتى تعني كامل فلسطين، وبمجرد الهتاف بعبارة «ما بدنا طحين ولا سردين» فذلك يعني رفض اللجوء والتوطين والتعويض. كان الناس يستعيضون بهذه العبارات عن الحاجة للتحليل السياسي الذي كان من مهمة النخب والقادة، لكن هؤلاء القادة لم يكن بمقدورهم القيام بالتحليل، إذا لم يدركوا الخلاصة التي تمثلها تلك العبارات والشعارات التي يغنيها الناس ويهتفون بها. منذ بدء المفاوضات وبالذات منذ بدء سلسلة الاتفاقات فقد أشقاؤنا الفلسطينيون هذه المهارة، فلم يعد بمقدور الناس الهتاف مع أو ضد هذه الاتفاقـات وتـوابعـها ومحلقاتها ولا حتى أشخاصها. ما تزال الصعوبات على هذا الصعيد تتواصل، فكان من الصعب لأسباب موسيقية الهتاف ضد أو مع «أوسلو –1» أو «أوسلو –2» أو «اتفاق واي بلانتيشن» كما كان صعباً التغني «برسائل التطمينات الأميركية» أو «ورقة تينيت» والآن من الصعب الهتاف لـ«رؤية بوش» أو «مقررات انابوليس». باختصار كانت الأحداث والخطط والبرامج تستدعي وجود جمهور من المشجعين والهاتفين معها أو ضدها، إما الآن فالحاجة اقتصرت على وجود «هَتّيفة» معها أو ضدها أيضاً، ومن حسن الحظ أن «الهتيف» لا يحتاج الى الموسيقى والصياغات المتقنة لكي يقوم بعمله. |
|
|||||||||||||