العدد 36 - احتباس حراري
 

يحمل التغير المناخي معه تهديدات حقيقية على صحة الإنسان، إذ أصدرت وكالة الحماية البيئية EPA تقريراً قبل أيام بينت فيه أن أعداد الوفيات خلال أشهر الصيف الحارة ستتضاعف، وأن كبار السن والفقراء والذين يقطنون وسط المدن هم الأكثر عرضة لهذا التهديد.

كما بين التقرير أن التغير المناخي قد يؤدي إلى حدوث فيضانات قوية وإلى تقلص في المصادر الطبيعية للمياه العذبة الصالحة للشرب، وإلى انتشار مزيد من الأمراض المعدية والخطيرة المتعلقة بنقص الغذاء والمياه.

وأشار التقرير إلى أن الفيضانات وموجات الجفاف الناتجة عن التغير المناخي سوف تحول الأمراض العادية إلى أمراض خطيرة، إذ إن الأجواء الحارة والقاسية السائدة الآن ستهيء مناخاً مناسباً لانتشار العديد من الأمراض المعدية في وقت واحد، ما قد يؤدي إلى القضاء على أنواع بأكملها من الكائنات الحية.

وأظهر التقرير أن التغير المناخي الذي يسببه انبعاث غازات ثاني أكسيد الكربون سوف يغير من شكل العلاقة التقليدية بين الكائنات المسببة للأمراض والكائنات التي تصيبها الأمراض، فتحول الأمراض العادية إلى أمراض مميتة.

وبين التقرير أن الأمراض المميتة انتشرت فوراً بعد موجات جفاف شديدة اجتاحت عدة مناطق، في أوروبا مثلاً، وكان لها تأثير كبير على النظام البيئي.

إلى ذلك، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن ملايين الناس سيصبحون عرضة للإصابة بالأمراض المعدية بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض. وقالت مديرة الصحة العامة والبيئة في منظمة الصحة العالمية، ماريا نييرا، إن العالم سيواجه خلال السنوات المقبلة مزيداً من الارتفاع في درجات الحرارة ونقصاً في المياه، محذرة من أن ذلك سيؤدي لانتشار أمراض معدية مثل: الملاريا، وحمى الدنغ، والكوليرا.

وسوف يزيد الاحتباس الحراري، خلال أشهر الصيف المقبلة، من قابلية النباتات والحيوانات للإصابة بالأمراض، علماً بأن التنبؤات تشير إلى أن متوسط ارتفاع درجات الحرارة في العام 2100 سيراوح بين 1,4 و 5,8 درجة مئوية مقارنة بمعدلاتها العام 1990.

كما يتوقع أن ترتفع درجات الحرارة أثناء الليل، وبمعدل أكبر أثناء النهار، كما سيزداد معدل ارتفاع درجة الحرارة في فصل الشتاء عن معدلات الارتفاع أثناء الصيف، ما سيدفع الحشرات التي تنقل الأمراض إلى أن تهاجر من المناطق المدارية إلى المناطق الأكثر اعتدالاً، إذ إن الأمراض يمكن أن تنتشر بشكل أكبر في المناطق المعتدلة حيث يوجد عدد أكبر من البشر.

وهناك العديد من النماذج حول تأثير المناخ في انتشار الأمراض، مثل انتشار حمى الوادي المتصدع، وهو مرض فيروسي خطير ينقله البعوض في بعض مناطق شرق إفريقيا التي تتأثر بالأمطار الغزيرة، وقد أسفر هذا المرض عندما انتشر آخر مرة على نطاق واسع في العام 1998 عن مقتل الآلاف.

**

آل غور: من أجل طاقة

لا تمس سلامة الأرض

قرر نائب الرئيس الأميركي السابق، آل غور، أن يبذل كل ما في وسعه من أجل إقرار سياسة بيئية جديدة، من شأنها تحسين «أمن الطاقة» في الولايات المتحدة، ومحاربة ظواهر التغير المناخي.

وقدم نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور، الحائز على جائزة نوبل للسلام في 2007، خطة جديدة لإنتاج الطاقة في الولايات المتحدة بنسبة 100بالمئة من الطاقات المتجددة في غضون عشر سنوات.

وكان آل غور قد عاد، بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية العام 2000 أمام منافسه، آنذاك، الرئيس الحالي جورج بورش، إلى الحياة السياسية الأميركية بعد إنتاجه الفيلم الوثائقي الحائز على جائزة الأوسكار An Inconvenient Truth، الذي يتناول ظاهرة الاحتباس الحراري.

وأطلق آل غور، في نيسان الماضي، حملة كبيرة تمتد ثلاث سنوات من أجل الدفاع عن القضايا البيئية ونشر الوعي بمخاطر تغير المناخ، وسيقوم غور خلال الحملة بدعوة الإدارة الأميركية إلى الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وقال متحدث باسم حملة "معا" التي تدعم آل غور، إنهم يفكرون بطريقة جديدة بشأن إنتاج الطاقة واستهلاكها، وأن ذلك يمكن تحقيقه في حال تحالفت القوى معا. وقال المتحدث: "آل غور سيقدم طريقة جديدة لتحفيز المواهب الأميركية لبناء مستقبل أكثر أمناً فيما يتعلق بمصادر الطاقة."

وحملة "معا" التي أطلقت للترويج الإعلاني لحملة آل غور ستكلف مبدئياً 300 مليون دولار تنفق في غضون ثلاث سنوات. جزء من تمويل هذه الحملة جاء من أموال آل غور، وهي أموال ناتجة عن أرباحه الخاصة من مبيعات كتابه والفيلم البيئي الوثائقي، وحصته في جائزة نوبل للسلام التي فاز بها مناصفة مع مسؤولي اتفاقية الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ.

وقارن آل غور هذا البرنامج بالبرنامج الذي أطلقه الرئيس جون كينيدي لإرسال رجل إلى القمر. وقال "يجب أن نستنهض بلادنا الآن لتحقيق هدف جديد يغير التاريخ". وأضاف "اكرر القول إن الفرصة متاحة لنا للقيام بخطوة كبيرة من أجل البشرية".

 وبين آل غور أن التغير المناخي يزداد سوءاً بدرجة أكبر مما كنا نتوقع مبيناً أن الكتلة الجليدية يمكن أن تذوب كلياً خلال خمس سنوات في أشهر الصيف فقط.

وقال إن أكبر كتلة جليدية في غرينلاند والتي تدعى جاكوبشافن تخسر 20 مليون طن من الجليد يومياً، أي ما يعادل كمية المياه التي يستهلكها سكان نيويورك سنوياً.

وقال آل غور إن واحداً من الأسباب الراهنة والمحتملة هو الارتهان إلى الطاقات الأحفورية. وقال "هذا يدمر الكرة الأرضية".  ودعا آل غور إلى التفكير جدياً في استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل واسع، مبيناً أن ارتفاع أسعار النفط يجعل استخدام هذه الطاقات ممكناً على الصعيد الاقتصادي. وأكد "عندما يرتفع الطلب على النفط والفحم، ترتفع أسعارهما. وعندما يرتفع الطلب على اللوحات الشمسية غالباً ما يتدنى سعرها".

 وطالب آل غور كل من يرى أن عشر سنوات فترة غير كافية للانتقال إلى الطاقات المتجددة، بأن يأخذوا في الاعتبار ما تنشره الدراسات المؤكدة عن المخاطر التي يمكن أن تواجهها البشرية في حال لم تتخذ إجراءات كفيلة للحد منها خلال السنوات العشر المقبلة.

وفي سياق متصل حصل آل غور على دعم المرشح الديموقراطي الى البيت الأبيض باراك أوباما الذي وافق على كل ما يطرحه آل غور ووعد إذا ما انتخب رئيساً بتخصيص مبالغ طائلة للاستثمار في الطاقات المتجددة.

“الحماية البيئية” تتنبأ بكوارث خلال أشهر الصيف
 
24-Jul-2008
 
العدد 36