العدد 36 - حريات
 

حمزة السعود

لم يمر الرسم "الكاريكاتيري"، الذي نشره الفنان عماد حجاج في صحيفة الغد يوم العاشر من تموز الجاري، مرور الكرام على ناشطات في مجال حقوق المرأة رأى فيه بعضهن موقفاً سلبياً، فيما أصر هو على موقفه القائم على أن وضع المرأة الحالي هو نتيجة سلبيتها وأنها هي المسؤولة عنه.

هذا الموقف السلبي لحجاج من المرأة يمثل فحوى الرسم الكاريكاتيري المنشور. ففيه حمل رسام الكاريكاتير المرأة العربية مسؤولية وجودها على الهامش بين المجتمع واللامجتمع وتنامي الثقافة الذكورية.

الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، أسمى خضر، وجهت رسالة إلى رئيس تحرير صحيفة الغد، جورج حواتمة، ترد فيها على ما اعتبرته إساءة بالغة بحق المرأة العربية عموماً والمرأة الأردنية خصوصاً، وذلك في أول قضية في البلاد يكون محور الخلاف فيها رسم كاريكاتيري محلي.

قالت خضر في رسالتها:«إن إشارة حجاج إلى عداء المرأة العربية لنفسها في الرسم المذكور كان جلياً»، وهو ما اعتبرته تصويراً سلبياً فجاً. «اللجنة الوطنية لشؤون المرأة تستنكر تصويره للمرأة على أنها ترضى بالضرب والإهانة وتعدد الزوجات، وتحب إنجاب الذكور وتكره البنات».

وأضافت خضر: «يعلم الفنان عماد حجاج وهيئة تحرير «الغد» تماما ان السلبيات هي الاستثناء الذي لا يجوز تعميمه، وهي ليست سلوكيات سلبية تتحملها المرأة، بل المجتمع برجاله ونسائه، جراء المفاهيم والعادات التقليدية السلبية».

العين هيفاء أبو غزالة، أمين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة، قالت إنها «فوجئت» عندما رأت الرسم الكاريكاتوري الذي أتى خلافا للخط الإبداعي المعتاد من حجاج وتعلّق «لا أعرف بماذا كان يفكر عندما وضع الرسم!» وتضيف أبو غزالة أن «الرسم لا يسيء فقط للمرأة العربية والأردنية وإنما لحجاج كفنان أردني متميز، فماذا يعنينا هذا المسلسل إذا رغب الناس في مشاهدته؟» وتتساءل أبو غزالة «لماذا لم يصور بطلة المسلسل أمام الرجل العربي؟».

حجاج تشبث بموقفه الذي عبر عنه في رسمه الكاريكاتيري، وأعلن اختلافه مع الناشطات المناصرات لحقوق المرأة، مشيرا إلى أن «السلوكيات الإيجابية للمرأة هي الاستثناء، وأتحدى اللجنة الوطنية لشؤون المرأة أن تفسر تراجع نسب التعليم العالي للمرأة في الوطن العربي».

قال حجاج إن المرأة العربية تتحمل جزءاً من المسؤولية في تصويرها على هذه الشاكلة، لكن هذا لا يعني بأن الرسم موجه ضدها «موقفي كان دائماً داعماً للمرأة، وحتى في القراءة الثانية لهذا الكاريكاتير نجد أنه في صالح المرأة، حيث تسمى هذه التقنية «المعالجة بالصدمة» كنوع من الاستفزاز لتغيير الواقع».

ترى العديدات من ناشطات حقوق المرأة أن المشكلة الأكبر التي تواجها المرأة هي العنصرية التي تخفيها الذكورة تحت غطاء الحيادية، والتذرع بتصوير الواقع كما هو وليس كما يجب أن يكون، والواقع في سكونه وثباته لا في حركته وتغيراته.

يقول أكاديمي بارز، رفض الكشف عن هويته إن حجاج وقع ضحية ما يعرف بـ«الوعي المزيف» الذي يتصور صاحبه، لشدة اقتناعه به، أنه وعي صائب وحقيقي.

حالة «الهوس» بشخصية مهند في المسلسل التركي (نور)، وتصويره فارساً للأحلام لدى جمهور الفتيات والنساء العربيات، إضافة لإرتباطه بمجموعة من أخبار الطلاق والخلافات الزوجية «كانت السبب وراء استنهاض فكرة هذا الرسم»، يقول حجاج. متمسكاً برأيه الذي عبر عنه الرسم الكاريكاتيري «أملك الحق بالاعتقاد بأن المعجبين بهذا المسلسل «تافهين وفارغين»، حيث أن شخصية مهند تنتمي إلى الثقافة التركية المبغضة للعرب، وما نشاهده هنا هو ولع الضحية بقاتلها».

«إقحام حجاج للثقافة التركية (العثمانية) «المبغضة للعرب»، شكل حرفا للنقاش وابتعادا به عن أهدافه، وإضعافا لمستوى نقاشه لموضوع لا علاقة له من قريب أو بعيد بالموضوع قيد النقاش،» يقول الأكاديمي لـ«ے».

النظرة الأحادية والتصوير السطحي للمرأة العربية بهذا الرسم، ووسمها بالجهل وغض الطرف عن بعض الرجال «الذين يهرولون وراء نساء الشاشات الفضائية، إضافة لتأثير حجاج الكبير على القراء، هو ما سبب هذا الاستياء الكبير»، تقول عضو اللجنة الإعلامية لشبكة مجابهة العنف ضد المرأة «شمعة»، سمر حدادين.

خضر طالبت رئيس تحرير «الغد» باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة هذه الإشكالية ومنع تكرارها، داعية رسام الكاريكاتير عماد حجاج للعودة إلى تسخير إبداعه لخدمة القيم الإنسانية، مشيرة إلى أن اللجنة لا تضيق ذرعا بنقد الممارسات السلبية «إلا أنها التزاما بالمواثيق الأخلاقية والأسس المهنية للإعلام ومصلحة الوطن، ترى أن التعميم في الوصف في الرسم المنشور ينطوي على بث رسالة إعلامية سلبية خاطئة لن تؤدي إلى تصويب السلبيات بل تكريسها، كما لو أنها الواقع العام، ومن شأنها أن تؤدي إلى عكس الرسالة المقصودة».

رسم حجاج لم يثر ناشطات في حقوق الإنسان وحقوق المرأة فقط، بل أثار حفيظة آخرين عبروا عن تصور مغاير لما رسمه حجاج، ففي مقابل رسم حجاج، نشرت «ے» على الصفحة الأولى من عددها رقم 35 رسماً كرتونياً للفنان ناصر الجعفري بدا فيه وكأنه يرد بصورة غير مباشرة على رسم حجاج، منصفا المرأة وكاشفا عن حقيقة النظرة الدونية التي ينظر بها إليها بعض الرجال في مجتمعنا.

امرأة حجاج “الكاريكاتيرية” تضعه في مواجهة مع ناشطات نسويات
 
24-Jul-2008
 
العدد 36