العدد 36 - استهلاكي | ||||||||||||||
من المتوقع أن يمثل رفع أجور الزيارات الطبية بنسب تراوح بين 25 و50 بالمئة، قضية شائكة سيقع المواطن في النهاية ضحية لها. وفيما تدافع نقابة الأطباء عن قرار ها "تعديل الأجور الطبية" بزعم أنه "يحافظ على مستوى الخدمة الطبية في المملكة"، تجادل شركات التأمين بأن قرار كهذا، في حال تنفيذه من شركات التأمين التي تقدم خدماتها لنحو 30 بالمائة من الأردنيين، سيؤثر على المواطن الذي سيكون المتأثر النهائي بهذا القرار. نقابة الأطباء كانت أصدرت منتصف الشهر الماضي لائحة طبية رفعت كشفية الطبيب العام في حدها الأدنى من 3 إلى 5 دنانير، وفي حدها الأعلى من 5 إلى 8 دنانير. القرار رفع كشفية الطبيب المختص من 7 إلى 10 دنانير في حدها الأدنى وفي حدها الأعلى من 10 إلى 20 ديناراً. القرار زاد أيضاً من قيمة «نقاط» العمليات التي تعتمدها النقابة لتحديد أجور العمليات الجراحية. فمثلاً ارتفعت قيمة النقطة الواحدة لجميع الدرجات بنسبة تراوح بين 25 و30 بالمائة، بحسب نوع العملية. ولم يلتزم جميع الأطباء الاختصاصيين بهذه «التسعيرة الجديدة». بعض الأطباء فضلوا الإبقاء على الأسعار القديمة رغبة منهم في الحفاظ على زبائنهم واجتذاب زبائن جدد، فيما قرر آخرون الالتزام بالتسعيرة مباشرة ورفعوها إلى 15 ديناراً للكشفية في عيادة الطبيب. العديد من المواطنين اشتكوا من اللائحة الجديدة «التي ستزيد همّا إلى همومهم»، خصوصاً مع ضعف الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة والازدحام الشديد الذي تشهده مستشفياتها ومراكزها الصحية. وتقول عاملة في إحدى الصيدليات: «ارتفعت فاتورة العلاج الشهرية كثيراً، وهذا يضغط على دخل عائلتي. رفع طبيب القلب الذي يعالج زوجي أجره من 15 إلى 25 ديناراً والطبيب النفسي الذي يعالج ابني من 25 إلى 50 ديناراً للجلسة الواحدة». رمزي زاهد، أب لثلاثة أطفال، اشتكى أيضاً من أن طبيب أطفاله رفع «كشفيته» إلى 15 ديناراً بعد ان كان يتقاضى 7 دنانير. ورغم ان عائلة زاهد تتمتع بتأمين صحي في المشافي الحكومية، فإن انتظار الدور يمنعه من الذهاب. يقول: «أخذت ابني للمستشفى عندما مرض، وكان ذلك يوم سبت، فأعطوني موعداً ليوم الثلاثاء. وتساءلت هل يحتمل ابني المريض الانتظار ثلاثة أيام؟» هذا الموظف مؤمن لدى شركة خاصة ويدفع رسوم تأمين عائلي بواقع 250 ديناراً سنوياً لكل فرد من أفراد عائلته. شركات التأمين لم تطبق التعرفة الجديدة للأطباء. مدير دائرة التأمين الصحي في الشركة الأردنية الفرنسية للـتأمين، سائد قسوس، قال إن معظم شركات التأمين ما زالت تعمل على أساس «لائحة 98». الشركات هذه تعتمد الحد الأدنى لأجور الأطباء كونها تؤمن لهم «أعداداً كبيرة من المراجعين». اتحاد شركات التأمين عقد ورشة يوم الأربعاء الماضي لمناقشة اللائحة الطبية الجديدة. قسوس يؤكد أن أجور «كشفيات» الأطباء «نصف مصيبة»، وهي لا تمثل مشكلة بقدر رفع أجور المستشفيات والعمليات الجراحية التي تضاعفت أو أصبحت ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في السابق. مسؤول في شركة تأمين أخرى يؤكد ان الأطباء يبالغون في أجورهم خصوصاً وأن معظمهم يغير من أجره، فيزيده أو ينقصه بحسب هيئة المريض وهندامه وحتى سيارته يقول: «كثير من الأطباء لا يلتزمون بتسعيرة محددة. إذا لاحظوا أن المريض غني فهم يرفعون الأجر، أما إذا كان فقيراً فيبقون على أجرهم الطبيعي. وهذا ما حصل مراراً عندما كان يراجعهم مرضى من دول الخليج مثلاً، حيث كانوا يرفعون أجورهم بشكل صاروخي لتصل الكشفية إلى 100 دينار في كثير من الحالات». لكن نقيب الأطباء، زهير أبو فارس، يعارض كل هذه الاتهامات، ويؤكد أن الأطباء الأردنيين مثال في «الشعور بالمواطنين وتلمس احتياجاتهم». أبو فارس شن في حديث لـ«ے» هجوماً معاكساً على الشركات «التي تربح بالملايين على ظهر الأطباء». يقول: «هذه الشركات تتقاضى رسوماً عالية من المواطنين الذين يستحقون خدمة جيدة. هذه الشركات تدفع القليل للأطباء وتحتفظ بالفرق لتحقق أرباحاً عالية جداً». ويضيف: «الشركات ضاعفت رسومها غير مرة، ولكنها في الوقت ذاته لم تزد أجور الأطباء ويا ليتها على الأقل التزموا بلائحة 98!» أبو فارس يؤكد أن النقابة لن «تقبل باستمرار إيذاء الأطباء وابتزازهم»، ويطالب الإعلام بتسليط الضوء على الإنجازات الطبية الأردنية و«عدم الانجرار وراء تصريحات «عاطفية تمثل الأطباء على أنهم جناة على المواطنين». يقول «الأطباء مواطنون صالحون قضوا في المعدل 15 عاماً من حياتهم في الدراسة والاختصاص والتدريب، وهم يستحقون أن يعيشوا بكرامة ضمن مستوى حياتي مقبول.» أبو فارس يؤكد أيضاً أن 80 بالمائة من الأطباء «يا دوب مدبرين حالهم»، ويقومون بعملهم في ظروف صعبة «في الليل ووسط ثلج الشتاء» لخدمة الناس. وإذا لم يدعم المجتمع القطاع الطبي «فإنه سيدفع الثمن وستهاجر الكفاءات إلى الخارج بحثاً عن فرص عمل ودخل أفضل». في المحصلة، يؤكد النقيب، أن نحو 78 بالمئة من أفراد المجتمع الأردني مؤمنون في مستشفيات وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية والجامعات والمراكز الصحية المجانية، وإذا لم «يكن المواطن قادراً على دفع أجور الأطباء الخاصين، فليذهب للعلاج في الحكومة». |
|
|||||||||||||