العدد 36 - أردني | ||||||||||||||
حسين أبورمّان قانون الجمعيات والهيئات الاجتماعية القديم رقم 33 لسنة 1966، أدى دوره كمرجعية قانونية لعمل الجمعيات على مختلف أنواعها على أتم وجه، ولم يكن بحاجة إلى تعديل أو إصدار قانون جديد بديل عنه ،إلا لغرض التطوير ومواكبة التقدم الذي طرأ على منظمات المجتمع المدني لا سيما خلال العقدين الماضيين. لكن النتيجة جاءت للأسف مخيبة للآمال. ضاعف القانون الجديد أشكال الرقابة الصارمة على عمل الجمعيات عبر معظم مواد القانون. من بين أكثر المواد لفتاً للانتباه، مادة لا تعتبر قرارات الهيئة العامة للجمعية التي تمثل مجموع الأعضاء نافذة إلا بعد إيداعها لدى الوزارة المختصة، رغم أن القانون حفظ حق كل من الوزير المختص و"مراقب السجل" تسمية ممثل عنه لحضور اجتماع الهيئة العامة. فضلاً عن ذلك، فإن الهيئة الإدارية المنتخبة من قبل الهيئة العامة لا تعتبر هي الأخرى نافذة إلا بعد موافقة الوزير عليها، وكذلك الأمربما يتعلق بأي تعديل في أي من أحكام نظامها الأساسي. منظمات المجتمع المدني نجحت في وقت سابق، في تقديم بديل متكامل لقانون الجمعيات القديم عبر صياغة "مشروع قانون لمنظمات المجتمع المدني" بالتعاون ومباركة وزارة التنمية السياسية عام 2007، غير أن المشروع وئد في ديوان التشريع، ولم ير النور. ولعل من طرائف الأمور أن يكون مشروع القانون الذي أعدته الحكومة قد استفاد من عناصر مشروع منظمات المجتمع المدني، وبخاصة فيما يتعلق بـ "سجل الجمعيات" و"صندوق دعم الجمعيات" ، إلا أنه أفرغهما من محتواهما المتطور. تقوم رؤية منظمات المجتمع المدني للتطوير المنشود على إنشاء "السجل الوطني لمنظمات المجتمع المدني" الذي يتمتع بشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري، وتناط به مهام التسجيل والإشهار للمنظمات، ومراقبة عملها، وتوفير الدعم لها على قاعدة عدالة التوزيع. ويدير السجل مجلس إدارة يتشكل بقرار من مجلس الوزراء مشتملاً على تمثيل حكومي ومدني متوازن، مع ممثلين عن الجامعات والقطاع الخاص والمجالس المحلية المنتخبة. لكن مشروع القانون بدل أن يستفيد من هذه الرؤية، نص على إنشاء سجل للجمعيات للقيام بالأعمال الإدارية التي كانت تقوم بها وزارة التنمية الاجتماعية دائماً. وفي ما يلي تلخيص لأبرز عناصر قانون الجمعيات الجديد الذي يفرض على جمعيات عُمر بعضها من عمر الاستقلال، أن تكيف أوضاعها خلال سنة بعد نفاذ القانون الذي ينتظر مصادقة الملك عليه ،بعد إجازته من مجلس الأعيان كما هو دون تعديل: سجل الجمعيات: نص القانون الجديد على إنشاء "سجل الجمعيات" الذي يشرف عليه موظف يسمى "مراقب السجل"، يعين بقرار من مجلس الوزراء. لكن هذا السجل لا يتمتع بأية استقلالية، فالسجل ينشأ في وزارة التنمية الاجتماعية، ويرتبط مراقب السجل بوزير التنمية الاجتماعية. يتولى مراقب السجل بالتنسيق والتعاون مع الوزارات المعنية تحديد الوزارة المختصة بكل جمعية وفقاً لنظام خاص يصدر لهذه الغاية، وقيد الجمعيات في السجل وإصدار شهادة نسجيل لها. تداول المناصب القيادية: لم يضع القانون الجديد أية شروط تقيّد عدد الدورات التي يجوز للشخص أن يكون فيها رئيساً لهيئة إدارة جمعية أو عضواً فيها،وكما كان الوضع عليه في القانون السابق، هذا رغم أن مشروع القانون المقدم من الحكومة اقترح أن لا تزيد رئاسة أي عضو للهيئة الإدارية عن دورتين متتاليتين، وأن لا تزيد عضوية أي شخص في الهيئة الإدارية عن أربع دورات متتالية، إلا بموافقة الوزير في كلتا الحالتين. التبرعات والتمويل: اشترط القانون الجديد على الجمعيات أن تعلن في تقريرها السنوي، عن أي منح أو تبرعات حصلت عليها من أشخاص أردنيين ،على أن تقيّد في سجلاتها المالية اسم المانح أو المتبرع. واشترط عليها إذا رغبت في الحصول على أي تبرع أو منحة أو تمويل من أشخاص غير أردنيين، أن تقدم طلباً للوزارة المعنية لأخذ موافقة مجلس الوزراء. وفي حال عدم صدور قرار خلال 30 يوماً من تاريخ استلام الطلب، فيعتبر موافقاً عليه. وكان مشروع القانون يشترط موافقة الوزير المختص فقط، وليس مجلس الوزراء. صندوق دعم الجمعيات: نص القانون الجديد على إنشاء "صندوق دعم الجمعيات" في وزارة التنمية الاجتماعية، يتمتع بشخصية اعتبارية واستقلال وإداري، ويتولى إدارته لجنة برئاسة الوزير وعضوية كل من مراقب السجل نائباً للرئيس وممثل عن كل وزارة مختصة، إضافة إلى ثلاثة من ممثلي الجمعيات. تتكون موارد الصندوق من: ما يرصد له في الموازنة العامة، أي هبات أو تبرعات أو منح شريطة موافقة مجلس الوزراء عليها إذا كانت من مصدر غير أردني، ريع استثمارات الصندوق، وغير ذلك. ويتعين صدور تعليمات عن مجلس الوزراء تحدد أوجه الإنفاق ودعم الجمعيات من أموال الصندوق. تعريف الجمعية: اعتمد القانون الجديد تعريفاً واحداً للجمعية هو: أي شخص اعتباري مؤلف من مجموعة من الأشخاص يتم تسجيله لتقديم خدمات أو القيام بأنشطة على أساس تطوعي دون أن يستهدف الربح واقتسامه أو تحقيق أي منفعة لأي من أعضائه أو لأي شخص محدد بذاته أو تحقيق أي أهداف سياسية. بينما كان القانون السابق يقدم عدة تعاريف، حسب تصنيف الجمعية إن كانت جمعية خيرية أو هيئة اجتماعية أو جمعية عادية. وبحسب القانون السابق كان الحد الأدنى لعدد أعضاء الجمعية هو (7)، فأصبح الآن (11) عضواً، وهذا العدد اقترحته لجنة العمل والتنمية الاجتماعية ووافق عليه المجلس، بينما كانت الحكومة تريد إبقاءه معوماً وتحديده لاحقاً بنظام خاص. شروط التسجيل: يقدم طلب التسجيل إلى مراقب السجل على أنموذج معد لهذه الغاية، على أن يرفق به ثلاث نسخ من: قائمة بأسماء الأعضاء المؤسسين مع تبيان محال إقاماتهم ومهنهم وأعمارهم ومؤهلاتهم، النظام الأساسي للجمعية، وتصريح موقع عليه من المؤسسين يبينون فيه موافقتهم على النظام الأساسي وعلى اسم الشخص المفوض بمتابعة إجراءات التسجيل. أما النظام الأساسي، فسوف يصدر نظام خاص به على أن يتضمن: اسم الجمعية، المقر الرئيسي للجمعية ونطاق عملها الجغرافي، أهداف وغايات، الجمعية بصورة محددة وواضحة، شروط اكتساب العضوية وحالات فقدانها، رسوم الانتساب ومقدار الاشتراكات السنوية، كيفية انعقاد الهيئة العامة للجمعية في اجتماعات عادية وغير عادية وصلاحياتها ونصابها القانوني وآلية اتخاذ القرارات فيها، عدد أعضاء هيئة الإدارة وطريقة انتخابها وصلاحياتها والنصاب القانوني لانعقاد اجتماعاتها وآلية اتخاذ قراراتها، مصادر التمويل وكيفية تصريف الشؤون المالية ومراقبتها وتدقيقها، وكيفية حل الجمعية والجهة التي تؤول إليها أموالها. شروط الترخيص: يقدم طلب التسجيل ومرفقاته إلى مراقب السجل مباشرة أو إلى مديرية التنمية الاجتماعية في المحافظة ،والتي يجب أن ترسله إلى مراقب السجل خلال أسبوع من تاريخ وروده، وعلى مراقب السجل التحقق من استيفاء الطلب للشروط القانونية، وفي حالة وجود أي نقص عليه إشعار المؤسسين بذلك خطياً خلال 15 يوماً. ويحدد مراقب السجل الوزارة المختصة في ضوء غايات وأهداف الجمعية، ويرسل الطلب ومرفقاته إلى الوزير المختص خلال 60 يوماً من تاريخ استلامه الطلب. فإذا لم يصدر الوزير المعني قراراً بشأن طلب التسجيل أو إشعاراً بوجود نقص خلال مدة الـ 60 يوماً، فيعتبر الطلب موافقاً عليه حكماً. أما إذا قرر الوزير الموافقة على الطلب أو جرت الموافقة عليه حكماً، فإن على مراقب السجل استكمال إجراءات قيد الجمعية في السجل خلال 15 يوماً من تاريخ الموافقة. الفترة القصوى اللازمة إذاً لترخيص جمعية إذا كان طلب التسجيل مستوفياً الشروط هي شهران ونصف الشهر، يضاف إليها أسبوع إذا قدم الطلب إلى مديرية تنمية اجتماعية. بهذا يكون القانون الجديد قلّص فترة التسجيل التي كانت تصل إلى ثلاثة أشهر. رفض التسجيل: إذا رفض الوزير المختص الموافقة على تسجيل الجمعية، يقوم مراقب السجل بتبليغ المؤسسين بهذا القرار. ولهؤلاء، بحسب القانون الجديد، الحق في أن يطعنوا بالقرار أمام محكمة العدل العليا. هذا يشكل خطوة للأمام مقارنة بنص القانون السابق، رغم أنه ليس محصناً من الطعن بموجب قانون محكمة العدل العليا، إلا أنه يعطي الوزير صلاحية اتخاذ القرار الذي يراه مناسباً في طلب التسجيل. لقد حاول النائبان الإسلاميان عزام الهنيدي وحمزة منصور أن يحملا المجلس على التصويت لصالح تعديل يلزم الوزير المختص "أن يبين أسباب الرفض" ، إلا أن أغلبية النواب الحاضرين لم تدرك أهمية تأييد وجهة النظر هذه ،التي تعلي من شأن الشفافية في القرار الإداري. فروع الجمعية: قيّد القانون حق الجمعيات في إنشاء فروع لها، رغم أن هذا يتعارض مع بديهيات العمل الاجتماعي التطوعي. القانون السابق لم يكن يفرض عملياً أية قيود على تشكيل الفروع، بل كان يتعامل مع هيئاتها الإدارية كما يتعامل مع الهيئة الإدارية للجمعية الأم. ورغم أن المجلس وافق على تعديل لجنة العمل والتنمية الاجتماعية بأن تقود فرع الجمعية لجنة تتولى الإدارة وفقاً للنظام الأساسي للجمعية بدل أن يتولاها شخص يُعيّن من قبل هيئة الإدارة كما جاء في مشروع القانون، إلا أن المجلس أبقى على القيود غير المبررة، مثل اشتراط موافقة ثلثي أعضاء الهيئة العامة، وموافقة الوزارة المختصة. |
|
|||||||||||||