العدد 6 - أردني | ||||||||||||||
خاض لعبة السياسة بدون «ظهر» نخبوي أو إسناد إعلامي. صعد من الطبقة الوسطى الكادحة إلى أعلى هرمية صناعة القرار. مفعول ولايته تعطّل قبل أوانها، رغم أنه ضخّ فيها جرعتي تنشيط ووجوه جديدة: الأولى بعد سنة من تشكيلها والثانية قبل أسابيع من رحيلها. أحاط عملية اختيار الوزراء الجدد «بالسرية والكتمان» لكن على حساب البرامج والنوعية. مثلما تفاجأ باختياره رئيساً للوزراء في خريف 2005، لم يصطدم معروف البخيت بسلسلة مطبّات شابت مسيرة حكومته على مدى عامين. فكان عليه مواجهة الكثير من «الطخطخة» الصادرة عن بعض مفاصل صناعة القرار أو الصالونات السياسية العتيقة. يرى خصومه أنه وظّف بعض هذه التدخلات لتبرير استكانة وبعض النكوص في اتخاذ القرارات. إلا أن منتقدي البخيت يرون أنه كان بإمكانه تجاوز العصي في الدواليب لو نجح في استغلال صلاحياته الدستورية. من أزمات البيئة إلى تلوث المياه ففساد «الشاورما» مشى البخيت على حبل مشدود وسط حقل ألغام. مع أنه توعد بكبح جماح الفساد في بداية ولايته، إلا أن البخيت- كغيره من رؤساء الحكومات فشل في تحريك هذه الملفات الشائكة المرتكزة إلى شبكة من المصالح. يلومه خصومه بسبب بطئه في اتخاذ القرارات. ويرى بعضهم أن البخيت، القادم من المؤسسة العسكرية، لم ينجح في الانتقال من باحث استراتيجي- حرفته الأولى- إلى إدارة الدولة. لذلك ظل في المربع الأول. على أن مؤيديه يرون أن الرجل، الذي غادر «الدوار الرابع» أواخر الشهر الماضي، يحمل فكراً استراتيجياً ثاقباً. لذلك فهو «يتروى» ولا «يبطئ» في اتخاذ القرار. كذلك يعتبرون أن البخيت ظل خارج لعبة النخب السياسية يحمل أخلاقاً رفيعة، عقلية غير تآمرية ونهجاً علمياً مستقراً. رفاقه القدامى في سلاح الجو يستذكرون كيف كان اهتمام الضابط الصغير منصبّاً قبل ثلاثة عقود ويزيد على المعادلات الاقتصادية والماكرو اقتصاد بخلاف خليفته نادر الذهبي – زميله سابقاً- الذي كان هواه يميل إلى فن الإدارة وشؤون السياسة. طاردت التقاليد، المحسوبية والجهوية حكومة البخيت رغم الشعارات الأولية. فما بدا في البدء عقلنة واختيار الأكفأ في التعيينات، انحرفت حكومة البخيت عن هذا المسار و«عادت حليمة إلى عادتها القديمة». إذ تجاهلت رئاسة الحكومة آراء اللجان التي شكّلت لاعتماد الأكفأ من طالبي التوظيف. مع ذلك تحسب له نظافة اليد ووقف أعطيات الحكومات لصحفيين وكتاب أعمدة. خلال ولايته أجريت انتخابات بلدية ونيابية. لكن الحكومة اتهمت بعدم النزاهة وغياب الشفافية لا بل باعتماد الغش نهجاً لإيصال محاسيب إلى مجلس الأمة. الإسلاميون قاطعوا الانتخابات البلدية واتسع نطاق الاحتجاجات في النيابية. في البدء حمل وعوداً بالشفافية، التواصل والحوار مع مؤسسات المجتمع المدني. بيد أن خصومه في الخندق الآخر يتهمونه بالابتعاد عن الديمقراطية ورفع العصا. لم يكن مرناً في تمرير قوانين مثل «الأحزاب» الذي يوصف بأنه محبط للتنظيمات السياسية. كذلك لم يعدل قانون الانتخاب، المعدل عام 2003، وهو موضع انتقاد العديد من النخب والأحزاب. سنتان في «الدوار الرابع» يعود بعدها البخيت إلى وتيرة حياته العادية، باحثاً استراتيجياً معززاً بخبرات السنين وتجربة حكم بحلوها ومرّها. |
|
|||||||||||||