العدد 1 - أردني | ||||||||||||||
حين استقر «اللواء الركن» معروف البخيت في الدوار الرابع قبل عامين تبلور انطباع بأنه سيأتي مجوقلاً، بإسناد كتيبة إعلامية من الوزن الثقيل لإحداث توازن «رعب» في معمعة إعلام يتقاسم التأثير فيه عشرات المسؤولين - سابقين وحاليين.
على أن رئيس الحكومة، القادم من المؤسسة العسكرية، تخلّى عن أسلحة الإعلام وابتعد عن جحافل صحافيين كانت تتلقف عطايا حكومات سابقة ذات ميزانيات مثقوبة. في المقابل جنّد الرئيس «المتقشّف» سرية من المستشارين لحماية خطوط دفاعه وتزويده بذخيرة إعلامية لصد الغزوات. لكنه لم ينجح في تعبئة رأي عام مساند لحكومته، كما أنه لم يكن موفقاً في اختيار منظرين إعلاميين أو من يعرفون بSpin Doctors لترويج سياسات حكومته.
فلم نلحظ ضمن جيش المستشارين «قادة فرق» في فن العلاقات العامة والإعلام قادرين على إدارة معارك الرئيس. رؤساء حكومات سابقون جنّدوا قامات في فن الإعلام ساعدت السلطة التنفيذية على إحداث اختراقات في جدار الإعلام. نستذكر الشريف/الأمير زيد بن شاكر الذي استعان بمن سيعيّن لاحقاً نائباً لرئيس الوزراء الدكتور مروان المعشر. بعد المعشر جاءت الزميلة غدير الطاهر لتدير دفّة «غزل الأخبار»، فيما استعان علي أبو الراغب بخبرات الزميلة نتاشا البخاري، التي كانت تلقب بكونداليزا رايس، لجهة حجم مسؤولياتها.
تكتيك البخيت أغفل مبدأ رئيساً في إدارة المعارك :«الهجوم خير وسيلة للدفاع». وفي غياب استراتيجية إعلام محكمة، دكّت الكيبوردات متاريس الدوار الرابع.
ولم تستطع التوليفة الإعلامية حماية سماء الحكومة من الغارات المتتالية، بعضها كان كيدياً انتقاماً من حجب العطايا. على أي حال استغل كتاب أعمدة سلسلة من النكسات البيئية والصحيّة وأخطاء في إدارة الأزمات ليسنّوا حرابهم على أمل خلخلة دفاعات السلطة التنفيذية.
فك الارتباط بين الحكومة و"الكيبوردات" عطّل خطوط الإمداد وضعضع خنادق دفاع الحكومة.
في المقابل، لم يستعن رئيس الحكومة الحالي بكفاءات إعلامية قادرة على نحت خطاب رسمي ثابت ومستدام. حتى إن البخيت أسرَّ لأحد المقربين بأنه "يكتب خطاباته بنفسه" في غياب مهندسي السياسات أو صانعي الاستراتيجيات.
من هنا يجد البخيت نفسه مكشوفاً في ربع الساعة الأخيرة.
لذلك يشن اللواء المتقهقر إعلامياً هجوماً معاكساً بسلاح "القوانين" التي فعّلها لمحاصرة الجسم الصحافي لا سيما الإلكتروني والأسبوعي.
يقرّ البخيت بأن حكومته افتقرت إلى استراتيجية إعلامية كما أخفق في استمالة كيبوردات صحافيين لأنه لايجيد فن العلاقات العامة. إذ إنه من أنصار الكلام القليل والفعل الكثير، كما يقول.
فالعسكري السابق الذي يخوض معترك السياسة في جبهة مفتوحة مع الإعلام يفضّل مقولة: "دع الإنجازات تتكلم".
هذه المقاربة فتحت ثغرة في جبهة الحكومة. إذ بدون فنون العلاقات العامة، التزويق والتسويق لا يستطيع أي رئيس حكومة تحييد أقلام كتاب أعمدة، بعضهم مبرمج لاستهداف الحكومات.
بموازاة ذلك لم يكن البخيت موفقاً في ملء شواغر مؤسسات إعلامية، كان يفترض أن تصل إلى عقل وقلب المواطن دون الوقوع في ضحالة المعالجة الإعلامية أو زيادة جرعة تلميع الحكومة على حساب المضمون.
وزاد من ضعف دفاعات الحكومة، تراجع مؤشر الحريات العامة، والشفافية في الاقتصاد، فضلا عن تفعيل وتمرير قوانين اجتاحت الصحافيين في خنادقهم.
ها قد مرّ عامان، وأوشكت المعركة على الانتهاء. في الأثناء بقي البخيت لوحده يقارع طواحين الهواء. "لواء" بلا جيش من الإعلاميين. فتسجيل نقاط في المعارك، لا يعني كسب الحرب.
ويبدو أن العد التنازلي قد بدأ إيذاناً بالتغيير. فهل يعيد رئيس الوزراء المقبل بناء الجسور العتيقة مع الإعلاميين من أجل تلميع الصورة، أم يحلق معهم بأخلاقيات المهنة بما يضمن التوازن والحيدة؟ |
|
|||||||||||||