جهاد هديب

بدت الساحة الخلفية لكلية المجتمع العربي – مقابل مبنى الجامعة الأردنية شمال العاصمة عمان - أشبه بورشة عمل حقيقة استعدادا لافتتاح معرض عمان الدولي الثاني عشر للكتاب برعاية رئيس الوزراء نادر الذهبي وذلك في ظهيرة قائظة الثلاثاء 14 الجاري ، قبيل ساعات من الافتتاح. فلم يقتصر الأمر على تنظيف أرض المعرض من أوراق الكرتون المقوى التي تركها 200 ناشر عربي وأجنبي من بينهم 70 ناشرا أردنيا جاؤوا جميعا بقرابة الثلاثمئة ألف عنوان أثناء ما يضعون لمساتهم الأخيرة على رفوف كتبهم في الأجنحة الخاصة بهم التي تراوحت مساحاتها ما بين الستة أمتار المربعة والخمسة عشر مترا... لم يقتصر الأمر على ذلك بل فاحت رائحة الإسفلت المحروق، وعلا هدير الآليات التي تعمل على تعبيد طريق لم تزرها هذه الآليات منذ خمس عشرة عاما على الأقل.

على أن الافتتاح جاء مسبوقا بإشكالياته التي لم تقف عند امتناع عدد من دور النشر المحلية الكبيرة مثل دار الشروق للنشر والتوزيع ،ودار الفكر المعروفة ذات التوجه الاسلامي و أعيد ترديد أقاويل وشائعات سرت سابقا في إثر استقالة رئيس الهيئة الادارية لاتحاد الناشرين الأردنيين أحمد الجدع وتولي نائبه أحمد الشبول مهامه. وإذا كانت هذه الأقاويل غير جديرة بالتوقف عندها لوصولها حدّ التجريح الشخصي أحيانا ،فإن تغيب العدد الواسع من الناشرين الأردنيين ونسبيا بالطبع أمر مثير للاهتمام.

مدير عام دار الشروق للنشر والتوزيع فتحي البس، نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب قال: إن لي أسبابي المهنية في عدم المشاركة» التي حددها في «هذا التغير المستمر في موقع المعرض رغم أن هذه هي دورته الثانية عشرة وكذلك تغيير تاريخ المعرض من تشرين الأول إلى تموز الجاري الذي يشهد بدء العطلة الصيفية وبالتالي انحسار جمهور الطلاب الأردنيين والعرب». هذا الأمر ردّ عليه رئيس اللجنة الفنية للمعرض صبري موسى أمين صندوق اتحاد الناشرين الأردنيين بالقول: «إن التوقيت قد تم تعديله لأن رمضان المبارك وما يتبعه من إجازات وعطلات لهذا العام يجيء في شهري أيلول المقبل وكذلك لازدحام أجندة المعارض العربية للكتاب في ذلك التاريخ» مضيفا أن «التوقيت الجديد قد قُصِدَ منه أن يتزامن مع الموسم السياحي للبلاد وقدوم المغتربين ما يعني محاولة رفع القدرة الشرائية لكتاب فضلا عن أن معرض عمان هو الذي يفتتح موسم المعارض العربية لهذا العام». أما في ما يتعلق بمكان المعرض فأوضح موسى: «لم نجد مكانا آخر، فقد كانت هناك اتفاقية مع إدارة الجامعة الأردنية لإقامة المعرض على أرض ستاد الجامعة لكن الإدارة عادت واعتذرت لتزامن حفلات تخريج الطلاب مع المعرض، فمنحتنا إدارة كلية المعرض هذه الساحة ، وبالفعل فالموقع الدائم للمعرض مشكلة حقيقية بالنسبة لنا وهو ما لا نشاهده في المعارض العربية، الأمر الذي نلتمس حلا له من قبل أمانة عمان ومجلس رئاسة الوزراء».

وأوضح البس سببا آخر للعزوف حدده بإجراء اتخذته إدارة المعرض ويقضي بخصومات للناشر الأردني تصل إلى خمسين بالمئة ،حُرِم منها الناشر العربي الأمر الذي امتنعت عنه معارض عربية وساوت بين الناشرين العرب وناشريها المحليين وعدّه السيد البس «مكسبا غير مبرر» خصوصا في معرض يشهد إقبالا ضعيفا في العادة ورعاية نسبية من قبل وزارة الثقافة الأردنية وأمانة عمان الكبرى التي قامت مؤخرا بتقليص مشترياتها من الكتب موضحا: «إنْ شاركت إذن سأكون شاهد زور».

في حين رأى صبري موسى في ذلك مكسبا للناشر الأردني سواء أكان عضوا في إتحاد الناشرين أم لا ، نافيا في الوقت نفسه أن تكون هناك أية خلافات داخل الهيئة الادارية للاتحاد بسبب استقالة السيد الجدع «التي كانت لأسباب شخصية تتعلق بالسيد الجدع نفسه» في الوقت الذي لم يتوفر أي عنوان للجدع في اتحاد الناشرين للتمكن من الوقوف على صحة المعلومة.

وبحسب ا صبري موسى فإن مساحة المعرض تبلغ 5200 مترا مربعا وتم تجهيزه بأحدث التقنيات وتتوفر فيه أفضل الخدمات على مستوى المعارض العربية من حيث الستاندات والرفوف والتجهيزات اللوجستية الأخرى.

وفي حين رأى ناشرون، فضّلوا عدم ذكر أسمائهم، أن المعرض لم ينل الحصة الكافية من الدعاية والإعلان لهذه الدورة، ما يجعل مكانه غامضا بالنسبة للجمهور حيث خلت الشوارع كلها من اليافطات التي تشير إلى موعد افتتاح المعرض ومكانه، يقول صبري موسى: «لقد أخذنا بجميع أسباب الدعاية والإعلان باستثناء اليافطات التي قامت شريكتنا أمانة عمان بمنع تعليق اليافطات على الجميع فاعتضنا عن ذلك بالإعلان في الصحف اليومية كما سيجري توزيع مئة ألف بوستر مع الصحف الأربع ومع جريدة إعلانيةيتضح فيه زمان ومكان المعرض وأوقات الدوام فيه وكذلك برنامجه الثقافي العريض وموعد انعقاد الأنشطة ومكان انعقادها وماهيتها».

الروائي إلياس فركوح مدير عام دار أزمنة للنشر والتوزيع االذي لم تغب مؤسسته عن أرض المعرض رأى أن «معرض عمان الدولي للكتاب هو أضعف المعارض العربية» إنما ليس بسبب ضعف الجهود التي تبذلها الجهة المنظمة بل لأسباب عديدة كامنة في المجتمع ا نفسه، منها أن المواطن الأردني غير قارئ قياسا للقارئ العربي وقياسا للمبيعات في المعرض وما المشاركة إلا كي تثبت دور نشر وجودها «

عن تأثير موجات ارتفاع الأسعار المتتالية قال فركوح: «إنها اسطوانة مشروخة، فأنت إنْ أهديت كتابك لزميلك الكاتب فلا يشتريه وإن قرأه فيقرؤه على نحو سطحي فما بالك بالمواطن ا العادي .. هناك ضحالة ثقافية تجعل المواطن والمثقف غير قارئين .. فليواجه المجتمع نفسه وليقل إننا بحاجة لإعادة تأهيل ثقافي».

يتضمن البرنامج الثقافي المرافق للمعرض، فضلا عن أن رئيس الجامعة الأردنية د. خالد الكركي هو شخصية العام لهذه الدورة وأطلق عليه الاتحاد لقب : فارس الثقافة العربية، فعاليات ثقافية عربية ومحلية تقام في مركز الحسين الثقافي. يستمر المعرض حتى الخامس والعشرين من تموز الجاري.