العدد 35 - أردني | ||||||||||||||
يزور الأردن كل صيف أكثر من مليون زائر من منطقة الخليج وحدها. ويتنوع هؤلاء ما بين مواطنين خليجيين يحضرون لقضاء عطلة الصيف في الأردن، وبين مغتربين يعودون لقضاء الصيف بين عائلاتهم وأهلهم. ومثلما تزدحم المجمعات وأماكن الترويح والترفيه السياحية في جميع مناطق المملكة بالزوار الخليجيين، تزدحم بيوت كثير من الأردنيين بأقارب لهم من المغتربين العائدين لقضاء عطلة صيفية بعد عام من العمل المرهق في حر الخليج. وبما أننا لم نتعود أن نترك "أهل الخليج" -كما يطلق عليهم البعض، تحببا أو سخرية- ينزلون في الفنادق أو حتى الشقق المفروشة، في حين أن بيت الأخ أو الأخت موجود، فإن "حالة الكرم" هذه كثيرا ما تورث ازدحاماً في البيوت وزيادة في أعداد قاطني الشقة الواحدة. "مع أنو بيتنا كبير، بس بحس بالصيف أنو صار زي المدرسة، قرايبنا بعبو بالبيت، وبنبطل نشوف بعض" يقولها محمد الذي يصر والده على استضافة أقاربه الذين يأتون من السعودية والكويت في كل صيف، فيملأون عليهم البيت ويغيرون من نمط حياتهم اليومي. هذه الزيارات قد تطول لعدة أسابيع في بيوت المضيفين، تبدأ بالترحيب بالزوار، وعادة ما تتسم تلك البدايات بالتناغم والتفاهم. يعمق هذا التفاهم الهدايا والأعطيات التي تأتي مع الزوار وتوزع على الأطفال والشبان، وقد يزيدها عمقاً التطمينات الآتية مع الزوار، على الأهل الذين لم يتمكنوا من المجيء هذا الصيف. لكن الأمور تبدأ بالتغير حين تطول المدة فتظهر الخلافات بين الصغار من الجانبين، وكذلك بين النساء اللواتي يبدأن في رصد سلوكيات بعضهن البعض، فالجلوس في البيت طوال الوقت يخلق أجواء غير مريحة للطرفين، فتبدأ بعض المشاحنات و"الجكر" بين النساء، ويتطور الموضوع أحياناً فتخيم أجواء "نكد" على البيت، وتفقد الجلسات الصيفية نكهتها المحببة. أما الولائم التي يقيمها المضيفون فعادة ما تتحول إلى مناسبات استعراضية، يعمد فيها بعض القادمين من الخليج إلى التغني بنمط حياتهم المترف، والحديث المستمر عما يتوافر لهم هناك من كماليات وأماكن ترفيهية وبأسعار منخفضة. فيسعى المضيف وقتها لمراضاة نفسه، فيقول أحد العمانيين "أصلاً الحياة في الخليج ما تنطاق، الحرارة 50 والرطوبة بتذبح، شو بدنا بالكماليات والحكي الفاضي، العيش بعمان أريح وأحلى". فيستمر الجدل حول المكان الأفضل للعيش وتكوين الأسر، ويطرح كل طرف أسبابه وظروفه. ويزيد من المشكلة عجز المضيف عن الاستمرار بضيافته لأقاربه، فهو لا يستطيع إقامة العزائم كل يوم، ويعجز أن يجد في كل مرة مكاناً جديداً ليزوره مع ضيوفه. فتبدأ بعض الحساسيات بالظهور بين الأخ وأخيه، وربما يشعر خلالها المضيف بأنه قد قصّر بحق ضيوفه، مما يلقي بأجواء مشحونة على البيت المزدحم. لكن في النهاية عادة ما تنجح هذه العائلات في تجاوز الاستضافة الطويلة بأن يعتبرها إحدى "أزمات الصيف"، فيعود الأخ أو تعود الأخت إلى "وطنهم الثاني" في الخليج، وتبدأ الأسرة المضيفة في الإعداد لزيارة قريب آخر في الصيف المقبل. |
|
|||||||||||||