العدد 35 - أردني
 

خليل الخطيب

صالة أفراح في شارع المحطة، قرب ما يعرف بمثلث النشا، يخرج منها رواد حفل زواج بالعشرات، بما يشبه مظاهرة في منتصف الشارع، لينتقلوا إلى الجهة الأخرى من الشارع، وصولاً لسياراتهم الخاصة أو مواقف باصات رغدان.

صالة أخرى في الشارع الصاعد من مثلث المحطة، باتجاه مخيم النصر وصالحية العابد، لا تحتوي أي مواقف للسيارات باستثناء الرصيف الموجود أمام المبنى، فجأة تقذف الصالة إلى الشارع 200 إلى 300 من روادها.

الفوضى التي أحدثها انتقال بضع مئات من المواطنين من أحد جانبي الشارع إلى الجانب الآخر، لم تجد من يضبطها، بمن في ذلك رجال شرطة السير الذين كانوا غائبين تماما عن المشهد والذين يكون بعضهم "جاهزا لمخالفة من لا يضع حزام الأمان. أما هنا فلا وجود لهم." علق رجل يقف بجانبي.

لكن هذه الفوضى التي ربما اعتادت عليها عمان الشرقية، تنتقل صيفا إلى عمان الغربية. صالة أفراح في تلاع العلي، قرب كلية الخوارزمي، تقع في شارع فرعي ضيق فتتزاحم السيارات الخاصة برواد الصالة على جانبي الطريق، ويصبح الخروج من حالات الاصطفاف المزدوج والثلاثي أحيانا أمرا مرهقا.

وقرب البوابة الشمالية للجامعة الأردنية، وهي منطقة تعاني من الاختناقات المرورية ، هناك صالة أفراح بلا مواقف للسيارات . وما إن يبدأ الحفل في تلك الصالة حتى تأخذ سيارات بالتراكم على جانبي الطريق، محدثة فوضى عارمة في حركة المرور.

هذه المشاهدات تتكرر في الصيف الذي أصبح، إلى جانب كونه فصلا للراحة، موسما للزواج والفوضى أيضا.

"ے" توجهت إلى عدد ممن يعنيهم الأمر بما يتعلق بهذه الظواهر التي تحول الصيف إلى فصل مزعج، يتمنى كثيرون انتهاءه بدل أن يتمنوا استمرار طقسه الجميل.

في عدد من صالات الأفراح التي زارتها "ے"، قلل موظفون ومسؤولون من أهمية الملاحظات التي يبديها المواطنون حول الازدحام المروري الذي تسببه الصالات، بسبب وقوع بعضها على الشوارع الرئيسية، أو لاندفاع روادها إلى الطريق عشوائيا، لكن أمانة عمان تحيل المشكلة إلى خلل في المادة 16 من نظام ترخيص هذه الصالات.

ثروة محمد مدير "الصالة الدولية للأفراح" في شارع المدينة المنورة و موظفون آخرون في صالات مختلفة شرق عمان وغربها، يقللون من أهمية الملاحظات التي أبداها العلان والنوافلة ويعتبرون أن "المشكلة طبيعية، وهي لا تدوم إلا بضعة دقائق يمكن للجميع تحملها."

ويؤكد محمد "نحن نقيم حفلتين في كل خميس وجمعة، وواحدة في باقي الأيام، وخلال خمس دقائق يكون الشارع سالكا بشكل طبيعي، كما أن تعطل أي مركبة يعيق الطريق مدة أطول فما المشكلة؟".

السؤال عن مكمن المشكلة، لا يأتي فقط من الاختناقات المرورية المستعصية التي تتكاثر حول صالات الأفراح، بل في ضيق المواطنين منها حتى سائقي التاكسي منهم. "هناك شوارع في عمان وحولها أكره كسائق تاكسي دخولها في أوقات معينة، لأنها تكون شبه مغلقة." يقول سائق التاكسي رائد نوافلة "فإذا لم تكن تعرف هذه الشوارع جيدا، فإنك قد تقع في مصيبة دهس، أو تتعطل بانتظار أن يتحرك الناس لينفتح الطريق."

ممدوح العبادي أمين عمان الأٍسبق صرح ل"ے" بأن "ثمة قوانين واضحة تضبط عمل هذه الصالات، وتحدد المواصفات التي يجب أن تتمتع بها، ليس من حيث توفر المواقف فيها فقط، بل من حيث عدم وجودها في المناطق السكنية، كي لا تتسبب في إزعاج السكان. لكن وجود التشريعات دون تطبيق سليم قد يفقد هذه التشريعات مضمونها ".

يقترح العبادي أن يعاد النظر قانونيا وواقعيا بأوضاع هذه الصالات، ويقترح إجراء دراسة منصفة لجميع أطراف هذه القضية كي يصار في ضوئها إلى وضع تشريعات جذرية، وأن تمنح هذه الصالات مهلة، خمس سنوات مثلا، لتصويب أوضاعها، "كون أصحاب هذه الصالات والمواطنين لا ذنب لهم في قصور التشريعات، أو التساهل في تطبيقها".

مدير دائرة الأبنية في أمانة عمان نارت قيتوقة أكد أن "طلب الحصول على ترخيص مبنى لغاية إقامة صالة أفراح ضمن حدود العاصمة يتطلب أن يكون الموقع ضمن استخدام تجاري مسموح به وفق الأحكام، وأن يكون البناء مرخصا إنشائيا، فضلا عن توفر مواقف السيارات بحسب أحكام النظام، وألا يتسبب في إعاقة حركة المرور بأي شكل، ثم يطلب من صاحب الترخيص الحصول على موافقات الجهات الرسمية ذات العلاقة".

القانون واضح لكن ما يحدث هو تجاوز للقانون يتم في الشوارع الرئيسية أمام سمع وبصر المواطنين جميعا. ولأن القانون لا يجد سبيله إلى التطبيق، فإن بعض المواطنين يقترح حلولاً.

نوح علان الذي يعمل في مكانيك السيارات ولديه باص كوستر يعمل عليه في نقل رواد صالات الأفراح كل يوم جمعة، يضيء جانبا آخر من المشكلة، فيوضح "معظم صالات الأفراح في المناطق الشعبية تقع على شوارع رئيسية، وبعد دقائق من بداية الحفل تنشغل الأمهات عن أطفالهن فيخرج هؤلاء للعب على الطريق العام، ما يسبب إرباكا لحركة المرور."

ويرى علان الحل في أمرين: "إلزام أصحاب الصالات بوضع سياج حماية بين مدخل الصالة وبين الطريق العام، والاعتماد بصورة أكبر على الباصات في نقل الحضور، لأنها لا تشغل سوى حيز ضئيل مقارنة بالسيارات الخاصة التي تملأ المكان."

أمانة عمان ممثلة بمدير ترخيص المهن والإعلان فيها المهندس عز الدين شموط يرى أن "أساس المشكلة يكمن في نظام ترخيص الصالات، بخاصة المادة 16 التي تلزم صاحب الصالة بتوفير موقف لسيارة واحدة لكل 30 متر مربع من مساحة الصالة."

ويتابع شموط مفسرا "لو افترضنا أن الثلاثين مترا تستوعب عشرين شخصا، فإن صاحب الصالة سيوفر موقفا لسيارة واحدة لكل عشرين شخصا، لكن الحمولة الطبيعية للسيارة الواحدة هي أربعة أشخاص، وبالتالي يكون لدينا عجز بمقدار 4-1 في مواقف السيارات المتوفرة، ما يؤدي إلى إرباك المرور."

ويخلص إلى أن "الحل ينبغي أن يكون بتعديل المادة 16 ، بحيث يكون المرجع هو عدد كراسي الصالة وليس مساحة بنائها." مشيرا إلى أنه بهذه الطريقة يمكن أن يكون لكل أربعة أشخاص موقف واحد، وهو العدد الفعلي لحمولة السيارة، "فلو طبقنا هذا التعديل على المثال السابق لأصبح المطلوب من مالك السيارة أن يوفر مواقف لخمس سيارات لكل 30 شخصا وليس موقفا لسيارة واحدة."

حلول مقترحة قد لا يأخذ بها أحد، تضاف إلى قوانين لم يطبقها أحد، لمشكلة يعاني منها المواطنون وينكر وجودها بعض أصحاب الصالات، فيما يبرر وجودها آخرون ويبسطها فريق ثالث. ودائرة السير الغائب الأكبر.

صالات الأفراح: رقص في الداخل واختناقات مرورية في الخارج
 
17-Jul-2008
 
العدد 35