العدد 35 - أردني | ||||||||||||||
حسين أبو رمّان خذلت أغلبية نيابية، الحكومة، ولجنة العمل والتنمية الاجتماعية الدائمة، بعدم تصويتها لصالح حق العمالة الوافدة بالانتساب للنقابات العمالية، في مخالفة صريحة لاتفاقيات العمل الدولية وحقوق الإنسان. النائب عبد الكريم الدغمي كان "أربك" زملاءه النواب حين ادعى أن فتح أبواب النقابات العمالية لانتساب العمال غير الأردنيين،"أمر خطير ويتعلق بالسيادة"، فيما تلاه، جاره، النائب عبد الرؤوف الروابدة الذي اعتبر أن هناك "جرأة سابقة لأوانها أن ينتسب لنقاباتنا من ليس أردنياً". رئيس نقابة العاملين في الغزل والنسيج، فتح الله العمراني، علق على الموقف المناهض لحق العمال غير الأردنيين بالانتساب النقابي بأنه "يتعارض مع حقوق الإنسان ومع الاتفاقيات الدولية التي تكفل الحق في الانتساب للعمالة الوافدة". أبدى العمراني استغرابه من إقحام موضوع السيادة الوطنية على الخط، متسائلاً "كيف يمكن لعامل وافد أن يمس السيادة وهو بيننا بعقد عمل ومآله أن يعود لبلده بعد عدة سنوات، أم أن المقصود هو استغلال العمال؟"، مؤكداً أن قانون العمل يجب أن يسري على جميع العمال، وأن الغاية من انتساب العامل الوافد هي الحد من استغلاله. وأضاف العمراني "نحن في النقابات العمالية بحاجة إلى انتساب العمال الوافدين إلى نقاباتنا كي ندافع عن حقوقهم"، موضحاً أن "الأنظمة الداخلية للنقابات العمالية تشترط أن يكون أعضاء هيئاتها الإدارية أردنيين". ما يعني أنه وإن انتسبوا للنقابات، لن يكونوا أصحاب قرار. الحكومة كانت أعدت على وجه السرعة مشروع قانون معدِّل لقانون العمل رقم 8 لسنة 1996، من تسع مواد، وأحالته إلى مجلس الأمة في الدورة الاستثنائية التي بدأت في الأول من حزيران/يونيو، وانتهت يوم 12 تموز/يوليو 2008. الأسباب الموجبة للتعديل الحكومي التي أرفقت بمشروع القانون، أشارت إلى "مراعاة معايير العمل الدولية التي التزمت بها المملكة من خلال عضويتها في منظمتي العمل العربية والدولية"، وأوضحت أن التعديل استهدف "السماح لجميع العمّال بالانتساب للنقابات العمالية ونقابات أصحاب العمل". من الواضح أن الحكومة اقترحت تعديل المادة الخاصة بانتساب العمالة الوافدة لنقابات العمال، لتجنب الضغوط الخارجية، ذلك أن الالتزام الفعلي باتفاقيات العمل الدولية وحقوق الإنسان، يتطلب المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87، وهي واحدة من منظومة اتفاقيات دولية ملزمة لجميع الدول، وتتناول مسائل الحرية النقابية، حق المفاوضة الجماعية، القضاء على العمل الإلزامي وعمالة الأطفال، والتمييز في الاستخدام والمهنة. المادة الأخيرة من مشروع القانون، اشتملت على تعديل الفقرة (ج) من المادة 108 من قانون العمل، ونصها "يشترط في المؤسس لأي نقابة من نقابات أصحاب العمل ونقابات العمال وفي طالب الانتساب إليها ما يلي: (1) أن يكون أردني الجنسية. (2) أن لا يقل عمر المؤسس عن 25 سنة وعمر طالب الانتساب عن 18 سنة. (3) أن يكون غير محكوم بجناية أو جنحة مخلة بالشرف والآداب العامة". وبما أن الفقرة (ج) تحدد أن من الشروط الواجب توافرها في المؤسس لنقابة وفي طالب الانتساب إليها، أن يكون أردنياً، فإن إلغاء عبارة "وفي طالب الانتساب إليها" من مقدمة الفقرة (ج)، يعني أن شرط الجنسية الأردنية بات يقتصر على مؤسس النقابة فقط، وليس على طالب الانتساب إليها، ما يرفع القيد عن حق العمال غير الأردنيين في الانتساب للنقابات العمالية . وهو ما حاز على موافقة لجنة العمل والتنمية الاجتماعية برئاسة النائب والنقابي العمالي السابق موسى الخلايلة. برغم ذلك، التبس نص التعديل المقترح على الدغمي، فطلب توضيحاً من وزير العمل باسم السالم الذي أفاد أن "التعديل المقترح يمنح العمال الوافدين حق الانتساب للنقابات العمالية". رد الدغمي "إذا كان هناك توجه لدى المجلس بالسماح للعمال غير الأردنيين بدخول نقابات العمال، أنا أعتقد أنه أمر خطير ويتعلق بالسيادة، ولذلك أتحفظ على ذلك، ولا أوافق على شطب الفقرة (وفي طالب الانتساب إليها) حتى تبقى النقابات للأردنيين". الروابدة أردف على الفور "هناك جرأة سابقة لأوانها أن ينتسب لنقاباتنا من ليس أردنياً، وبخاصة إذا ما عرفنا أن معظم العاملين في بعض المهن غير أردنيين"، وتابع، مشيراً إلى أن أعضاء تلك النقابات سيكونون ما عدا مؤسسيها ورئيسها ومجلسها غير أردنيين. رئيس لجنة العمل، الخلايلة، أوضح أن "مشروع القانون جاء ليجعل العمال الأجانب المتواجدين في هذا البلد ينتسبون للنقابات، لكن هذا لا يعطيهم حق التصويت أو الترشيح" . وقال إن هناك تقارير دولية صدرت تتحدث عن أن العمال الأجانب في الأردن لا يتمتعون بحقوقهم وليس لهم ممثلون ولا يملكون الدفاع عن أنفسهم، محاولاً إقناع زملائه أن مصلحة الأردن تقتضي التصويت إلى جانب التعديل. رد الدغمي أن "من ينتسب للنقابة، يستطيع أن يصوت، وأن يرشح نفسه. أما مشاكل هؤلاء العمال، فيعالجها قانون العمل". النائب عزام الهنيدي وهو نقيب مهندسين سابق، أوضح أن قانون نقابة المهندسين يعرف العضو بأنه المهندس الأردني المسجل في النقابة، وأنه يحق للمهندسين من رعايا الدول العربية أن يسجلوا أسماءهم في سجلات خاصة في النقابة، شرط المعاملة بالمثل. المحامي سميح خريس علّق على موضوع «السيادة» الذي اتخذ ذريعة لعدم تمرير التعديل الحكومي بشأن حق العمال غير الأردنيين في الانتساب لنقابات العمال، متسائلاً: كيف يمكن للعامل الأجنبي أن يخدش السيادة بانتسابه لنقابة عمالية، نحن نوافق له على الانتساب إليها؟. علاوة على ذلك، فإن القسم الأكبر من العمال الوافدين هم عرب، والمادة الأولى من الدستور تنص على أن الأردن جزء من الأمة العربية، لذا من المؤكد أن العامل القادم من دولة عربية لا يتعارض انتسابه مع السيادة، بل هو منسجم مع المبدأ الدستوري، بحسب خريس. في نقابة المحامين، يحق للمحامين الأساتذة الذين يحملون جنسية إحدى الدول العربية أن يطلبوا تسجيلهم في سجل المحامين الأساتذة، شرط المعاملة بالمثل. ورغم أن الدغمي والروابدة هما فقط من تحدثا ضد التعديل الحكومي الذي وافقت عليه لجنة العمل النيابية والذي يسمح للعمالة الوافدة بالانتساب إلى نقابات العمال، إلا أنه حين التصويت على هذا التعديل، لم يقف إلى جانبه سوى عدد ضئيل من النواب الحاضرين. يعود تأسيس الحركة النقابية العمالية رسمياً إلى عام 1954. واستقر عدد النقابات العمالية منذ عام 1976 على 17 نقابة تغطي مختلف قطاعات العمل بأجر. وبرغم أن عدد العاملين في الأردن في القطاع الخاص، يقترب من مليون عامل، فإن مجموع المنتسبين للنقابات العمالية حسب أرقام عام 2006، لا يتجاوز 43 الف عامل، إذ إن هناك عزوفاً كبيراً عن الانتساب للنقابات العمالية التي بات القسم الأكبر منها نقابات صورية. الاتفاقية الدولية رقم 97 لسنة 1947 بشأن العمال المهاجرين تنص: «تتعهد كل دولة عضو تسري عليها هذه الاتفاقية بأن تتيح دون تمييز على أساس الجنسية أو العرق أو الديانة أو الجنس للمهاجرين الوافدين الموجودين بصورة قانونية على أراضيها، معاملة لا تقل مواتاة عن المعاملة التي تتيحها لمواطنيها». وحددت هذه الفقرة أن البنود المقصودة، هي: الأجور والسكن و»عضوية المنظمات النقابية» والتمتع بالمزايا التي تتيحها الاتفاقات الجماعية. وفي عام 1975 صدرت «اتفاقية الهجرة في أوضاع اعتسافية وتعزيز تكافؤ الفرص والمعاملة للعمال المهاجرين» تحت رقم 143، تعزز الاتفاقية السابقة. مجلس الأعيان من جهته، وافق على مشروع القانون المعدِّل لقانون العمل كما جاء من مجلس النواب، إضافة إلى عدة مشاريع قوانين أخرى، في آخر يوم عمل قبل انتهاء الدورة الاستثنائية. |
|
|||||||||||||