العدد 34 - دولي | ||||||||||||||
صلاح حزين بعد طول اختلاف حول إبرام اتفاقية للتخفيف من حدة الانبعاثات الحرارية، وجد قادة الدول الثماني العظمى الذين اجتمعوا في مدينة هاكايدو الشمالية اليابانية، متسعا من الوقت تناقلوا خلاله صورة كان أحضرها معه رئيس وزراء بريطانيا، غوردون براون، لجثة جوشوا باكاتشيزا، أحد زعماء المعارضة في زيمبابوي الذي اتهمت المعارضة نظام الرئيس روبرت موغابي بقتله، واعتبار ذلك دليلا على وحشية نظامه واستحقاقه عقوبة توقعها عليه الدول ذات الاقتصادات الأكبر في العالم. هاتان القضيتان، اتفاقية تخفيض الانبعاثات الحرارية ونظام موغابي كانتا القضيتين المركزيتين في القمة، غير أنهما لم تكونا الوحيدتين، فقد أعرب قادة الدول الثماني الصناعية الكبرى، عن قلقهم الشديد من أخطار الانتشار النووي التي يشكلها البرنامج الإيراني. وحض بيان صدر عن القمة التي عرفت بقمة الـ8 في هوكايدو شمال اليابان أمس، إيران على وقف كل نشاطات تخصيب اليورانيوم، والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما دعت القمة كوريا الشمالية إلى التخلي عن برامجها وأسلحتها النووية، والتعاون مع عملية التحقق من البيان الذي قدمته الشهر الماضي حول نشاطاتها النووية، مع التشديد على أهمية التفكيك العاجل لكل المنشآت النووية والتخلي عن كل الأسلحة والبرامج النووية. اتفاقية خفض الانبعاثات الحرارية بنسبة 50 في المئة بحلول العام 2050، لم تمر بسهولة على أي حال، على رغم وصف المدافعين عن البيئة لها بأنها خطوة غير كافية، إذ اعترضت عليه الدول الخمس نصف الصناعية؛ الصين، الهند، البرازيل، المكسيك وجنوب إفريقيا، والتي طالبت بأن تتحقق النسبة المشار إليها في العام 2020، وأن تكون النسبة في العام 2050 أقل بما نسبته 80 و95 في المئة من المستوى الذي كانت عليه عام 1990. ومع ذلك فقد اعتبر بعض أوساط المدافعين عن البيئة التزام إدارة الرئيس جورج بوش بهذه الاتفاقية إنجازا كبيرا، وكذلك اعتبره غوردون براون، فمن المعروف أن الإدارة الأميركية، كانت تتبنى نظرية تنكر بموجبها أي علاقة بين الانبعاثات الحرارية وبين التغيرات المناخية، قائلة إن التغيرات المناخية أمر عادي شهدته الكرة الأرضية في أزمان سابقة. غير أن معارضي الرئيس بوش يقولون إن ولاية الرئيس الأميركي على وشك الانتهاء، وأنه التزم باتفاقية لن يكون عليه تنفيذها، وأن كلا المرشحين الرئاسيين الأميركيين أوباما وماكين يلتزمان في برنامجيهما الانتخابيين بخفض الانبعاثات الحرارية بنسة أكبر (أوباما بنسبة 80 في المئة وماكين بنسبة 60 في المئة.) الوضع في زيمبابوي حل تاليا من حيث الأهمية في اجتماعات الدول الثماني الكبرى، فقد لوّحت القمة باتخاذ مزيد من الخطوات لعزل نظام الرئيس موغابي، الذي استمر في الحكم بعد انتخابات شابها الكثير من العنف. وعلى الرغم من أن الدول العظمى لم تأت على ذكر أي عقوبات على زيمبابوي، فإنها اقتربت خطوة أخرى من تبني وجهة نظر بريطانيا التي تناصب نظام الرئيس موغابي العداء. ومن الواضح أن توصل الدول العظمى إلى صيغة تعتبر «مخففة» نسبيا، قد جاءت لكسب تأييد موسكو إلى جانبها وتحسبا من أن تلجأ موسكو إلى حق النقض الذي تتمتع به في مجلس الأمن لقطع الطريق على أي عقوبة قد تطرح ضد زيمبابوي في المحفل الدولي. الانتصار الثاني الذي حققه براون، بوصفه ممثلا لوجهة النظر البريطانية، على موغابي في القمة تمثل في تعيين وسيط دولي خاص لزيمبابوي، وهو ما يعني عدم استفراد رئيس جنوب إفريقيا، ثابو مبيكي، بالوساطة بين موغابي ومعارضيه، هو المتهم بمحاباة موغابي وعدم اتخاذ موقف حاسم في هذا الشأن مع زميله القديم في النضال ضد الاستعمار البريطاني الذي كان يسيطر على البلدين اللذين حكمهما، لفترات متفاوتة، نظامان عنصريان. أما الانتصار الأخير في هذا المجال، إن جاز التعبير، فأن قرارات قمة الدول العظمى جاءت مناقضة لقرارات قمة الدول الإفريقية التي جاءت متساهلة مع نظام موغابي، ما يعني وجود وجهتي نظر متضاربتين بالنسبة لزيمبابوي؛ وجهة نظر إفريقية لينة ووجهة نظر دولية قاسية. ويبدو أن ما جرى في قمة الدول العظمى قد ألقى بظله على زيمبابوي، حيث بدأ موقف موغابي الرافض لأي حديث مع المعارضة، يتحول نحو لهجة أكثر تصالحا، فهو بدأ يظهر ميلا نحو التفاوض معها على طريقة لحكم البلاد، وهو ما يعني أن القمة ساهمت في فتح الطريق أمام انفراج في زيمبابوي عبرت عنه تصريحات موغابي الأخيرة في هذا الاتجاه. |
|
|||||||||||||