العدد 34 - زووم
 

خالد أبو الخير

ليس فن البورتريه فن تصوير الأشخاص، كما يخال كثير من الناس. لكنه فن تصوير الشخصية . بمعنى أن الإحساس الذي تسجله لقطة يفتح الأفاق على فهم أعمق للوجوه وتداعياتها.

وذلك الإحساس لا يتكرر.ألم يقل هيراقليطس «إنك لا تستطيع أن تنزل النهر نفسه مرتين».

وأي من تلك الوجوه التي التقطتها كاميرا المصور أشرف خميس، تسترعي تحديقنا لنقرأ فيها صخب وعنف وسكون تعبها وشيخوختها وانتظارها الذي لا طائل من ورائه، كثيفاً ودبقاً لدرجة أن أهدابنا تعلق في تضاريسها، وتراودنا عن أنفسنا، وما قد نؤول إليه على غير توقع.

نصيحة أخيرة: لا تطل التحديق.. فالأنهار التي تنتظرك لأن تخوض فيها قبل الوصول إلى منحنيات هذه الوجوه.. ما زالت إلى امتداد.

* هيراقليطس: مفكِّر من إيونيا في آسيا الصغرى. قيل عنه إنه كان مبغضاً للبشر ويكره المجتمع. وصفه معاصروه بالغموض؛ وذلك كان، ربما، بسبب أسلوبه الملغَّز وصعوبة فهم ما كان يطرحه من تأملات تتعلق بالتحول الكوني والأضداد. عبارة هيراقليطس عن النهر صارت الأساس للمدرسة الانطباعية في الفن، وأثارت إلى جانب عبارته الأخرى «ما الزمن إلا مملكة يحكمها طفل يلعب بعظميات الكعب»، إعجاب هيغل الذي وجد فيها أولى المحاولات الجدلية. وكذلك كان موقف كلٍّ من نيتشه وهيدِّغر منه.

لن تنزل النهر.. مرتين
 
10-Jul-2008
 
العدد 34