العدد 34 - بورتريه
 

خالد أبو الخير

جريء أم متهور! كثيرون حاروا بأمره، غير أن قلة تحدثوا عنه وفي فمهم ماء.

قلما يحسب حساباً للدبلوماسية والبروتوكول، ودأبه أن يبق "البحصة".. إلا أنه سريع الاستجابة للاستفزاز.

"حاضر في كل المناسبات، والمواقف، اعتاد أن يركب الموجة، أما محركه الرئيس فهو الغضب، ويتصف بالعصبية" وفق ناشط نقابي. يضيف: "مهاراته الأساسية إعلامية، يجيد التعامل مع وسائل الإعلام ومتحمس لها، وذو حس شعبوي عال.. لكنه غير ديمقراطي ولا يطيق الاختلاف".

ولد صالح عبد الكريم العرموطي في عمان العام 1950.

شحيحة هي المعلومات التي يمكن استقصاؤها عن الفتى النحيل الذي اعتاد أن يجوب شوارع عمان، فهو يضن بها.

يمكن ببساطة القول إنه ابن عائلة متواضعة، اجتهد وعانى حتى آل إلى ما آل إليه.

أنهى دراسته للبكالوريوس في القانون من الجامعة العربية في بيروت. ولم يلبث حالما أنهى فترة تدريبه أن انتمى لنقابة المحامين.

اشتهر بترافعه في قضايا أمن الدولة خاصة في تلك التي أثارت جدلاً واسعاً مثل قضية تنظيم جيش محمد. وقضية طلاب جامعة مؤتة. وقضية الجندي أحمد الدقامسة. كما تولى قضية إبعاد قادة حماس من الأردن "خالد مشعل، وموسى أبو مرزوق، وإبراهيم غوشة، ومحمد نزال، العام 1999». ودخل في صدامات مع حكومتي عبد الرؤوف الروابدة، وعلي أبو الراغب.

فاز بمنصب نقيب المحامين الأردنيين لأربع دورات من العام 1999– 2003، و2005 – 2009 أوصلته القائمة البيضاء "التي تضم الإسلاميين، ومحامين مستقلين" إلى سدة نقابة المحامين لأربع مرات، رغم كونه " ليس عضواً في جماعة الإخوان المسلمين ولا جبهة العمل الإسلامي" ،

" عموماً هو شخص متدين، يجيد فن العلاقات الاجتماعية، تجده في كل مناسبة سواء كانت فرحاً أو ترحاً، ما يجعله يستقطب كثيراً من المحامين الشباب من غير المسيسيين الذين هم غالبية أعضاء النقابة. هذه الصفات لفتت إليه أنظار الإخوان المسلمين الذين أقنعوه بأن يصير مرشحهم لمنصب النقيب". يصفه مقرب منه.

طموحه السياسي أخذ بالتبلور عندما شارك في حملة أحد أقاربه الانتخابية لعضوية مجلس النواب مطلع التسعينيات.

يصفه إعلامي يعرفه بأنه "ذو ثقافة سياسية بسيطة، لا تؤهله ليكون زعيماً أو قائداً، لكنه يعوضها بالجرأة غير المعهودة والتي تصل حد التهور، خصوصاً ما تعلق منها بالمواجهة مع الحكومات، ومنها إبان محاولة حكومة أبو الراغب السيطرة على النقابات بدعوى المهننة".

لكن مقرباً منه يشير إلى أنه "يعرف أين يضع قدمه، ويحظي بتأييد جيل الشباب في النقابة".

قبيل غزو العراق العام 2003، زار بغداد على رأس وفد نقابي، وإعلامي بغرض التضامن مع الشعب العراقي، وفي اللقاء مع نائب الرئيس العراقي، طه ياسين رمضان، هاجم العرموطي دكتاتورية الحكم ولا ديمقراطيته، وحذر من أن العراق مقبل على حرب واحتلال، والشعب العراقي لن يدافع عن نظامه. ما وتّر الأجواء بين الرجلين، وفق عضو في الوفد.

صراحة العرموطي، إذا شئتم، تكررت في دمشق، بحسب أحد إعلاميي الوفد، فقد وجه انتقادات للحكم في سورية في اللقاء مع عبد الله الأحمر، الأمين العام المساعد لحزب البعث، قائلاً: إن "ديكتاتورية الحزب الواحد ستجلب المشاكل لسورية، ما تطور إلى مواجهة ساخنة بين الرجلين، قطعها الأحمر بأن أنهى اللقاء فيما يشبه الطرد".

وعلى الرغم من تأييده المعلن للمقاومة اللبنانية إلا أن ذلك لم يمنعه من الدخول في مواجهة حامية الوطيس مع زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في مقر الأخير في حارة حريك ببيروت، ومع الرئيس اللبناني، إميل لحود في قصر بعبدا. حين خاطب فخامته قائلا: "أنتم مع المقاومة، لكنكم تقومون بمحاصرة المخيمات الفلسطينية ونطالبكم بفك الحصار الذي يشبه الحصار الإسرائيلي للمخيمات في فلسطين" ما اضطر لحود الى قطع اللقاء.

"جرأته في الطرح تخدم موقفه وموقف الآخرين الذين هم معه" يشرح أحد الذين رافقوه في تلك الرحلة. فيما يجادل آخر بأن "طريقته تلك تحرج من معه خصوصاً من لم يتوقعوا منه تصرف كهذا".

عاد إلى بغداد بعد سقوطها كعضو في لجنة الدفاع عن الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، ودخل في مواجهة مفتوحة إلى جانب المحامية اللبنانية، بشرى الخليل، مع قاضي المحكمة المعروف بشدته، رؤوف عبد الرحمن، فاتخذ قراراً بمنعهما من حضور الجلسات.

على الرغم من أن العرموطي نجم إعلامي "إلا أن هذا الرجل ليس بطالب منصب" بحسب محام زميل له.

بعد إعدام الرئيس العراقي اتخذ موقفاً من إيران واعتبر السفارة الإيرانية في عمان في مصاف «السفارات العدوة؛ الإسرائيلية، والأميركية، والبريطانية»، مطالباً بإغلاقها. وأعلن انه «سيقوم شخصياً بمقاطعة نشاطات السفارة الإيرانية في عمان".

غداة فرض الحصار على غزة وجه انتقادات قاسية للأنظمة العربية، والدول الإسلامية، وجامعة الدول العربية .

من مواقفه تأييده لتشديد عقوبة الإعدام. وهو يعتبر أن الأردن "يتعرض لحملة لتعديل قانون العقوبات والتشريعات المعمول بها لاسيما في جرائم القتل، والاغتصاب". ويطالب بـ"تشديد العقوبة لا تخفيضها" في مثل هذه الجرائم.

ويرفض العرموطي "الخضوع" لما قال إنه "املاءات أو ضغوط من خارج الوطن كون ذلك يمس السيادة الوطنية ذاتها". على حد تعبيره.

.. يختلف الكثيرون في شأنه، وقدراته، إلا أنهم يكادون يجمعون على جرأته أو تهوره.. لكن الجرأة تحتاج أن تكون في وقتها و مكانها، وإلا كانت ضرباً من العبث.

صالح العرموطي: الحس الاجتماعي طريقاً للزعامة النقابية
 
10-Jul-2008
 
العدد 34