العدد 33 - كتاب
 

بقدرة قادرين تم إلغاء مهرجان جرش، وجرى الاستعاضة عنه بمهرجان من الأخطاء المتناسلة.

المهتمون بالنشاط الثقافي والفني أعادوا اكتشاف أهمية مهرجان جرش بعدما أمطروه بوابل من انتقادات، كانت ترمي للتصويب والتطوير، ويبدو أنه قد تم الأخذ بالملاحظات، لكن على طريقة قتل المريض لا معالجته.

بهذا تم استحداث مهرجان جديد يحمل اسم الأردن.جرى الإعلان عنه ولم يفتتح بعد.لكن الأخبار تترى عنه، ملصقات ولوحات إعلانية في الشوارع وعلى أعمدة الإنارة وفي بعض الصحف، لكن النقمة على الفكرة والصيغة والأسلوب أخذت تفعل فعلها، ومن أكثرها مدعاة للاهتمام الانسحاب من المشاركة.حتى أن نقابة الفنانين اللبنانيين دعت لمقاطعة المهرجان الذي يحمل اسم الأردن. وهو تطور بالغ السلبية، ولم يكن في الحسبان.

أقل ما يقال في هذه «التطورات» أننا كنا في غنى عنها.

كان يتعين ابتداء الحفاظ على تراث مهرجان جرش الذي اكتشف مواهب فنية وعربية، وعقد ارتباطاً، ولو بشيء من التلفيق، بين الثقافة والغناء. وأسهم في تنشيط السياحة العربية الى الأردن. الحاجة كانت لتحسين مستوى المهرجان، لا التضحية به دون سبب أو مسوغ. ثم الاستعاضة عنه بمشروع مرتجل تم وضع تصور متسرع له بعيداً عن هيئات وشخصيات معنية واكبت مهرجان جرش، وتتمتع بالخبرة والدراية.

وجاء اختيار شركة فرنسية لتنظيم المهرجان المستحدث الذي يحمل اسم الأردن، وما أحاط بصورة تلك الشركة من شبهات، ليزيد الأمر سوءاً. في رأي صديق مهتم، فقد كان مفهوماً أن تتم الاستعانة بشركة أجنبية في مجال استخراج النفط من الصخر الزيتي أو بناء قدرات نووية مدنية، أما أن يتم اللجوء الى طرف أجنبي لتنظيم مهرجان فني فهو من باب العجب العجاب، وذلك بعد الخبرات المحلية المتراكمة في تنظيم مثل هذه المناسبات منذ أكثر من ربع قرن.

وها نحن نشهد يوماً بعد يوم مشاحنات وانتقادات من مصادر شتى، مع تأويلات سياسية بعضها مشروع ومفهوم، بما يجعل الأمر يخرج عن التحفظ على نشاط فني، الى سجالات سياسية تسمم أجواء الصيف وتزيدها سخونة واختناقاً.

ليس مقدراً للمهرجان المزمع أن يصيب نجاحاً يذكر، فقد احتضن بذرة الفشل منذ بدء الإعلان المرتبك عنه. لا أحد يتمنى الإخفاق لمناسبة وطنية، لكن هناك من يدفعون الأمور نحو الفشل وإلحاق الأذى بسمعة الأردن، نتيجة الارتجال والقرارات الفردية وربما الحسابات الخاصة.

الآن، فإن منظمي المهرجان المستحدث باتوا في وضع دفاعي. لعلهم يفكرون بطريقة ما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بتأجيل موعد المهرجان مثلاً، والعودة الى صيغة مهرجان جرش ولو بقدر من التعديل.التراجع عن الخطأ لا يعيب أحداً.

محمود الريماوي: مهرجان الأخطاء
 
03-Jul-2008
 
العدد 33