العدد 33 - رزنامه | ||||||||||||||
السجل - خاص يضيء معرض "ذاكرة الأمل" المقام على مركز رؤى للفنان عبد الحي مسلّم، تجربةً راسخة بدأها مسلّم منذ السبعينيات، ومنحته بالتراكم حضوراً قوياً على الساحة التشكيلية، وبصمةً له وحده، وذلك باعتماده أسلوباً فنياً خاصاً به يقوم على مبدأ تجسيم الشكل بحيث يبدو نافراً على سطح اللوحة من خلال استعمال مواد مختلفة من البرونز ونشارة الخشب والغراء والألوان. هذه التقنية هي الأثيرة لدى الفنان في طرح موضوعاته داخل اللوحة، خصوصاً ما يتعلق بمفردات التراث الريفي الفلسطيني، إذ تجسد أعماله حياة الفلاحين وطقوسهم، وتركز على اللباس التقليدي (الثوب المطرز للمرأة، والقمباز والسراويل الفضفاضة للرجل)، وتستحضر المزمار والخنجر والسلة التي توضع على الرأس.. وهي مفردات ينحاز إليها مسلّم للحفاظ على الذاكرة الريفية الفلسطينية، ووفاءً لصورةٍ بهيةٍ في وجدانه لقريته "الدوايمة" التي وُلد فيها العام 1933. ويميل مسلّم إلى الاختزال المبسّط في لوحاته، مبتعداً عن التشريح بمعناه الأكاديمي ومستخدماً الألوان الأساسية والصريحة التي تنأى عن التداخلات والتمازجات اللونية، بما يعزز خطوطه الرئيسية على اللوحة التي تتراكم على سطحها الأشكال، مُحيلةً إلى حكايات سردية غنية بتفاصيلها وناسها وأجوائها، ومحمّلة بدلالات الصمود والمقاومة، فالمقاومون هم أبناء الأرض من فلاحين وعمال جذورهم مغروسة فيها كجذور الصبّار، وهو النبات الذي صوّره مسلّم كثيراً في لوحاته في إشارةٍ إلى الصبر والجلَد والتحمل والصمود والرسوخ.. وإذ يكتظّ فضاء اللوحة بالأشكال والتفاصيل والمنمنمات اللونية، تحضر بقوة الرؤية العفوية والإحساس الفطري الذي يحوّل العناصر العادية والمألوفة إلى أفكار ومعانٍ قوية كقوة ذلك السطح الصلد للّوحة. ولعل ذلك يحيل أيضاً إلى طبيعة الفنان مسلّم الذي شق طريقه في الفن التشكيلي بصعوبة، وبدأ يعرض أعماله في فترة متأخرة من حياته، ورغم هذا التأخر تمكّن من إقامة نحو 25 معرضاً شخصياً، فضلاً عن مشاركته في 35 معرضاً جماعياً أقيمت في دول عربية وأجنبية من مثل: لبنان، سورية، الأردن، ليبيا، اليابان، النرويج، فنلندا، الدنمارك وسويسرا. وهو عضو في اتحاد الفنانين التشكليين العرب، وروابط ونقابات الفنانين في الأردن وفلسطين وسورية. في معرضه هذا، الذي يأتي في سياق استذكار النكبة لمناسبة مرور ستين عاماً عليها، يؤكد مسلّم على مقولة "رسالة الفن" عبر إيمانه بأن حراسة الذاكرة فنياً، هي فعلٌ يؤسس لمستقبل مشرق ينتظره الوطن مهما طالت سنوات الألم والمعاناة. |
|
|||||||||||||