العدد 33 - حتى باب الدار
 

في نهاية خمسينات القرن الماضي وبداية ستيناته، اندفع المئات من شباب وفتيان مدينة الرمثا الى المانيا الغربية، التي كانت آنذاك تنهض من دمار الحرب العالمية الثانية مستقطبة ملايين العمال من انحاء مختلفة من العالم للإسهام في اعادة الاعمار.

ولما رأى الرماثنة –أو الرماثوة على رأي أشقائنا المصريين- شقراوات المانيا، وفي سعي منهم نحو خلق الألفة بين القيم الجمالية على ضفتي البحر المتوسط، بادروا الى تعريف أول دفعة منهن على الكحل العربي.

حصل الابتهاج المتكافئ بين الطرفين، فقد فرحوا وهم يرون أثر الكحل على العيون الزرقاء والوجوه الشقراء، وبالمقابل رأت الألمانيات صنفاً جديداً من الزينة القادمة من الشرق.

سرعان ما انتشر الأمر، وتحول الى تجارة "كحل" بين الرمثا والمانيا.

هذا على صعيد التأثير الرمثاوي باتجاه المانيا، أما على الجبهة الأخرى من المانيا باتجاه الرمثا، فقد جلب الرماثنة صنفاً فاخراً من البشاكير الألمانية غالية الثمن، سرعان ما أصبحت أغطية للرأس عند النساء الرمثاويات، وقد كان ذلك تحولاً كبيراً في مؤشرات الفخفخة المحلية، وصارت النسوة يتبادلن أخبار البشاكير الألمانية، وأصبح البشكير الألماني الهدية الأكثر شهرة بين النساء، وفي كثير من الحالات، حل البشكير الألماني محل غطاء الرأس التقليدي الشعبي (الحطة السوداء)، لا سيما أن سعره يفوق بأضعاف سعر ذاك الغطاء.

بالنتيجة لم يشعر الرماثنة بالغربة، كما لم تشعر بها العشرات من الألمانيات اللواتي تزوجن من رماثنة وعشن في الرمثا في ستينات القرن الماضي، فقد كان الغزل الحضاري متكافئاً على طرفي المتوسط.

غزل الحضارات
 
03-Jul-2008
 
العدد 33