العدد 33 - حريات
 

السّجل - خاص

السادس والعشرون من حزيران/ يونيو من كل عام، هو "اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب". لقيت هذه المناسبة اهتماماً عالمياً متزايداً خلال السنوات الأخيرة، لارتباط موضوع تعذيب السجناء السياسيين بحجج مكافحة الإرهاب، وبخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث اتُخذ "الإرهاب" ذريعة لتقييد حريات عامة وشخصية، وتبرير ممارسات غير إنسانية تجاه سجناء عُزّل، بما في ذلك إخضاعهم للتعذيب الجسدي، فضلاً عن النفسي. وقيل في مناسبات عديدة إن دولاً أخرى في العالم، بما فيها دول عربية، تورطت في "تيسير" مثل هذه الممارسات، ضد معتقلين بتهمة "الإرهاب"، حين افتتحت سجوناً سرية جرت فيها عمليات التحقيق مع هؤلاء المعتقلين، وربما تعذيبهم.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أصدرت في نيسان/ أبريل الماضي، تقريراً قالت فيه إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" نقلت إلى الأردن 14 مشتبهاً به، على الأقل، لاستجوابهم وتعذيبهم منذ أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001. لكن الحكومة نفت يومها صحة ما ورد في التقرير، واعتبر الناطق الرسمي باسمها، ناصر جودة، أن المعلومات الواردة في التقرير استندت إلى ادعاءات فردية من معتقلين سابقين، وقال إن التقارير كانت "استنتاجات مبنية على أسس غير موضوعية وخلاصات غير سليمة"، مشيراً إلى أن الأردن يتعرض لحملة تشويه مقصودة من قبل أعضاء التنظيمات الإرهابية، التي تدرب عناصرها وتوجههم للإدلاء بمعلومات مفبركة، تصل منظمات حقوق الإنسان، بهدف تشتيت الجهود العالمية في مكافحة الإرهاب.

بمناسبة اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب، قررت منظمة العفو الدولية، التي تتخذ من لندن مقراً لها، تنفيذ حملة عالمية كبرى ضد التعذيب، حتى تكون هذه المناسبة «يوماً للعمل لا للتذكّر فحسب»، بدأتها بإصدار بيان دعت فيه دول العالم للتأكيد مجدداً على «التزامها بالإجماع الذي تم إعلانه في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بأن التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة محظورة حظراً مطلقاً».

كما قامت المنظمة الدولية برصد وتوثيق ممارسات قامت بها حكومات بعض الدول تجاه سجنائها، مثل:

- الضرب، والصعق بالصدمات الكهربائية، والإغراق الوهمي، والعزل المطوَّل، وأنواع أخرى من الإساءة البدنية.

- الاعتقال السري.

- إعادة الأشخاص إلى بلدان يمكن أن يتعرضوا فيها لخطر التعذيب: وفي هذا السياق أوضحت المنظمة أن بعض الدول لجأت إلى إعادة معتقلين لديها إلى بلدان يمكن أن يتعرضوا فيها لخطر التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة، مثل الجزائر ومصر والأردن وتونس، مكتفية بالحصول على "تأكيدات دبلوماسية" من تلك الدول، تفيد بأن المعتقلين لن يتعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان لدى عودتهم. وأفادت تقارير المنظمة أن هذه التأكيدات غير موثوق بها في جميع الحالات، ولا يمكن ضمان تطبيقها، معتبرة أنها "لا تعدو أن تكون حبراً على ورق"، وأنها تؤدي إلى إضعاف الحظر الدولي المفروض على التعذيب، وكذلك إضعاف الالتزام المطلق وغير المشروط بعدم إعادة أي شخص إلى بلد يكون فيها عرضة للتعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة. وبمناسبة هذا اليوم العالمي، دعت "العفو الدولية" حكومات العالم إلى: 1- إدانة جميع أشكال التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة. 2- منع التعذيب، ووضع حد للاعتقال السري والاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي. 3- محاسبة المسؤولين عن إجازة التعذيب أو عن تيسير القيام به أو ممارسته.

كما دعت مواطني الدول والمنظمات الأهلية والمدنية، إلى إرسال رسائل إلكترونية إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بمناسبة تولي فرنسا رئاسة الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأول من تموز/ يوليو الجاري، لحثّه على أن يقود الاتحاد الأوروبي نحو اتخاذ تدابير تضع حداً للترحيل السري والاعتقال السري، وذلك استناداً إلى معلومات جمعتها تفيد بضلوع دول أوروبية في برنامج الترحيل والاعتقال السري الذي تقوده الولايات المتحدة، وتم فيه اعتقال أشخاص ونقلهم بصورة غير قانونية من دولة إلى أخرى من دون أي تصريح قضائي، كما نُقل بعض المعتقلين من سجون الولايات المتحدة إلى دول أخرى، تقول المنظمة الدولية إن ممارسة التعذيب ترافق عمليات الاستجواب فيها، كذلك نُقل معتقلون آخرون إلى الولايات المتحدة واحتُجزوا فيما بعد في مراكز اعتقال في أفغانستان وغوانتنامو. وقالت أرقام المنظمة إن عدد الأشخاص الذين اختفوا في الاعتقال السري لدى السي آي إيه، يزيد عددهم على الثلاثين.

يشار في هذا الصدد إلى أن تحقيقات كان أجراها البرلمان الأوروبي، أوصت بأن تتخذ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تدابير لمنع وقوع هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان في المستقبل، وكذلك لضمان تعويض ضحايا هذه العمليات، غير أن هذه التوصيات لم توضع حيز التنفيذ حتى الآن.

منظمة العفو الدولية دعت أيضاً إلى المبادرة بكتابة مطالبات موجهة إلى حكومة الولايات المتحدة بأن توقف اعتقالاتها غير القانونية في مختلف أنحاء العالم.

ضد التعذيب: يوم للعمل لا للتذكّر: دعوة للكتابة إلى ساركوزي والحكومة الأميركية
 
03-Jul-2008
 
العدد 33