العدد 33 - ثقافي | ||||||||||||||
محمود الزواوي تنقسم السيناريوهات والقصص السينمائية في هوليوود إلى نوعين رئيسين هما القصص السينمائية الأصلية والقصص المقتبسة. إلا أن كلا من هذين النوعين ، يستمد أفكاره السردية من مصادر عديدة تبرز المراحل المتعددة والمعقدة التي يمر بها النص السينمائي قبل أن يصل إلى صيغته النهائية. ويتضمن النص السينمائي بطبيعة الحال القصة والحوار. قد تكون القصص السينمائية الأصلية وليدة أفكار كتّابها أو تستند إلى أحداث واقعية أو إلى فكرة بسيطة لمنتج أو مخرج أو ممثل، أو قد تستمد من أغنية أو قصيدة، ثم يكلف الكاتب السينمائي بتطوير الفكرة وبوضع تفاصيل حبكتها السردية. أما القصص السينمائية المقتبسة فتستند أساسا إلى روايات أو قصص قصيرة أو مسرحيات، وقد يعدّ نصوصها السينمائية كتّابها الأصليون أو كتّاب سينمائيون. ولعل التغييرات التي طرأت على جوائز الأوسكار في مجال التأليف السينمائي على مر السنين تعطي فكرة جيدة عن المراحل المتعددة التي تمر بها النصوص السينمائية قبل أن تتحول إلى أفلام سينمائية. ومنذ العام 1974 استقرت الأميركية لفنون وعلوم السينما التي تمنح جوائز الأوسكار، على تقديم جائزتي أوسكار في مجال التأليف السينمائي لأفضل سيناريو أصلي ولأفضل سيناريو مقتبس. إلا أن تلك الجوائز تعرضت على مر السنين لتغييرات لم تتعرض لمثلها أي جائزة أوسكار في أي فئة أخرى. فمنذ بدء تقديم هذه الجوائز قبل 80 عاما تغيرت الأسماء التي تطلق على جائزة أفضل كاتب سينمائي بمعدل مرة كل ثلاث سنوات، وتفاوتت بين جائزة واحدة وثلاث جوائز في العام. ففي العام 1938 مثلاً قدّمت ثلاث جوائز أوسكار لأفضل كاتب قصة مقتبسة وأفضل كاتب قصة أصلية وأفضل كاتب سيناريو. وقدّمت ثلاث جوائز بأسماء مختلفة قليلاً خلال معظم عقدي الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي. يعيش في هوليوود وخارجها مئات الكتاب السينمائيين الذين يمارسون عملية إعداد النصوص السينمائية بمصادرها المختلفة. وتمر عملية تطوير النص السينمائي من فكرته الأصلية إلى صيغته النهائية بمراحل متعددة تشمل العديد من المراجعات والتعديلات التي قد تستغرق عدة سنوات. وحين يتبنى أحد استوديوهات هوليوود أو أحد المنتجين أو المخرجين "مشروع" فكرة سينمائية، يتم أولاً البحث عن كاتب مناسب لإعداد النص السينمائي، سواء كان ذلك النص أصلياً أو مقتبساً. يتم ذلك عادة عن طريق الوكالات التي تمثل الكتاب وغيرهم من الفنانين، والفنيين، التي ترشح بعض الكتاب للمشروع المحدد. وفي كثير من الأحيان يعطى عدد من الكتاب الفرصة لعرض أفكارهم المتعلقة بتطوير مشروع النص السينمائي، ويقوم المنتج باختيار أحدهم ويكلفه بالمهمة بموجب عقد وافٍ حول شروط إكمال المشروع وتكاليفه. والحد الأدنى لأجر الكاتب السينمائي في هوليوود هو 77 ألف دولار عن الفيلم الذي تبلغ ميزانيته خمسة ملايين دولار أو أكثر، طبقا لأنظمة نقابة الكتّاب السينمائيين الأميركيين، وهو ما يدفع عادة للكتاب السينمائيين المبتدئين، وقد يصل الأجر إلى 4 ملايين دولار أو أكثر، كما هو الحال بالنسبة لأنجح الكتاب السينمائيين مثل شين بلاك (مؤلف قصة فيلم قبلة منتصف الليل الطويلة)، وجو إسترهاز (ليلة واحدة) والروائيين جون جريشام (الشركة) ومايكل كرايتون (الحديقة الجوراسية). وقد سجل المخرج والكاتب السينمائي الأميركي الهندي الأصل م. نايت شيامالان رقماً قياسياً حيث حصل على ستة ملايين دولار عن كتابة سيناريو فيلم "إشارات" بعد النجاح الكبير الذي حققه في فيلم "الحاسة السادسة" الذي حصل عن كتابة السيناريو له على ثلاثة ملايين دولار. ولا تشمل هذه الأجور ما يدفعه الأستوديو لمؤلف الرواية التي يستند إليها النص السينمائي التي وصلت إلى ستة ملايين دولار في حالة الكاتب دان براون مؤلف رواية "شفرة دافنشي". يستغرق إعداد الصيغة الأولى للنص السينمائي بين شهرين أو ثلاثة أشهر كحد أدنى، تقدم بعده إلى الأستوديو المنتج الذي يقوم بدوره بإبداء ملاحظاته على تلك الصيغة، وقد يتم ذلك بمساعدة من مخرج الفيلم، وتقدّم للكاتب اقتراحات لتعديل النص، ويحدث ذلك عادة من منظور تجاري. فقد يطلب من الكاتب زيادة الإثارة والعنف أو المشاهد الجنسية التي تروق للمشاهدين، ويعطى الكاتب مهلة إضافية لتسليم الصيغة السينمائية النهائية. في كثير من الأحيان يطلب من الكاتب إجراء تعديل ثالث أو يعطى النص السينمائي لكاتب آخر أو أكثر لتعديله وصقله. وقد أبلغت خلال إحدى زياراتي لهوليوود، أن النص السينمائي يمر في المعدل على أربعة أو خمسة كتاب سينمائيين ويتم تعديله حوالي عشر مرات ،قبل أن يصل إلى صيغته النهائية ويصبح جاهزا لتحويله إلى فيلم سينمائي. ويستثمر الأستوديو المنتج في المعدل حوالي مليون دولار في عملية تطوير النص السينمائي الواحد. إلا أن تجهيز النص السينمائي شيء وتحويله إلى فيلم سينمائي شيء آخر. إذ إن أقل من خمسة بالمائة فقط من النصوص السينمائية النهائية التي تدفع استوديوهات هوليوود ثمنها تتحوّل إلى أفلام سينمائية. والخمسة والتسعون بالمائة الأخرى تبقى متراكمة على الرفوف. ويشمل ذلك بعض أعمال كبار مشاهير الكتاب السينمائيين مثل جو إسترهاز الذي يتقاضى حاليا أربعة ملايين دولار عن سيناريو الفيلم الذي يوجد على رفوف استوديوهات هوليوود أكثر من 16 نصا سينمائيا من إعداده تقاضى أجورها كاملة ولكنها ما زالت بانتظار من ينتجها. وعملية الإنتاج في هوليوود تحتاج إلى منتج يؤمّن التمويل اللازم لإنتاج الفيلم من البنوك، وقد يصل ذلك إلى عشرات الملايين من الدولارات، بل إنه بلغ 260 مليون دولار في بعض الحالات، ويقوم بتجنيد الفريق السينمائي اللازم لإنتاج الفيلم من مخرج وممثلين وفنيين. وقد تستغرق هذه العملية أحيانا عدة سنوات. على سبيل المثال، كان النص السينمائي للفيلم المتميز "أحدهم حلق فوق عش المجانين" (1975) جاهزا قبل إنتاجه الفعلي بأكثر من عشر سنوات، إلا أن صاحب حقوق الإنتاج الممثل كيرك دوغلاس لم ينجح في تجميع المقومات المتعددة لإنتاجه، ثم باع حقوق ملكية النص السينمائي لابنه الممثل مايكل دوغلاس، الشاب محدود الخبرة، الذي نجح في تحقيق ذلك خلا ل فترة قصيرة نسبياً وفاز عن الفيلم بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وحقق من ورائه ثروة طائلة. كذلك كان الحال بالنسبة لفيلم الغرب الأميركي المتميز "غير المسامح" (1992) الذي انتشل الممثل والمخرج كلينت إيستوود نصه السينمائي من أحد الرفوف بعد مضي عدة سنوات على إعداده وفاز عنه أيضا بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم ولأفضل مخرج، كما حصد منه ملايين الدولارات. |
|
|||||||||||||