العدد 5 - علوم وتكنولوجيا
 

رغم ان عدد مستخدمي الانترنت العرب في تزايد مضطرد، فإن الشبكة العالمية بحسب مختصين ومستخدمين لا زالت تفتقر الى المحتوى العربي المفيد والجاذب للقراء.

ولا تزال الشبكة التي يستخدمها نحو 17% من العرب أي نحو 28 مليون عربي بحسب رصد موقع إحصاءات الانترنت العالمية (www.internetworldstats.com) عاجزة عن تلبية حاجاتهم المعرفية والتعليمية بشكل يهدد بحسب مختصين بتعاظم الفجوة بين مستخدمي الانترنت العرب ومستخدميها في دول العالم الأول.

وأشار الموقع الذي يبني معلوماته على ارقام حكومية الى أن عدد مستخدمي اللغة العربية تضاعف بنسبة 940.5% أي بحوالي 10 أضعاف ما بين عامي 2000 و2007.

الا ان مختصبن ومستخدمين أكدوا أن معظم المحتوى العربي على الشبكة لا يزال محصورا بمواقع الدردشة، والأخبار والمنتديات الالكترونية فيما تكاد الشبكة تفتقر بشكل نهائي الى ما يجعلها موسوعة علمية، ثقافية او توعوية لجمهور من الشباب المتعطش الذي لا يتحدث اللغة الانجليزية الى المعرفة عبر الانترنت.

وتقضي الطالبة الجامعية دعاء جزيني معظم وقتها على الانترنت في تصفح مواقع التعارف والمحادثة، رغم أنها تقول انها كانت تتمنى لو ساعدها الانترنت في ابحاثها وتقاريرها الجامعية حيث انها غالبا ما تتجه الى المكتبة الجامعية التي لا توفر لهل بحسب قولها كل ما تريد من معلومات فضلا عن ان لها موعدي فتح واغلقل محددين يجعل من الصعب عليها اجراء اية ابحاث في المساء والليل.

الطالب معن مطر الذي يدرس علم الاجتماع بضطر الى استخدام مترجمين لمساعدته في ابحاثه مما يرتب عليه تكاليف مالية «باهظة» لا تتناسب ومصروفه. ويقول:»تساعدني لغتي الانجليزية الركيكية في البحث عن معلومات وابحاث على الشبكة ولكنني لا افهم العديد من محتواها مما يضطرني الى استخدام الترجمة. اتمنى لو كان هناك محتوى عربي أكثر على الشبكة.»

عصام بايزيدي مدير موقع البحث عربي.كوم www.araby.comوالذي اسس خصيصا لتوفير خدمة بحث في الصفحات العربية على الانترنت يقدر ان عدد “الصفحات” العربية على الانترنت وصل الى ما يقارب الـ 130-140 مليون صفحة، مرتفعا عن نحو 100 مليون صفحة في العام الماضي.

ويشير بايزيدي الى ان محرك البحث “عربي” مكن الملايين من المستخدمين من الوصول الى عدد كبير من الصفحات العربية بسبب عدم قدرة المحركات الأخرى على للتمييز بين العربية واللغات التي تكتب بنفس الأحرف العربية مثل الفارسي والأوردو.

الكاتب الصحفي باتر وردم يؤكد ان أزمة المحتوى العربي على الإنترنت مرتبطة عضويا بأزمة إنتاج ونشر المعرفة في العالم العربي والتي وصفها وشخصها بدقة تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 ومفادها أن المؤسسات المعنية بإنتاج ونشر المعرفة والمعلومات لا زالت مقصرة بشكل كبير في أداء واجباتها.

ويقول وردم:” تعتمد مواقع المؤسسات العامة كالحكومات وكذلك الجامعات والمراكز البحثية وشبكات الإنتاج المعرفي والمنظمات غير الحكومية على المواد الدعائية الترويجية أكثر من تطوير محتوى معرفي إبداعي وتعليمي. أما المواقع الأكير إنتشارا حسب بعض التقارير التقييمية العربية فهي مواقع الوعظ والإرشاد وأحيانا التحريض والتطرف الديني والتي وصلت إلى 65% في دراسة للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان نشرت عام 2004.”

ويعيب وردم على المؤسسات الجامعية والحكومية والمكبلة بغلال بيروقراطية وسياسية وثقافية وربما أمنية تلكؤها في تطوير المحتوى التطور الحاصل في مضمون الإنترنت في العالم العربي والمرتبط بموجة “الويب 2” والتي تتميز بالكثير من المواد التفاعلية ربما يكون اسرع وتيرة من المرحلة الأولى المعتمدة على المبادرات المؤسسية لأن تقنية الويب 2 تتيح للأفراد والشبكات الصغيرة تطوير المحتوى ونشره بسرعة فائقة مما قد يساهم في زيادة الفعالية والكفاءة مقارنة.

ويضيف:”قدرة الأفراد على إختراق الحواجز السياسية والإدارية ربما يعوقه أحيانا نقص التمويل المناسب والذي عادة ما يرتبط بالمشاريع المؤسسية، ولو تمكن العالم العربي من الجمع ما بين حيوية الأفراد ومصادر التمويل المؤسسية في إنتاج محتوى رقمي مميز فإن تطورا كبيرا سيحصل.”

ويدلل وردم على ذلك بمكتبة الإسكندرية والتي يتضمن موقعها الإلكتروني نصوصا عربية عالية النوعية وواسعة الكمية دعمتها حقيقة توظيف الدعم المالي بالطرق الكفوة وإستثمار الحيوية للكادر الشاب في المكتبة والذي يشكل 70% من المعنيين بتطوير المحتوى العربي بدون الضياع في دهاليز البيروقراطية المعتادة. المثال الآخر هو النمو الكبير في المحتوى العربي في موسوعة ويكيبيديا الإلكترونية والتي يحررها الأفراد بطريقة تطوعية والتي باتت تغطي نسبة عالية من الإحتياجات المعرفية مع أن مساحة التطوير بها لا زالت ضخمة جدا.

وعلى كل حال يقول الكاتب أن هناك العديد من المعيقات الأخرى أمام تطوير المحتوى العربي منها المعيقات الثقافية والموروث الجامد، ارتفاع نسبة الأمية في العديد من البلدان العربية، الضعف العام في بنية البحث والتطوير في البلدان العربية وضعف الإنفاق عليه وسيادة الترجمة والتكرار بدلا من الإبداع والإبتكار.

الكاتب المختص بالمواضيع التكنولوجية زيد ناصر يؤكد انه ومن ناحية تسويقية فان المحتوى العربي اثبت انه أقوى من المحتوى الانحليزي وخاصة في مصر والسعودية.

ولاحظ ناصر ان معظم المواقع العالمية اصبحت تقدم واجهة عربية مثل جوجل وياهو مؤكدا على أن هذا سيضع المواقع العربية تحت ضغط تنافسي شديد لقدرة تلك على منافسة المواقع العربية في مستوى خدماتها. ويؤكد ناصر على اهمية ان تتنبه الشركات والمؤسسات العربية الى تعاظم الطلب على المحتوى العربي لتتمكن من التنافس مع مواقع الانترنت العالمية التي تسبق تلك العربية في الخبرة والتمويل.

الإنترنت العربية: صحراء مقفرة – علا فرواتي
 
06-Dec-2007
 
العدد 5