العدد 33 - اعلامي | ||||||||||||||
علا الفرواتي ما هو العامل المشترك بين تنورة قصيرة، سيارة فارهة، زجاجة فودكا، طقم كنبايات أبيض وساعة ثمينة؟. الجواب: مجلة أردنية باللغة الإنجليزية. الترويج للمواد السابق ذكرها، هو الطاغي على الإعلانات التي يصادفها قارئ مجلات أردنية عديدة باللغة الإنجليزية ،انتشرت سريعا في الأردن في السنوات القليلة الماضية. في الأردن اليوم شركتا نشر رئيسيتان للمجلات هما: Jo Publishing أو "الفريدة"، التي تصدر مجلات Jo و Venture و Viva و U و"عين". وشركة Front Row التي تنشر مجلات Home و Living Well و Jordan Business و Pulp و"أنت". هذه المجلات معنية أساسا بتغطية الجانبين الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع المحلي، بعيداً عن السياسة، وهي موجهة، بحسب ناشريها، إلى الشريحة الشابة المتعلمة التي تتمتع بوفرة مالية. هذه العوامل الثلاثة تفسر إقبال الشركات على الإعلان على صفحات هذه المجلات، وبخاصة أن فئة الشباب التي تراوح أعمار أفرادها بين 16 و 30 عاما، هي الأكثر إنفاقا بحسب دراسات. لكن ثمة أمراً مهماً حققته هذه المجلات، فلم تتمكن أي وسيلة إعلامية في الأردن من تجاوز الحواجز المجتمعية، ورفع سقف الحرية الاجتماعية في التحقيقات الصحافية مثل المجلات المحلية "الناطقة" بالإنجليزية. هذه المجلات، التي تصدرها عدة دور نشر تأسس معظمها في السنوات القليلة الماضية، تناولت العديد من الشؤون الاجتماعية، التي تعتبر في عرف كثيرين "تابوهات"، مثل: "أصول" المعاشرة الزوجية، وممارسات جنسية مثل العادة السرية، وقضايا تصنف في باب المسكوت عنه مثل المثلية الجنسية والإدمان على مشاهدة المواد الإباحية. ولكن هذه المجلات بالمجمل ظلت عاجزة عن تجاوز سقوف الحرية الصحفية في القضايا السياسية القليلة التي تنشرها. ينقسم المجتمع الأردني بشدة حول نجاح هذه المجلات في الوصول إلى شرائح المجتمع كافة، نظرا لوجود حاجز اللغة أولا، ولوضوح الشريحة الاجتماعية التي تشكل جمهور هذه المجلات، وهم ذوو القدرة الشرائية العالية. المواد التي تنشر في هذه المطبوعات يتحدث معظمها عن السيارات الفارهة وعن أحدث خطوط الموضة في عالم الأزياء، والإكسسوارات. ويتضح من إعلاناتها التوجه إلى الفئة المترفة ،عبر الإعلان عن الساعات الثمينة والعطور والمفروشات مرتفعة الثمن. إياد شحادة، الناشر في Front Row رفض الإجابة عن أسئلة طرحتها عليه "ے" بما يتعلق بالمجلات باللغة الإنجليزية،ولكنه يؤكد في تصريحات كان نسبها له موقع "باب"، على النجاح الواسع لهذه المطبوعات، «فقد أحدثت ثورة في حركة النشر، حتى إنه باتت لدينا قائمة انتظار لطالبي نشر الإعلانات». ويقر شحادة بأن المنشورات التي يصدرها موجهة إلى النخبة «لأننا نشعر أن هؤلاء الناس يملكون القوة الشرائية». ويصف شحادة جمهور هذه المجلات «بالأردنيين الناشطين اجتماعيا الذين يبحثون بكل بساطة عن التسلية بعيداً عن السياسة.» ويجادل الكاتب إبراهيم غرايبة في مقال نشره مؤخراً في يومية "الغد" في أن حاجز اللغة يمنع كثيرا من القراء من استيعاب محتويات هذه المجلات. ويتساءل: "ماذا تعني للقارئ -والمعلن أيضا- مقابلة مع مدير أو فنان أردني أو عربي، عندما تكون منشورة باللغة الإنجليزية في وسط يقرأ العربية أولا، ويفهمها أكثر، وهذه حقيقة تنطبق على الأكثرية العظمى، إن لم يكن جميع الأذكياء والمحظوظين الذين يتكلمون الإنجليزية في الأردن، ولكنها لغة ثانية بالنسبة لهم، ومازالوا عاجزين عن استيعابها ثقافياً، ويقتصر استخدامهم لها على المحادثة والإدارة وفي نطاق ضحل وفقير؟" . ويجيب الغرايبة عن تساؤله بالقول: "سأغامر بالقول إن الخواء والخواء فقط هو سر هذا النجاح، والذي تنجح به أيضا أفكار ودعوات وبرامج وشركات واستثمارات. الخواء! مورد عظيم يفطن له المسوقون وبعض الدعاة والسياسيين، ويتفوق على النفط والمهن والأعمال والثقافة والأفكار والمصالح الحقيقية وقضايا المياه والبيئة والعمل والضرائب والعدالة والحريات والديمقراطية." لكن قراء ومتابعين لهذه المجلات يؤكدون أنهم يقرأونها لأنهم يستمتعون بالقراءة باللغة الإنجليزية، ويريدون الاطلاع على كل جديد في عالم الموضة والأزياء. نائل صالح الذي يعمل موظفاً في إحدى وكالات الإعلان يقرأ هذه المجلات لأنه "يرتاح أكثر" لقراءة اللغة الإنجليزية، ولا يستسيغ الكتابات باللغة العربية. صالح درس في مدارس أجنبية وتابع تعليمه العالي في بيروت ثم لندن. بالنسبة لصالح، القراءة والتعبير باللغة الإنجليزية سلس وسهل وبعيد عن "تعقيدات اللغة العربية". ويضيف: "وبالنسبة لي، فإن تمكني من اللغة العربية ضعيف، بخاصة وأن الإنجليزية كانت لغة التدريس والتعلم لي في المدرسة وحتى الجامعة." صالح وجمع من أصدقائه، يفضلون قراءة مواضيع محلية باللغة الإنجليزية، ولا تستهويهم المجلات العربية. صديق صالح، أحمد راسم، الذي يعمل في إحدى شركات تقنية المعلومات المحلية، يرى أن المجلات الأردنية التي تنشر بالعربية "مملة" وفيها تركيز كبير على أخبار مغنين وممثلين عرب "ليسوا في صلب اهتمامه". ويقول: "أنا متابع للسينما الغربية والأميركية بشكل خاص، ولا أجد أخبارها في المجلات باللغة العربية." الكاتب الصحفي باتر وردم، يؤكد أن أحد أهم أسباب "فشل المجلات العربية في الأردن" ضعف التسويق والإعلانات، وأحيانا غلاء النسخ "ففي الثمانينيات والتسعينيات كان سعر المجلة نصف دينار، ودينار للنسخة الواحدة وهو كبير نسبيا، كما أن عادة قراءة المجلة غير متجذرة في الأردن، فالصحيفة كان لها دائما قصب السبق في الإعلام حيث الثقافة الدارجة تعتمد على قراءة الصحيفة اليومية وأخبارها المتجددة أكثر من التحليلات التي تتضمنها المجلات الشهرية." وردم يؤكد ان المجلات الجديدة باللغة الإنجليزية كسرت القاعدة "المجلة الواحدة تباع بسعر دينارين ونصف دينار تقريبا، والفئة المستهدفة من القراء هي من الطبقات الثرية والمتعلمة باللغة الإنجليزية، وهي فئة لا تشكل في أفضل الحالات 15بالمئة من المجتمع. ولكن ميزة هذه المجلات أن لديها قدرة تسويقية عالية، والقدرة على اجتذاب الإعلانات، التي تعتبر المدخل الرئيسي للأرباح وليس بيع النسخ في المكتبات." وردم يجادل في أن هناك العديد من المجلات باللغة الإنجليزية التي تقدم مادة إعلامية ومهنية متميزة. من هذه المجلات JO، التي تميزت بطرح مواضيع اجتماعية شائكة والتوغل في قضايا إشكالية. محررو المجلة توجهوا شرقا وغربا في المملكة لاستقاء قصص وقضايا اجتماعية مختلفة. هذا الطرح مكن المجلة من الفوز بعدة جوائز عالمية. مسح الإعلام في الأردن، الذي أجراه برنامج تدريب ودعم الإعلام في الأردن IREX، بدعم من USAID أظهر ان قراءة المجلات الشهرية من قبل أفراد العينة في «آخر 30 يوما» لم تتعد 10 بالمئة. من هذه النسبة، 1 بالمئة فقط قرأوا المجلات الأردنية باللغة الإنجليزية. يشير المسح إلى إن المجلات الأردنية باللغة العربية «كانت في الطليعة» من حيث عدد القراء، فيما تركز قراء المجلات الأردنية باللغة الإنجليزية في غرب عمان وهي «قلة قليلة.» 13.5 بالمئة من أفراد العينة يقرأون المجلات الشهرية؛ 66.8 بالمئة من هؤلاء إناث، و57 بالمئة منهم يحملون شهادات أعلى من الثانوية العامة. السواد الأعظم من قراء المجلات الشهرية في الأردن تراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاما. بالنسبة لمكان سكن هؤلاء القراء، فإن 40.6 بالمئة يسكنون غرب عمان، و25.7 بالمئة منهم يسكنون شرقها ويتوزع الباقي على المحافظات. ورغم الأرقام التي تشير إلى ضعف «اختراق» هذه المجلات للمجتمع الأردني، فإن ناشريها يصرون على أن «النوع وليس الكم» هو المقياس، خصوصا أن هذه المجلات تستحوذ على حصة كبيرة من الإعلانات في الأردن. وبحسب إحصائيات جمعية الدعاية والإعلان الأردنية فإن حصة المجلات من 280 مليون دولار أنفقت على الإعلان في الأردن في عام 2007، كان نحو 10 ملايين دولار منها ذهبت للمجلات الشهرية. |
|
|||||||||||||