العدد 33 - استهلاكي | ||||||||||||||
"تستطيعين شراء 30 لعبة بعشرين ديناراً فقط. لكنني لا أضمن أن تكون كلها غير معطوبة». قال البائع في مخيم الوحدات لسيدة في محاولة منه لإقناعها بأن تشتري "شوالا" من الألعاب المستعملة. وواصل محاولاته لإقناعها بالشراء مستعيناً بابتسامة عريضه: "صدقيني، قد تكونين محظوظة وتكون كلها صالحة تماماً للاستعمال." لكن السيدة، التي عرفت لاحقاً عن نفسها بـ«أم باسم» التي لجأت إلى أحد أزقة المخيم لشراء ألعاب لأطفالها، قالت بلهجة معتذرة: "لو كان معي 20 ديناراً لاشتريت ألعاباً جديدة." أم باسم تعرفت مؤخراً على سوق الألعاب المستعملة. السيدة الثلاثينية لا تستغرب وجود هذا السوق المتنامي في أزقة مخيم الوحدات، في جوار محلات بيع الألبسة المستعملة (البالة). تقول ربة المنزل المتزوجة من معلم في مدرسة خاصة: "أصبحت أسعار العاب الأطفال مرتفعة جداً. وأولادي يبكون عندما يرون ألعاباً جميلة بين يدي أقاربهم خاصة وأنني عاجزة عن شراء ما يماثلها." البائع، يؤكد أن تجارته في تحسن، وبخاصة بعد أن لاحظ رواجاً لسوق الألعاب المستعملة التي يعرضها إلى جانب عدد كبير من الأحذية المستعملة أيضاً. يستورد هذا البائع معظم بضاعته من الدول الأوروبية، وأميركا الشمالية. ويقول: "يستطيع كثيرون الحصول على العاب غالية جداً "لقطات" بأسعار زهيدة." الألعاب في متجر هذا البائع معظمها ألعاب ذات طابع رياضي، نظراً لأنها تتحمل الاستخدام المتكرر والمتواصل. ويشير البائع إلى أن الألعاب الإلكترونية التي يطلبها العديد من الأطفال تكون معظمها "عطلانة" ولكنها تباع على أية حال. يقول شارحاً: "الناس مساكين ولا يملكون شراء قوت يومهم فكيف بالألعاب." ويشتكي كثير من المواطنين من غلاء في سوق ألعاب الأطفال. هذا الغلاء "ليس جديداً"، كما يؤكدون ولكنه يحد من قدرتهم على شراء ألعاب لأطفالهم في ظل ارتفاع أسعار باقي مكونات سلة المستهلك من مواد غذائية ومتطلبات حياتية أخرى. المدير التجاري في أسواق الفريد، نبيل الفريد، يؤكد أن سبب غلاء ألعاب الأطفال يعود إلى أن الحكومة تتقاضى نسبة عالية من الضرائب، والرسوم على مستوردات الأردن منها. وبحسب دائرة الجمارك العامة، فإن الحكومة تتقاضى ما مجموعه 46 بالمائة من الضرائب على مستوردات الألعاب، 30 بالمائة منها "رسم جمركي موحد"، و16 بالمائة ضريبة عامة على المبيعات. الفريد يشتكي من أن موظفي الدائرة يستخدمون تقديرهم الشخصي لتخمين قيمة البضاعة التي على أساسها تدفع الرسوم. عامل في إحدى شركات التخليص الجمركي يؤكد أن الأسعار ترتفع أيضا لأن الحكومة تحتسب ضريبة المبيعات على القيمة الإجمالية على الألعاب بعد إضافة الرسم الجمركي. ويضيف: "إذا قدر الموظف أن قيمة البضاعة 10 آلاف دينار، فإنه يضيف إليها 3 آلاف دينار هي الرسم الجمركي، وتحتسب الضريبة على أن قيمة البضاعة هي 13 ألف دينار." إضافة إلى تلك الضرائب، فإن الحكومة تتقاضى ضريبة قيمتها 1 بالمائة إذا لم يحصل التاجر أو المستورد على "ورقة السفارة الأردنية من بلد المنشأ"، بالإضافة إلى 1 بالمائة "بدل وثائق" في حال قدمت معاملة التخليص الجمركي ناقصة إحدى الوثائق المطلوبة. وهكذا تتراكم الضرائب التي تضاف إليها كلف النقل وأرباح تاجر الجملة وتاجر المفرق والموزع لتصل اللعبة التي يشتريها المستورد، من الصين مثلا بعشرين قرشا، إلى المستهلك بما يتجاوز الدينار بقليل. الألعاب التي تنتشر في السوق تختلف في أسعارها ومنشئها، ولكن القسم الأعظم منها هي الألعاب ذات المنشأ الصيني من الدرجة الثالثة أو الرابعة، التي عادة ما تكون مصنعة من البلاستيك المعاد تصنيعه. وقد شهدت مستوردات المملكة من "ألعاب الأطفال وأصناف للتسلية أو للرياضة و أجزائها»، بحسب تصنيف دائرة الإحصاءات العامة انخفاضا في الربع الأول من العام الجاري، حيث بلغت قيمتها 3.6 مليون دينار في الربع الأول من العام 2007، انخفضت إلى 3.3 مليون دينار في الربع الأول من 2008. وفي موازاة سوق الألعاب المستعملة، نشأ سوق جديد يبيع الألعاب "المضروبة" stock أو تلك التي تمزق تغليفها أو كسر أحد أطرافها. هذه الألعاب التي تستورد عادة من بلدان أوروبية أو من أميركا، أو تشترى بأسعار زهيدة من المولات ومحلات بيع الألعاب الكبرى، تباع في عدة محلات حول المملكة. وقد ظهرت في الكرك أخيرا، مثلا، عدة محلات تبيع هذه الألعاب بأسعار رخيصة نسبيا تراوح بين الدينارين و العشرة دنانير. المعلمة رانيا التي تقيم في الكرك، تواظب على زيارة هذه المحلات التي تعتبر جزءا من اقتصاد الظل الذي ينمو بسرعة في المملكة جراء الارتفاع المطرد في الأسعار. |
|
|||||||||||||