العدد 33 - كتاب
 

بعد طول تردد أو امتناع، قرر البنك المركزي الأردني، رفع أو زيادة نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي الذي تلتزم البنوك بايداع القيمة المقابلة لديه، ودون فائدة، من (8 بالمئة)، الى (9 بالمئة) من إجمالي ودائعها.

هذا القرار رغم تأخره يأتي في الإتجاه الصحيح لقيام البنك المركزي باستخدام أهم أدواته أو أسلحته النقدية في الحد من السيولة النقدية العالية التي تراوحت بين (11 بالمئة) إلى (17 بالمئة)، خلال السنوات الماضية، التي تمكنه أيضاً من إلزام وحدات الجهاز المصرفي الأردني (البنوك) على تقليص زخم اقراضها الذي توسع كثيراً وفي حوالي (71 بالمئة) من اجمالي ودائعها بالدينار في 2003 الى (95بالمئة)، من ودائعها مؤخراً والنسبة الأخيرة خطرة في اتجاهين: خطرة على البنوك نفسها التي توسعت في الإقراض وخطرة أيضاً في ضوء آثارها على زيادة السيولة وزيادة الطلب على السلع والخدمات والتسبب في المساهمة في إشعال ضغوط تضخمية تجاوزت الخط الأحمر (المحدد عرفاً بـ10بالمئة) ليتجاوز نسبة (13.1 بالمئة)، في 2007، (13.5 بالمئة) في نهاية شهر أيار الماضي.

كما أن زيادة نسبة وقيمة الاحتياطي النقدي الإلزامي يشكل ضمانة اضافية للمودعين باعتبار أن جزءاً أكبر من ودائعهم أصبح في عهدة المركزي وبما يدعم ويعزز الثقة العامة للمودعين في التعامل المصرفي.

ولا يخلو القرار من ميزة ذاتية للمركزي إذ إن رفع نسبة الاحتياطي بـ(1 بالمئة)، سيزيد من قيمة ما تُلزَمْ البنوك بايداعه لديه بحوالي (170) مليون دينار معفاة من أي فائدة، وزيادة قيمة هذا الاحتياطي ستمكن البنك المركزي من تقليص استخدام «شهادات الايداع»، التي يصدرها بالدينار ويقترض بموجبها من البنوك، ولكن بسعر الفائدة السائد، التي استنزفت جانباً كبيراً من ربحيته خلال السنوات الماضية، وهي أداة أي شهادات الايداع لجأ اليها البنك المركزي للحد من السيولة ولكن بكلفة ثقيلة عليه خلافاً لنسبة الاحتياطي الالزامي.

وعلى أهمية قرار المركزي برفع نسبة الاحتياطي الإلزامي بواحد في المئة، إلاّ أنه ليس كافياً ولا يزيد عن كونه خطوة في الاتجاه الصحيح، ونعتقد بأن يقوم المركزي لاحقاً برفع متدرج لهذه النسبة حتى تستكمل العناصر الإيجابية المفيدة لهذا الاجراء السابق بيانها، ونذكر بأن النسبة لم تنخفض ابتداءً من (14بالمئة) حتى بداية هذا العقد عندما تم تخفيضها من (14 بالمئة) إلى (8 بالمئة) على مدار ثلاث سنوات.

ندعو الى ذلك رغم أننا نتوقع صدور صرخات واحتجاجات عالية من العديد من الوسطاء والمضاربين وأصحاب المصالح الذاتية الضيقة، وسيقولون عن هذا الإجراء أكثر مما قاله مالك في الخمرة، وبأنه سيؤدي الى أزمة مصرفية وأخرى اقتصادية، وبأنه سيكون المسؤول الأول عن تدهور النشاط في البورصة وبداية ذوبان فقاعة أسعارها، وكما حدث جزئياً عندما قامت إدارة شركة مصفاة البترول بنشر افصاح تضمن حقيقة موضوعية عن كون تقدير سعر سهمها من قبل شركاء محتملين، بأقل من السعر السوقي السائد في البورصة، والمبالغ به كثيراً بتأثير المضاربة والذي يتجاوز المستوى الذي تحدده المعايير العلمية لتقييم الأسهم بما في ذلك معايير «مضاعف السعر/الايراد P/E» الذي تجاوز رقم (100).

وسبق هذا القرار قرار آخر ايجابي للمركزي حدد بموجبه سقف (20بالمئة)، من الودائع كحد أقصى لما يمكن للبنك المركزي اقراضه لأغراض التمويل العقاري بعد أن لاحظ تخمة اقراضية ساهمت في خلق فائض في وحداته، وارتفاع حاد في أسعاره، وحبذا أن يقوم المركزي بالتوسع في التدخل في قرارات البنوك الائتمانية بعد ان تجاوزت نسبة قروض التجزئة الاستهلاكية (37 بالمئة)، من اجمالي تسهيلاتها، وساهمت في اشعال ضغوط تضخمية وتفاقم العجز في الميزان التجاري.

أحمد النمري: قرارات للمركزي في الاتجاه الصحيح
 
03-Jul-2008
 
العدد 33