العدد 33 - اقتصادي
 

السّجل - خاص

ما إن خلصت شركة مصفاة البترول من إنهاء عقد امتياز دام لنصف قرن مع الحكومة حتى دخلت في مخاض جديد لاستقطاب شريك استراتيجي فني / مالي للدخول في احد اكبر مشاريع الطاقة في المملكة «مشروع التوسعة الرابع».

الشركة التي فتحت العروض في حزيران الماضي، وتقدم بها المستثمرون المهتمون بالدخول بشراكة استراتيجية وهم أربعة ائتلافات هي: سيتي ديل، ونور الكويتية، والمستقبل، والمستثمر طارق عبدالهادي، تراجعت قيمة أسهمها السوقية بعد ذلك بشكل كبير في حين حمل مستثمرون إدارة الشركة عبء ذلك. وتبعاً لذلك فقدت القيمة السوقية للشركة نحو 135 مليون دينار في 5 جلسات تداول في بورصة عمان.

يوم الخميس 19 حزيران أغلق سعر سهم مصفاة البترول التي يبلغ رأسمالها 32 مليون دينار قريباً من مستوى 23 ديناراً فيما أغلق في ختام الأسبوع الذي أعقبة عند مستوى 17.9 ديناراً الأمر الذي أرجعه خبراء ماليون للإفصاح الذي أصدرته الشركة بتاريخ 22 حزيران حول العروض المالية والفنية للشركات الراغبة في الدخول في اتفاقيات شراكة لمشروع التوسع.

ويعتبر خيار توسعة شركة مصفاة البترول أفضل خيار درسته الاستراتيجيتان / القديمة لقطاع الطاقة لعام 2004 والمحدثة لعام 2007 فيما يخص قطاع تكرير وهيكلة سوق النفط الأردني.

إفصاح...فتراجع

في إفصاح صدر عنها نفت إدارة الشركة يوم الأحد 22 حزيران 2008 الإشاعات حول قيمة العروض التي استلمتها من المستثمرين المهتمين للدخول في شراكة مع «المصفاة» لأغراض التوسع أن تكون أعلى من القيمة السوقية للسهم.

وقالت الشركة في إفصاح لها رداً على كتاب هيئة الأوراق المالية حول ارتفاع سعر السهم بشكل ملحوظ خلال الفترة بين 10 الى 17 حزيران 2008، إن قيمة العروض المستلمة تقل بشكل ملحوظ عن القيمة السوقية الحالية للسهم، كما أن السبب الرئيسي لارتفاع سعر السهم هو عوامل السوق كالتوقعات والمضاربات والإشاعات حول أن قيمة العروض لمشروع التوسعة أعلى من القيمة السوقية للسهم.

ويعتبر محلل الاستثمار المالي، مراد حجازين، الإفصاح والصيغة التي خرج بها أنها تضمنت إشارات واضحة حول سعر السهم دون ترك التداول يتفاعل وفقا لقوى العرض والطلب ذاكراً أن الشركة استلمت عروضاً من الشركات المهتمة وأنها تدرس هذة العروض وستختار إحداها مما يعني الشروع في مشروع التوسعة قريباً، وكان الأجدى ترك قوى السوق تتفاعل مع معطيات البيانات المالية.

ودعا الى ضرورة التعاطي بشفافية أعلى مع المتعاملين، ومالكي الأسهم في الشركة التي يبلغ رأسمالها 32 مليون دينار باعتبارها مؤسسة وطنية حيوية وفعالة في الاقتصاد الوطني يملك أسهمها اكثر من 25 ألف مساهم ومؤسسة.

المصفاة والشريك

شركة مصفاة البترول الأردنية بقيت طيلة 50 عاماً ماضية 1958 – 2008 لاعباً وحيداً في سوق النفط الأردني وبمراقبة حثيثة من الحكومة التي كانت حاضرة في مجلس الإدارة نتيجة اتفاقية امتياز وضعت في 2 آذار 1958.

الآن، تغير الوضع فالجهة الوحيدة المسؤولة عن استيراد وتكرير وتسويق وبيع جميع المشتقات النفطية في المملكة جرى فك عقد الامتياز معها منذ شباط 2008 مما أعطى صافرة انطلاق مارثون وفتح سوق البترول للمنافسة متزامناً مع خطة لتحرير سوق المشتقات النفطية بشقية ـــ التسعير / الهياكل.

هذا كله ترافق مع خطة طموحة لشركة مصفاة البترول لتنفيذ مشروعها العملاق «مشروع التوسعة الرابع بكلفة 1،6 مليار دولار»، الذي يطور الطاقة التكريرية للشركة لتلبي الطلب المحلي حتى العام 2025 ويتم ضمنه مد خط أنابيب بين العقبة وموقع مصفاة البترول بالزرقاء ويرتقي بمواصفات المنتجات لتصل الى مستوى المنتجات الاوروبية.

وبحسب بيانات وزارة الطاقة الأميركية department of energy فإن القدرة التكريرية للنفط في المملكة Petroleum Refinery Capacity انخفضت بنحو 10 بالمئة منذ العام 1998 ومن 100 ألف برميل يومياً الى 90 ألف برميل نتيجة الاستهلاكات وبالتالي عجزت شركة مصفاة البترول عن تلبية حاجات السوق من المشتقات النفطية عند مستوى إنتاجها الحالي يضاف الى ذلك نمو الطلب السنوي بمعدل 3 بالمئة سنوياً، وهو ما دفع الشركة للمباشرة في اطلاق مشروع التوسعة الرابع، والذي يتطلب جذب شريك استراتيجي ذي مقدرة تقنية ومالية، وسيتم خلال العام الحالي، ويدعم رأي المراقبين بأن الشركة ستبقى اللاعب الأكبر في السوق النفطي الأردني.

ويسلم المراقبون في قطاع الطاقة بأن شركة مصفاة البترول بواقعها الحالي والتطورات اللاحقة التي ستطرأ على أدائها في المستقبل ستبقيها اللاعب الأبرز في سوق البترول في ظل معطيات الاقتصاديات الشحيحة لإنشاء مصفاة بترول جديدة في بلد لا ينتج النفط وسط منطقة منتجة.

اللاعب الأكبر

مبيعات شركة مصفاة البترول في 2007 بلغت نحو 2 بليون أو ما يعادل 4 ملايين طن من المشتقات النفطية. ويتوقع أن يصل هذا الرقم الى 5.5 مليون طن بحلول العام 2011 وليصل في مراحل لاحقة الى 6،8 مليون طن بعد العام 2015.

وسيخفض مشروع التوسعة من الحاجة الى استيراد المشتقات النفطية الجاهزة ويزيد من قدرة الشركة التنافسية مما يعطيها ميزة تنافسية أكبر، إذ أن استيراد المشتقات الجاهزة أكثر كلفة من استيراد البترول ومن ثم تكريره في المصفاة.

ويخفض المشروع عبر انبوب العقبة والمصفاة من الكلف التي تلاقيها الشركة جراء عمليات استيراد المنتجات النفطية الجاهزة من الأسواق العالمية بحراً إلى العقبة ومناولتها وتخزينها ومن ثم نقلها لمراكز الاستهلاك.

ويعتقد عضو مجلس ادارة الشركة، واصف عازر، أن المباشرة بتنفيذ حزمة مشروع التوسعة الرابع المقرر البدء فيه نهاية العام 2008، سيمكن الشركة من ان تصبح قادرة على تغطية أغلب أو كل احتياجات الاقتصاد من المشتقات النفطية خلال السنوات القادمة، وسيحقق الوفر في بعض المشتقات التي ستتحول من الوقود الثقيل الى مشتقات خفيفة.

ويؤكد عازر تصميم إدارة الشركة على تنفيذ مشروع التوسعة بأسرع وقت لأن المشروع يعبر عن مصلحة اقتصادية وطنية ويلبي الطلب المتزايد على الطاقة ويضاعف الطاقة التكريرية للشركة.

ويدعم القائم بأعمال نقابة المحروقات فهد الفايز وجهة النظر التي تقول إن مشروع التوسعة الرابع سيعزز مكانة الشركة في الأمدين القصير والطويل كلاعب استراتيجي في سوق المشتقات النفطية.

وتفترض الدراسات الحكومية ان يخفض مشروع أنبوب العقبة المصفاة الذي يكلف نحو 260 مليون دولار، سعر الطن من النفط بنحو دولارين حيث أن معدل سعر برميل النفـــط الــخام واصلاً لموقع المصفاة يساوي سعر برميل «العربي الخفيف» مضافاً إليه كلفة النقل والمناولة والبالغة 4 دولارات.

بالإجمال ورغم الإشكاليات التي يلاقيها سهم الشركة في السوق، فإن اتفاقية التسوية، وإنهاء الامتياز مع الحكومة، وإطلاق يد المصفاة للعمل على أسس تجارية اضافة الى تنفيذ مشروع التوسعة ومد أنبوب النفط بين العقبة والمصفاة وقلة الجدوى الاقتصادية من بناء مصفاة جديدة في المملكة في سوق يستهلك 100 ألف برميل يومياً فقط .... كل ذلك سيبقي مصفاة البترول اللاعب الأبرز والاستراتيجي في سوق النفط الأردني.

بين انتهاء الامتياز واستقطاب شريك استراتيجي: “مصفاة البترول” اللاعب الأكبر في السوق النفطية اليوم وغداً
 
03-Jul-2008
 
العدد 33