العدد 33 - دولي
 

بحضوره قمة شرم الشيخ لدول الوحدة الإفريقية، كان رئيس زيمبابوي روبرت موغابي، يقوم بأول مهمة له خارج بلاده، بوصفه رئيسا لها بعد أن فاز بالرئاسة في انتخابات انسحب منها منافسه القوي، مورغان تشانغراي، رئيس الحركة الديمقراطية من أجل التغيير.

كشأنه دائما، هو الذي قاد بلاد إلى الاستقلال، عام 1980، بدا موغابي متحفزا في أثناء حضوره المؤتمر، حيث كان يعرف أنه سيكون في صورة أو أخرى «نجم المؤتمر» بأسوأ معاني النجومية، وبخاصة بعد الانتخابات الإشكالية؛ التشريعية، التي شهدتها بلاده، والتي فازت فيها المعارضة بالأغلبية، لأول مرة منذ الاستقلال، والرئاسية، التي خاضها منفردا بعد حملة تخويف وإرهاب اتهمه أنصاره بالقيام بها لضمان الفوز بالرئاسة بعد أن خسر حزبه (زانو)، الأغلبية البرلمانية.

الرئيس المصري حسني مبارك، رئيس القمة الإفريقية، لم يتطرق في كلمته التي افتتح بها المؤتمر لما يجري في زيمبابوي، أما الرؤساء الأفارقة الآخرون، فكانوا حريصين على التهدئة مع موغابي، بسبب وجود وساطة يقوم بها رئيس جنوب إفريقيا ثابو مبيكي، وهي وساطة أشار إليها البيان الختامي للقمة، غير أن الناطق باسم الرئيس موغابي، جورج تشيرامبا، خرج إلى الصحفيين ليعلن أن زيمبابوي تعتقد «أن بعض الدول في إفريقيا بدأت تتبنى موقف الولايات المتحدة وبريطانيا» من زيمبابوي وعليه فإن بلاده «ترفض فرض تلك الوساطة.»

جنوب إفريقيا، هي الدولة الأقرب إلى زيمبابوي جغرافيا، فهي ترتبط مع نظام الرئيس موغابي بعلاقات وثيقة، حيث كان حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي يحكم جنوب إفريقيا اليوم يتلقى من زيمبابوي دعما غير محدود، في أثناء نضاله من أجل إنهاء نظام التمييز العنصري القائم آنذاك، وهي في الوقت نفسه الدولة الأكثر تأثيرا على زيمبابوي، لكنها اتخذت موقفا لينا من موغابي، بذريعة الوساطة التي يقوم بها رئيسها ثابو مبيكي بين الحكومة والمعارضة، وهو موقف استدعى نقدا وجهه رئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الجديد، جاكوب زوما.

الوساطة المشار إليها تقوم على إجراء مصالحة وطنية بين الحكومة والمعارضة في زيمبابوي، ومن ثم الاتفاق على اقتسام السلطة بين الجانبين، على غرار ما حدث في كينيا قبل شهور في أعقاب انتخابات إشكالية جرت هناك في مطلع العام الجاري. غير أن الناطق باسم موغابي نفى الوساطة ساخرا من «الطريقة الكينية» التي اتخذت مثالا للحل.

وقد جاءت السخرية من حقيقة تستدعيها حقا، فقد كان رئيس كينيا رايلا أودينغا هو الأعلى صوتا في انتقاد ما جرى في زيمبابوي، وطالب بتعليق عضويتها في منظمة الوحدة الإفريقية، دون الالتفات إلى أن الانتخابات التي فاز فيها هو نفسه لم تكن أقل إشكالية، ما أدى إلى انتشار العنف وحدوث مذابح أودت بأرواح 1500 كيني، قبل التوصل إلى حل وسط يقوم على تقاسم السلطة بين الحكومة والمعارضة. وخلال المفاوضات للتوصل إلى الصيغة المشار إليها لم يكن موقف إودينغا أقل تعنتا من موقف موغابي. وهذا ما جعل جورج تشيراما، الناطق باسم موغابي يعلن للصحفيين أن يدي أودينغا ملطخة بدماء إفريقية، وأن «الطريقة الكينية» للحل لا تناسب زيمبابوي، التي اختارت حلا وطنيا بانتخاب موغابي، كما قال.

في غضون ذلك كان زعيم المعارضة تشانغراي، يغادر السفارة الهولندية في هراري، حيث كان قد لجأ إليها خوفا على حياته، بعد تلقيه تهديدات بالقتل قبيل الانتخابات التي انسحب منها قبل إجرائها. وقد تعرض موقف تشانغراي لانتقادات عديدة من جانب أنصاره، وكذلك من داخل حزبه، بسبب موقفه الذي اعتبر ضعيفا وغير قتالي، كما يليق بزعيم للمعارضة، عليه أن يقود الجماهير في الشارع، بدلا من أن يلجأ إلى سفارة دولة غربية، تتهم المعارضة بأنها ألعوبة في يدها.

في النهاية، فقد خرج موغابي منتصرا لحضوره المؤتمر، مثلما خرج منتصرا في الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل، وفي الحالتين لم يكن انتصاره بسبب قوته، بل بسبب ضعف مواقف خصومه الذين لم يثبتوا أنهم أفضل منه كثيرا.

موغابي ينتصر لضعف خصومه داخلياً وخارجياً
 
03-Jul-2008
 
العدد 33