العدد 33 - أردني | ||||||||||||||
السّجل - خاص "حلمي في الأمس، كما هو اليوم، وكما هو في كل يوم، هو أن ألتحق بالخدمة العسكرية." هكذا يصف جميل طه القيسي قاده حلمه بأن يصبح عسكريا إلى بون في العام 1951، ليلتحق بجيش ألمانيا الغربية. لم يكن جميل قد تجاوز السادسة عشرة من عمره حين جاء الرد على طلبه الالتحاق بالجيش الأردني بالسلب. فقرر الرحيل لاعتقاد منه أن كلوب باشا، قائد الجيش وقتذاك، كان يفضل تجنيد أهل البادية على أهل الحضر. بدأ جميل القيسي، مشواره في بون دارساً للزراعة. وهناك زاوج بين الدرس والعمل، فاشتغل في مناجم الفحم الحجري. لكن حلمه بالعسكرية ظل يراوده، فحاول الالتحاق بالجيش الألماني، وهو ما كان "مستحيلاً"، آنذاك، فهو لم يكن قد أمضى 10 سنوات في ألمانيا، وهي المدة التي تؤهله للحصول على الجنسية الألمانية. فبدأ بمخاطبة وزارة الدفاع مباشرة. ويستذكر القيسي: "واظبت على إرسال برقيات لوزير الدفاع آنذاك جوزيف فرانز شتراوس، وكنت أذهب إلى منزله، وأقف له في الطريق." فلم يبق أمام شتراوس، مع كل هذا الإصرار إلا أن سمح له بالتسجيل في صف المرشحين والخضوع لامتحان صعب لمدة أسبوع كامل شمل مقابلات مع 30 ضابطاً ومدنياً في كل مرة، وامتحانات في المعلومات العامة، والأنشطة الرياضية. المفارقة أن جميل نجح في الامتحان المستعصي. لكن المشكلة بقيت دون حل، فهو لم يكن حصل بعد على الجنسية الألمانية، ما حال دون انخراطه في الجيش. ويروي أنه طلب من زميل له ألماني، كان ضابطا في الجيش، أن يكتب لوزير الدفاع خطاباً يتوعد فيه بنقل المسألة إلى محكمة العدل العليا. يقول: "قيل لي فيما بعد أن وزير الدفاع وافق على التحاقي بالجيش الألماني وقال ‘دخلوه على مسؤوليتي‘". وهكذا أصبح جميل طه القيسي ضابطاً في الجيش الألماني حيث أمضى 12 عاماً ظل طوال 11 عاماً منها يحمل الجنسية الأردنية. في العام1968، التقى القيسي بالملك الحسين. كان الملك الحسين يحضر مناورة في ألمانيا. وقد انتدب القيسي الذي كان قائد سرية دبابات برتبة نقيب كي يترجم له. فسأله الملك "هل أنت سعودي؟" فرد القيسي "لا جلالتك أنا أردني". فسأل الملك "هل أنت في دورة هنا؟" أجاب "الجيش الأردني لا يبعث دورات على ألمانيا، أنا ضابط في الجيش الألماني." فسأل الملك "بدك تنزل ع الأردن؟" فرد القيسي "نعم". فقال الملك "جيشنا أصبح معرباً الآن، واحنا كل الشباب الممتازين إللي بيحبوا وطنهم أنا بحب أجيبهم ع البلد." وهكذا أصدر الملك الحسين على الفور أمراً باعتبار القيسي ضابطاً في الجيش العربي في اللحظة التي يدخل فيها الأردن براً أو جواً أو بحراً. بعد أقل من شهر عاد القيسي إلى عمان برتبة نقيب، وبدأ العمل في وحدة الاستخبارات. ويتذكر القيسي بكثير من المحبة كيف أن راتبه كنقيب في الجيش الألماني بلغ 5 آلاف مارك، أما في الجيش العربي فلم يتجاوز 36 ديناراً و65 قرشاً.. لم يمض وقت طويل حتى شارك القيسي في معركة الكرامة ضابطاً لاستخبارات الفرقة. ونال وساماً عن مشاركته تلك. بعد ذلك عاد القيسي ملحقاً عسكرياً في السفارة الأردنية في بون حتى 1971، ليرجع إلى الأردن مرة أخرى ويتنقل في العمل في وحدات الجيش حتى تقاعد برتبة عميد. |
|
|||||||||||||