العدد 33 - أردني
 

السّجل خاص

فوجئت أوساط سياسية وصحفية في البلاد بمقال نشرته صحيفة "العرب اليوم" الثلاثاء 24 حزيران الماضي على الصفحة الاولى لناشرها العين رجائي المعشر حدد فيه " 5 حقائق عن "العرب اليوم" بوصفها "صحيفة دولة وليست صحيفة حكومة أو شخص".

المعشر تحدث عن اتباع الصحيفة خط فصل التحرير عن الإدارة، ووجود ثوابت تشكل خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها من بينها: الدين، والنظام، والدولة، والولاء للعرش، والسماح لجميع الأطياف بالتعبير عن آرائها من خلال الصحيفة، وأنها مسؤولة عما يكتب فيها فقط، وليس ما يكتبه كتابها في صحف ومواقع أخرى، وعدم استخدام الصحيفة لتصفية الحسابات الشخصية.

المقال جاء رداً على اتهامات وأحاديث وردت الى مسامع المعشر للصحيفة بالاصطفاف ضد سياسات الليبراليين الجدد ومشاريعهم إضافة إلى اتهامها بالطائفية، والإقليمية والشخصنة، في سابقة هي الأولى في تاريخ الصحافة المحلية.

مراسل «القدس العربي» في عمان، بسام البدارين، وصف مقال المعشر بأنه «اعتذارية» قدمتها العرب اليوم، مشيراً إلى أن المعشر استدعي الى مرجعية عليا، وأن الصحيفة ستشهد في الأيام القليلة المقبلة تراجعا أمام الضغوط التي يمارسها الليبراليون محط انتقاد الصحيفة».

الصحيفة نفت رسمياً انعقاد هذا اللقاء، قائلة إن المعشر طلب لقاء الملك عبدالله الثاني منذ ما يقارب الأربعة أشهر، إلا أن موعداً لم يحدد له.

«العرب اليوم»، من خلال زاوية كواليس، وهي الأكثر قراءة في «العرب اليوم»، ردت على تقرير «القدس العربي» بالقول إن الحديث «عن أنه تم استدعاء رئيس مجلس إدارة صحيفة العرب اليوم رجائي المعشر يوم لمؤسسة مرجعية مهمة في الدولة»، هو كلام عار عن الصحة، وأن ذلك المراسل بنى على هذه المزاعم الكاذبة تحليلاً مفاده أن مقالة المعشر التي نشرت الأسبوع الماضي حول صحيفة «العرب اليوم» اعتذارية، وتمهد لتراجع في خط الصحيفة المهني. كما نفى هذه الأقوال مقربون من المعشر، في تصريحات خاصة لـ«ے».

المفاجأة كانت في منحنى الاتهام بـ«الطائفية»، وذلك عبر شكاوى وردت الى ناشر الصحيفة، تشكو استكتابه «أربعة مسيحيين» للهجوم على خط سياسي معين. الناشر المعشر رد في مقاله على أحاديث وصلت إلى مسامعه من أصدقاء ومسؤولين عن كون الصحيفة «تستكتب مسيحيين لمهاجمة أشخاص وسياسات، وكتاباً أردنيين لمهاجمة كتاب من أصل فلسطيني»، بالقول «بقدر ما أبغض الإقليمية، والطائفية والعنصرية، والفئوية، والجهوية، فإنني اشمئز ممن يلجأ إليها للدفاع عن موقف أو ليظهر وكأنه المستضعف، فكل هذا لا يسمح به الهاشميون، ولا يسمح به الأردنيون الأنقياء، ولا يسمح به الدستور الأردني».

كما نفى المعشر اصطباغ الصحيفة بأي لون بالقول «هناك من يتحدث عن أن الصحيفة أصبحت صحيفة صفراء تسعى نحو الثارة، أو أنها أصبحت صحيفة معارضة لكل شيء، أو أنها جريدة تمثل وجهة نظر اليسار، أو أنها صحيفة إقليمية اللون تسعى الى تدمير شخصية أو أخرى بحسب أهواء أصحابها ومحرريها.»

ويستذكر إعلامي بارز، في حديث لـ«ے»، أن القراء والمتابعين ما زالوا يتذكرون ذلك الهجوم الذي قادته الصحيفة على مروان المعشر، الذي تولى صياغة الأجندة الوطنية مع مجموعة من السياسيين الذين يشاركونه توجهاته الإصلاحية، ويرى في ذلك دليلاً على حيادية الصحيفة وإفساحها المجال لمختلف الآراء بغض النظر عن الانتماء الديني والسياسي والمذهبي. ولا يتردد الإعلامي نفسه في أن يشدد على موقفه المعارض لحملة الصحيفة على المعشر ويرى أنها كانت تعبيراً عن موقف مناهض للإصلاح، فهو يعتقد أن الأجندة الوطنية شكلت أهم وثيقة للإصلاح الوطني منذ العام 1989، ويعتبرها استكمالا وتفصيلاً لـ«الميثاق الوطني».

مدير تحرير المحليات في الصحيفة، فهد الخيطان، قال في زاويته اليومية، التي تعتبر من أكثر الزوايا متابعة في الصحف المحلية، إن كل ما يجري في البلاد وأوساط النخبة السياسية من حوار وطني حول بيع الأراضي؛ المدينة الطبية والقيادة العامة، وقضية الكازينو الذي وقعت حكومة البخيت عقده مع شركة استثمارية من خلف الكواليس، وقضية مهرجان الأردن وشبهة التطبيع وعلاقة الشركة المنظمة مع إسرائيل وتنظيمها لاحتفالاتها بعيد ها الستين يعود الفضل في الكشف عنه لـ«العرب اليوم» التي امتلكت الجرأة على كشفة.

إلا أن الإعلامي، الذي حرص على وصف نفسه بالمحايد، يرى أنه رغم ارتفاع سقف الصحيفة فإنها لم تتابع أياً من الملفات التي فتحتها، التي أبدى الرأي العام اهتماماً كبيراً بها، معتبراً أن ذلك ينتقص من مهنية الصحيفة.

مدير تحرير الاقتصاد في الصحيفة، سلامة الدرعاوي، الذي كشف قضايا الكازينو والجهة المنظمة لمهرجان الأردن وبيع الأراضي، يقول في رد ضمني على الانتقاد، بقوله إن الصحيفة، بعد التأكد من المعلومات التي وردت إليها، قامت بنشر الموضوعات، وفي وقت لاحق قامت الحكومة بتأكيد ما نشرته «العرب اليوم».

الدرعاوي، يؤكد على متابعة الصحيفة للمعلومات التي وصفها بالمهمة للقارئ، التي ساهم كتابها ومندوبوها في متابعة تفاصيلها بما ينسجم مع خط الجريدة وتوجهها في كشف هذه القضايا للرأي العام.

يقول أحد محرري العرب اليوم لـ«ے» إن «الصحيفة تتفهم الأجواء السياسية في البلاد، ولا تستطيع البقاء على مستوى واحد من التصعيد، فمسؤولية متابعة القضايا تعود أيضاً للصحف الأخرى التي من واجبها البحث والتقصي.

تحل الصحيفة في موقع متقدم من حيث التغطية للقضايا مثار الخلاف والجدل، وقد انفردت بنشر تقارير المركز الوطني لحقوق الانسان على صدر صفحتها الأولى، أي بما يتناسب وموقع المركز المرموق على مستوى حياديته ومهنيته في إعداد التقارير، وبما يتناسب مع أهمية ما جاء في التقارير المذكورة، في حين اكتفت صحف أخرى بنشره في الصفحات الداخلية، وفي بعض الأحيان نشرت خبراً مقتضباً عن التقارير.

«العرب اليوم» هي الرابعة بين الصحف اليومية من حيث التوزيع، بحسب مسوح صحفية، لكنها تحتل موقعاً متقدماً من حيث ما اصطلح على تسميته «السقف»، وتعتبرها نقابات وأحزاب وقوى معارضة «صحيفة المعارضة».

وبحسب الصحيفة فإن موقعها الإلكتروني يشهد يومياً دخول آلاف الزوار من مختلف الانتماءات والتيارات السياسية التي تبحث عن الخبر الذي لا تجده في مواقع أخرى، وقد حل موقع الصحيفة ثانياً بعد موقع صحيفة «جوردان تايمز» في استطلاع أخير عن واقع القراءة في البلاد أجرته منظمة «آيركس».

ويرى إعلاميون يتمتعون باحترام وصدقية، أن الصحيفة تجنح أحياناً إلى اتخاذ مواقف قومية شعبوية، مثل ترددها في إدانة الإرهاب الذي ترتكبه بعض قوى مقاومة عراقية، وفي عدم ترددها في نشر مقالين يحملان ثناء على الزرقاوي لأحد كتابها، وكذلك في تأييدها لانقلاب قوى معارضة لبنانية على الدولة في لبنان، ونشر مقالات ذات نزعة إقليمية صريحة تشكك في حقوق المواطنة وتدعو للانقلاب عليها.

غير أن الخيطان يرى «أن عناوين الصفحات الأولى للصحيفة حول التفجيرات الانتحارية في عمان وما يجري في العراق من تفجيرات انتحارية تعبير أوضح على موقف الصحيفة.»

أما عن اتهام الصحيفة بالدفاع عن الزرقاوي فيقول الخيطان «في العرب اليوم هناك فرق بين الدفاع وبين التحليل الموضوعي للظاهرة».

التوسع في التأويل الذي وجّه لمقال المعشر أو الالتفاف على المضمون، دفع رئيس تحرير الصحيفة الزميل طاهر العدوان، وهو شخصية تتمتع باحترام واسع في الأوساط الإعلامية والسياسية، للكتابة في مقاله اليومي أن "الصحيفة تغضب الفاسدين والحاقدين،" وكان أكثر صراحة من سابقيه حيث انتقد سياسات الليبراليين وازدواجية معاييرهم في إشارة غير مباشرة الى رئيس الديوان الملكي.

وقال العدوان «أحتار في أمر من يزعمون بأنهم «ليبراليون» عندما ينتقدون «العرب اليوم» لأنها تكشف المعلومات التي من حق الأردنيين أن يطلعوا عليها، أو لأنها تنشر آراء وتعليقات تعبر عن تيارات وأفكار مختلفة، من اليسار الى اليمين. فأي ليبرالية هذه التي يُبّشرون بها غير كونها ليبرالية فاسدة ومفسدة، تريد أن تدخل الوطن في دوائر من التعتيم الإعلامي لتغطية تجرؤهم على الدولة والمجتمع!»

الحملة على “العرب اليوم”: ملاحظات مهنية أم حسابات سياسية؟
 
03-Jul-2008
 
العدد 33