العدد 32 - أردني
 

مع اتساع شبكة الإنترنت وتحولها إلى جزء أساسي من الحياة الحديثة، بدأ المجرمون بالعمل على إيجاد ثغرات ينفذون من خلالها لاقتراف نوع جديد من الجرائم، يقوم على سلب الناس أموالهم وهم في بيوتهم، أو بالسطو على الشركات والبنوك من دون الحاجة إلى خلع أي أبواب أو كسر أي أقفال.

ظهر مفهوم "جرائم الإنترنت" لأول مرة في مؤتمر عقد في استراليا أواخر تسعينيات القرن الماضي، بعد تنامي هذه الظاهرة على مستوى العالم، وتزايد خسائر الشركات جراء هذه الممارسات، ثم ارتفاعها إلى مستويات قياسية، ما دعا لمواجهة هذا النوع الجديد من الجرائم بطريقة فعالة.

جرائم الإنترنت ليست واحدة، فمنها ما يكون موجهاً ضد شركة أو مؤسسة بذاتها، مثل اختراق موقعها الإلكتروني أو جهاز الشركة الرئيسي (الخادم)، للقيام بتحويل أموال أو تعديل معلومات، ومنها ما يكون منتشراً على نطاق أوسع، مثل نشر الفيروسات التي تصيب عدداً كبيراً من الأجهزة على مستوى العالم.

في الأردن بدأت هذه الجرائم بالازدياد في السنوات الأخيرة، وبدأت الخسائر بالارتفاع بشكل واضح، فبات من الواجب النظر بعين القانون إلى هذه الجرائم، بوضع أطر تشريعية وقوانين واضحة لمعاقبة الفاعلين وكشفهم بأسرع وقت. غير أن الوعي بخطورة هذه الجرائم ما زال منخفضاً، إذ يصعب الكشف عنها ما دامت لم تنتشر على نطاق واسع. وفي العادة فإن صاحب الجهاز نفسه لا يستطيع الكشف عن هذه الأفعال، فمجرمو الإنترنت والمخترقون لشبكاته (الهاكرز)، يتميزون بقدرتهم على إخفاء الأثر والمغادرة بدون ترك أدلة.

وتعد الجرائم الاقتصادية و"السطو الإلكتروني" الأشهر على مستوى المملكة، وآخرها قضية الحدث الذي استطاع تحويل 12 ألف دينار لحسابه الخاص، باختراقه لأجهزة عدة بنوك في عمان. بينما يعد نشر الفيروسات واختراق البريد الإلكتروني الشخصي، متعة يقوم بها كثير من المخربين، وعادة ما لا تعود مثل هذه الممارسة بفائدة تذكر، سوى أنها تشعر الشخص المعني بقدرته على التخريب دون أن يكشف أو يعاقب.

وتبين الإحصائيات الرسمية أن خسائر الأردن في العام 2007 جراء قرصنة الإنترنت بلغت 20 مليون دولار، أي بارتفاع عن العام 2006 بمقدار مليون دولار، إذ بلغت وقتها الخسائر نحو 19 مليون دولار، في حين انخفضت نسبة قرصنة أجهزة الحاسوب الشخصية بمقدار نقطة مئوية واحدة لتبلغ 60بالمئة بعدما كانت 61بالمئة العام الماضي. وبلغ عدد الأجهزة المعرضة للخطر من قبل مجرمي الإنترنت نحو 12 ألف جهاز حاسوب في شهر واحد فقط، كما ذكرت شركة "تريند مايكرو" المتخصصة في هذا المجال، والتي قامت بعقد ورشة عمل نهاية الشهر الماضي في عمان للإشارة إلى أهمية هذا الموضوع.

في مطلع حزيران الجاري أعلنت إدارة البحث الجنائي عن قرب افتتاح قسم مكافحة جرائم الإنترنت والتكنولوجيا والذي سيسد ثغرة مهمة من الثغرات التي ينفذ منها مرتكبو هذا النوع من الجرائم، ولكن تبقى هناك ثغرات أخرى، ربما كان أبرزها

تطوير تشريعات وقوانين قادرة على مواجهة "الجريمة الإلكترونية"، وهذا، وإن لم يسد ثغرة أخرى فإنه سوف يكون رادعا لمن يفكرون في القيام بهذا النوع من الجرائم. وهناك من يتطلع إلى أن يتم إنشاء محكمة إلكترونية للبت في هذه القضايا، التي تختلف ظروفها عن ظروف الجرائم التقليدية، وهو ما بدأ تطبيقه بالفعل في بعض الدول العربية المجاورة.

اختراق شبكة الإنترنت.. جريمة بلا عقاب
 
26-Jun-2008
 
العدد 32