العدد 5 - ثقافي | ||||||||||||||
ما بين عبدالوهاب والسنباطي، إلى مقطوعات الجاز الكلاسيكية، إلى موسيقاهم الخاصة، نجحت فرقة “زمن الزعتر” وأصدقاؤهم في رسم لوحة موسيقية حية تجمع ألحان العالم “بنكهة عمانية” في الحفل الموسيقي الذي أحيوه بداية الأسبوع على مسرح مركز تراسنطة الثقافي. الحفل ضم أعضاء الفرقة الأساسيين وهم: يعقوب أبو غوش (باص غيتار)، أحمد بركات (عود)، وناصر سلامة (إيقاع)، كما ضم إلى جانبهم عدداً من الموسيقيين الأردنيين المميزين وهم عزيز مرقة على البيانو، ونبيه بولص على الكمنجة، ويزن الروسان على الإيقاع. استهل البرنامج بمقطوعة “عطر الغجر” لعازف العود التونسي الشهير أنور ابراهام، قبل أن ينتقل إلى “سبعة” من تأليف أحمد بركات، والتي تعكس تأثراً بالموسيقى التركية وتتميز بجمل موسيقية سلسة ينطلق فيها العود بأداء مغاير للنمط الشرقي التقليدي. التحرر من النمط المعتاد سواء كانت الموسيقى ذات أصل شرقي أو غربي من أهم سمات موسيقى زمن الزعتر، حيث نجحت الفرقة في أخذ مقطوعات كلاسيكية وتلوينها بإضافات وتغييرات تعكس شخصية الفرقة وتحمل بصماتها أو بصمات المكان العَمّاني الذي يشير إليه يعقوب أبو غوش مراراً في حديثه عن أهم ما يعطي زمن الزعتر هوية موسيقية مختلفة. أحد أوضح الأمثلة على هذا كان في أداء “أوراق الخريف” و”أشيائي المفضلة”، وهما من أشهر أغاني الجاز التي أعيد توزيعها وأداؤها مراراً من قبل عدة موسيقيين، وأعطتها زمن الزعتر نكهة شرقية غنية من خلال الإيقاع والعود وتقسيمات الكمان. وتجلى هذا أيضاً في تقديم “ليبيرتانغو” – لأحد أشهر مؤلفي التانغو وهو الموسيقار الأرجنتيني “أستور بياتزولا”، بإضافات خلاقة في الغيتار باص وفي الأداء المنفرد على العود. في مقطوعتي “علامة سؤال” و”أروى”، وكلتاهما من تأليف أبوغوش، تخلق وتيرة الموسيقى شعوراً بالترقب من خلال الإيقاع المشدود والبناء المتصاعد لعناصر اللحن الذي يشد المستمع قبل أن يدعه يلتقط أنفاسه في جمل موسيقية جياشة يحملها الكمان والعود. محطات متعددة من الموسيقى المصرية تتوقف عندها زمن الزعتر لتعيد صياغة إبداعات القصبجي والسنباطي وعبدالوهاب، ملازمة للطابع الأصلي للموسيقى تارة كما في “عزيزة”، أو مطلقة العنان لمدخلات غير مألوفة تارة أخرى كما في “لونغا رياض”، التي برز فيها الأداء المنفرد للغيتار والإيقاع، واختارت الفرقة أن تختتم العرض بها. معظم المقطوعات المقدمة موجودة في ألبوم “زاد” الذي أطلقته زمن الزعتر في أيلول الماضي، وهو الألبوم الثاني للفرقة. ويتضمن الألبوم عشر مقطوعات تشمل، إضافة إلى ما سبق، إعادة توزيع لمختارات جاز عالمية مثل “حوالي منتصف الليل”. إنتاج الألبوم تم بدعم من شركة توفيق غرغور وأولاده. وتقوم شركة انكوجنيتو اللبنانية بتوزيعه في الأردن وسوريا ولبنان ومصر. وفي “زاد” تألفت الفرقة من أعضائها الأساسيين، بالإضافة إلى ضيوف على البيانو والناي والساكسوفون ساهموا في إغناء التوزيع لبعض المعزوفات المختارة. تأسست الفرقة قبل عامين ونصف بأربعة أعضاء، وأطلقت ألبومها الأول “زي كل الناس” بدعم من “ناي – مجموعة أتيكو”. وعلى الرغم من بعض المشاكل التقنية في هذا الألبوم، والتي يسارع أعضاء الفرقة بالتنبيه إليها، إلا أنه ما زال يحقق نجاحاً لافتاً، وقد ساعد الفرقة عند إطلاقه في إثبات وجود متميز على ساحة الموسيقى البديلة في الأردن والجوار – وإن كانت التجارب الموسيقية البديلة ما تزال محدودة في الأردن بشكل عام. إن المتابع لمسيرة زمن الزعتر لا يسعه إلا أن يقف تقديراً للنضج الموسيقي الذي وصلت إليه الفرقة، وللالتزام المتواصل بتقديم موسيقى جادة تنطلق من روح المكان وتخلق هوية فنية وتعريفاً جديداً للعلاقة بين الشباب ومدينتهم. |
|
|||||||||||||