العدد 32 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
في الثقافة الشعبية لا يحتل القانون موقعاً مرموقاً، فالقانون للضعفاء الذين لا يحصلون حقوقهم بجهودهم، وتعتبر عبارة "عد رجالك وارْد المي" أشهر صيغ رفض القانون (هو في هذه الحالة قانون تنظيم الدور في السقاية عند الآبار). وقد روى المرحوم روكس العزيزي قصة ذاك الذي صرخ يوماً: "لـحّد وانا اخو فلانة ما يفرض علي قانون". لكنه أيضاً روى كذلك قصة "قانون قطنة" وهي قصة ذات دلالات عميقة… وقطنة هي امرأة مشهورة بجمالها البارع، حكم على أخيها بالشنق في الشام، فتوسط كل زعماء القبائل القوية عند الوالي التركي للعفو عنه فأهملت وساطاتهم كلهم، فقررت قطنة أخت هذا الوجيه الفارس أن تتشفع في أخيها عند الوالي، فنجحت وساطتها وعفي عن أخيها وأخلي سبيله، فنظم فيها الشعراء قصائد، ومن ذلك شطر البيت الذي يقول: "قانون قطنة مِلِغياً كل قانون" وقد أصبح مثلاً شعبياً.
** حق الجرجرة أمام المحاكم "الجرجرة" أمام المحاكم تعتبر بحد ذاتها هدفاً رئيسياً من أهداف التقاضي، ووسيلة من وسائل معاقبة الخصوم، وشكلاً من أشكال تحقيق التوازن النفسي لدى المشتكي، حتى عندما يكون هذا المشتكي مدركاً مسبقاً ان موقفه القانوني ضعيف، وتعتبر العبارة القائلة "أريد فقط أن أجرجره في المحاكم"، واحدة من قواعد السلوك القانوني التي تحظى بشعبية واسعة، وقد درج الناس على الاستماع بابتهاج الى من يروي إحدى قصص الجرجرة التي قام بها المتحدث، وبخاصة عندما يؤكد لهم معرفته المسبقة بخسارة القضية، الأمر الذي يعني أن "الجرجرة" تجري هنا حسب المواصفات. حق الجرجرة أمام المحاكم، هو حق مكتسب لا يمنعه القانون، ولا يمكن حرمان الناس منه، وهم دوماً يميلون الى ممارسة هذا الحق فيجرجرون بعضهم أمام شتى المحاكم، ولما كانت الحكومات هي أيضاً –كما تعلمون- ناس من لحم ودم، فقد وجدت أن من حقها أن تجرجر خصومها أمام المحاكم، مع مراعاة الأصول المتبعـــــة، وذلـــك بالضبط ما يجري في حالة أغلب قضـــايا النشــــر التي تخسرها الحكومة عادة، ولكنها تكتفــــي بجرجرة الصحفي في المحاكم، وهي تستنـــد الى عدم تأثرها بكون "حبال المحاكم طويلة" لأنها تستمتع بوضعية مشابهة ،حيث من المعروف أن حبال الحكومة طويلة أيضاً. |
|
|||||||||||||