العدد 31 - كتاب | ||||||||||||||
حملة الإخوان المسلمين على مهرجان الأردن المزمع لا تحمل مفاجأة تذكر. وقد تكون هذه الحملة تأخرت قليلاً نظراً لانشغال الجماعة بأوضاعها بين مكتب تنفيذي ومجلس شورى وحمائم وصقور وخلافات حول محاكمات داخلية لأعضائها بعضها تم، وبعضها يثور خلاف حوله . الحملة على "مهرجان الأردن" تأخرت بعض الشيء، فقد كانت الجماعة على الدوام سباقة في رفض إقامة أي مهرجان أو نشاط فني من أي نوع، وقد دأبت على سبيل المثال على شن حملات على مهرجان جرش حتى لو كان مرسيل خليفة أو ماجدة الرومي من المشاركين فيه، وحتى مع اشتماله على أمسيات شعرية وحلقات نقد أدبي. الآن تتم الحملة على المهرجان "الجديد" انتصاراً لمهرجان جرش "القديم".وهذا هو حال غالبية الاعتراضات والانتقادات، باستثناء جماعة الإخوان المسلمين، التي تتخذ في الأصل موقفاً "جذرياً" من المهرجانات والمناسبات الثقافية والفنية، بهدف إلغائها وقطع دابر مثل هذه النشاطات. يستحق تنظيم المهرجان الجديد النقد،خصوصاً لجهة الاستعانة بشركة فرنسية تنظم احتفالات الدولة العبرية بقيامها على أرض فلسطين.وكان الأصل أن لا تتم الاستعانة بأية هيئة أو مؤسسة أجنبية واللجوء الى طرف محلي بعد تراكم الخبرات منذ ربع قرن في هذا المضمار. وجدت الجماعة في اللجوء لشركة فرنسية تتعاون مع تل أبيب ضالتها في الهجوم على المهرجان والمهرجانات.علماً أن هذه مسألة جانبية قياساً بجوهر الأمور، وهو تنظيم مهرجانات الصيف التي لا لزوم لها من وجهة نظر الجماعة التي طالبت "بتوفير نفقات المهرجان لتوفير فاتورة الماء، والكهرباء، وحليب الأطفال". يذكر أن المهرجان في صيغته الأصلية "جرش" استثماري ولا يمول حكومياً، إذ يمول ذاته بذاته. ومن المفيد التركيز على هذا الجانب بأن يتجه المهرجان لاستيفاء نفقاته.غير أن نقد الجماعة لإنفاق الأموال "في غير مواضعها" ودعوتها لمنح أولوية للغذاء والدواء، هو من قبيل استغلال المشاعر العامة.فإذا كانت الأولوية هي لتوفير الغذاء والدواء فقط، فإنه يجدر تبعاً لذلك التخلي عن العديد من الأمور مثل: التعليم، والتخطيط، والأنشطة الإعلامية وسواها، فهذه مشاريع لا تدر أموالاً، بل تتطلب نفقات يحسن والحالة هذه ادخارها لتلبية حاجات الطعام والدواء. لم تعد هناك دول يجري فيها تحريم الفنون والثقافة إلا في النطاق "التربوي" والدعائي، بعد ان دالت دولة طالبان، وربما تمثل إمارة حماس في غزة شاهداً أخيراً على العداء للفنون. وبالنظر الى استبطان جماعة الإخوان الإعجاب بطالبان، واظهار الافتتان بحماس ، فإنه لا يعود مستغرباً أن تواصل الجماعة شن حملات ضروس على الفنون وأهلها، وتبشرنا بيوم لا يكون فيها لدينا في الأردن مكان لمثل هذه الأنشطة التي تملأ جنبات كوكبنا. |
|
|||||||||||||