العدد 31 - استهلاكي | ||||||||||||||
يواجه بائعو المواد الغذائية بالتجزئة حقائق جديدة فرضها الارتفاع المضطرد في أسعار المواد الغذائية الأساسية. الحقيقة الأولى المتوقعة كانت انخفاض المبيعات أتت، بحسب خبراء، نتيجة طبيعية لتضاؤل القدرة الشرائية وانخفاض ثقة المستهلك بالاقتصاد. لكن الحقيقة التي يقف التجار مدهوشين حيالها هو ان مبيعاتهم من الأغذية انخفضت في الوقت الذي شهدت فيه مبيعاتهم من السجائر و»بطاقات» شحن الهواتف الخلوية ارتفاعا ملحوظا. أبو أندريه، أحد تجار التجزئة في جبل عمان، لاحظ أن المواطنين يشترون كميات أقل من المواد الغذائية الأساسية، ويعزفون عن شراء ما أسماه المواد الغذائية الكمالية كالشوكولاتة والعصائر الجاهزة. ويستطرد البائع الخمسيني: «كنت عادة ما أستقبل زبائن يشترون علبة مشروبات غازية وأصبعا من الشوكولاتة. هؤلاء الزبائن أنفسهم يأتون لشراء أرز وسكر وزيت وشاي، ويلغون أي مواد كمالية.» يبتسم البائع الذي يستدرك بسرعة قائلا: «ما عدا البطاقات <بطاقات الخلوي> والدخان.. فمبيعاتها ما زالت كما هي.» ومثل الدخان وبطاقات الشحن، يرى بائعون أن مبيعات المشروبات الروحية أيضا لم تسجل أي انخفاض، رغم أن الكحول والتبغ كانت من المواد التي رفعت الحكومة الضرائب عليها مؤخرا وبنسب مرتفعة. وكانت الحكومة قررت منتصف نيسان/ابريل الماضي زيادة الرسوم الجمركية على مواد مختلفة من أبرزها المشروبات الروحية والتبغ بنسب تتراوح بين 50 و 100 في المئة. «هذه ممارسات استهلاكية غريبة جدا»، يقول النائب منير صوبر الذي عمل وزيرا للتموين في حكومة عبد الكريم الكباريتي بين عامي 1996 و1997. ويضيف: «لاحظت أن الكماليات أصبحت أساسيات، وأن الناس اعتمدوا نمطا استهلاكيا يتجه للرفاهية في ظل تآكل مداخيلهم.» صوبر يؤكد أن هذه المرحلة، والتي تشهد ارتفاعات متتالية للأسعار، من المفترض أن تدفع المواطنين إلى موازنة أفضل لمصروفاتهم وترتيب أولوياتهم. «ليس هناك وعي استهلاكي كاف. يجب على المواطنين تنظيم أولوياتهم بشكل أفضل لتلافي الوقوع في مشاكل مالية.» يقول صوبر. على صعيد الاقتصاد الوطني، يعتقد صوبر أن إقبال الناس على شراء السجائر والكحول، ومعظمها من منشأ أجنبي، يسبب خسائر للاقتصاد، خصوصا من العملات الصعبة. وينفق المواطنون في الأردن فاتورة تصل إلى أكثر من بليون دينار سنويا لدفع فواتير ثلاثة ملايين جهاز خلوي على الأقل، ناهيك عن شراء الأجهزة الجديدة وتبديلها مرة سنويا لدى نسبة كبيرة من المواطنين، وفي الوقت نفسه ينفق الأردنيون ما يناهز 350 مليون دينار سنويا على مستلزمات التدخين. نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق أكد غير مرة أن «مشكلة المواطن الأردني لا تكمن في غذائه بل تكمن في الكماليات التي اعتاد عليها.» ويضيف: «مثلا يستطيع الناس عدم شراء صنف غذائي كالبندورة إذا ارتفع سعرها ولكنهم لا يستغنون عن علبة السجائر أو بطاقة الموبايل.» المحلل والكاتب الاقتصادي يوسف منصور يعتقد أن بعض السلع الكمالية أصبحت ضرورية. ويقول: «بالنسبة للفقراء، قد تكون بطاقة الموبايل سلعة أساسية إذا لم يكن لها بديل.» ويضيف أنه، في ظل تغير العروض، فان السعر يصبح غامضا، ما يجعل الناس لا ينتبهون إلى سعر السلعة بشكل كبير، وهذا ينطبق أيضا على أسعار الدقائق الخلوية. ويقول: «هناك فئة كبيرة أيضا تستهلك البطاقات الخلوية بشكل غير عقلاني وهي فئة المراهقين.» أما بالنسبة للتبغ، فيرى منصور أنه مادة «مسببة للإدمان»، ما يعني أنها تجعل من الصعب على المدمن عليها التخلي عنها، حتى لو ارتفع سعرها، ويضرب مثالا على ذلك بالمدخنين في الولايات المتحدة الأميركية الذين لم ينقطعوا عن التدخين رغم ارتفاع سعر العلبة الواحدة إلى ثمانية دولارات. منصور يفسر ما يجري في ضوء نظرية الدخل income effect ونظرية التعويض substitution effect بحيث يتجه المواطنون إلى شراء السلعة إذا رخص سعرها وإذا ارتفع سعرها يبتعدون عنها ويتجهون إلى بديل. وقد لاحظت السجل أن عددا كبيرا من ربات المنازل والمستهلكين عموما، قد انتقلوا من شراء بعض أنواع الزبدة التي اعتادوا عليها لسنوات، إلى شراء أنواع أخرى أقل ثمنا بسبب الارتفاع الكبير في أسعار هذه السلع. مسؤول حكومي قال إن الاقتصاد الجديد والارتفاع المضطرد في أسعار البترول خلق نوعا من عدم التوازن لدى اقتصاديات المواطنين الأردنيين الذين يحتاجون إلى وقت لاستيعاب هذه التغييرات. المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، توقع أن تختفي هذه الاختلالات مع الوقت، لا أن تتعمق. وأضاف أن حال الأردنيين في هذا مثل حال معظم الشعوب في أوروبا وأميركا، والتي واجهت صعوبات جمة قبل أن تعتاد على الحقائق الاقتصادية الجديدة وتتكيف معها. ** الثوم الصيني يغزو السوق الأردنية
اجتاحت كميات كبيرة من الثوم ذات المنشأ الصيني أسواق المملكة أخيرا، ما دفع العديد من الأسر للتخلي عن عادة تخزين الثوم التقليدية والعريقة، نظرا لأنه اصبح متواجدا بشكل دائم في الأسواق وبأسعار رخيصة نسبيا. هذه المادة الغذائية التي تعتبر مكوناً أساسياً في العديد من أطباق المطبخ العربي، كانت من أهم المواد التي تخزن سنويا في فصل الربيع عند قطاف المحصول الذي يزرع في شهري تشرين الأول وتشرين الثاني. الثوم ذو المنشأ الصيني يتلف بسرعة ولا يصلح للخزين، بحسب المزارع مازن الحمارنة، لكن توافره في صورة دائمة يجعل عملية التخزين غير ضرورية. وقال الحمارنة إن نزول كميات من الثوم الصيني إلى الأسواق ساهم في تخفيض سعر الثوم البلدي. مدير السوق المركزي هيثم جوينات قال إن السوق يستقبل يوميا كميات قليلة جدا من الثوم البلدي لأن المزارعين الأردنيين توقفوا عن زراعته بعد أن نافسه بشدة الثوم الصيني الأرخص والذي يباع بنحو دينارين للكيلو. |
|
|||||||||||||