العدد 31 - اعلامي | ||||||||||||||
لقاءات رئيس الوزراء ووزراء آخرين بإعلاميين وصحفيين ووزراء سابقين جاءت في ظل تصاعد الحوار حول آليات النهوض بالإعلام والتقدم به إلى الأمام. المسؤولون والإعلاميون يجمعون على أهمية النهوض بالإعلام، ولكن «لكل شيخ طريقته» فالحكومة مترددة ولم تقدم حتى الآن خطة متكاملة في سبيل النهوض بهذا القطاع، فيما ينتظر الصحفيون خطط الحكومة في هذا الشأن كي يتمكنوا من بلورة مواقفهم. الحكومة اكتفت بجمل فضفاضة يرددها «وزير الإعلام» ناصر جودة في كل مناسبة لدرجة أن الجميع بات يحفظها عن ظهر قلب لكثرة ما رددها، ومفادها أن الحكومة ستعد خطة متكاملة للنهوض بالإعلام وتعزيز دوره واستقلاله. اتسعت رقعة النقد الحكومي للإعلام بعد قضية بيع الأراضي و«كازينو البحر الميت» فبتنا نسمع مسؤولين كثر يحمّلون الإعلام جزءاً من المسؤولية حول «إشاعات» قالوا إنها ألبت الرأي العام ضد الحكومة وضد توجهاتها الاستثمارية، ومن هؤلاء الوزير ناصر جوده ووزير العمل باسم السالم وآخرون، وحتى رئيس الوزراء نادر الذهبي حمّل الإعلام جزءاً من المسؤولية. الذهبي وجودة والسالم قالوا في غير مناسبة إن الإعلام لعب دورا مبالغا فيه في قضية بيع الأراضي، وهول تلك العملية: بيع أراضي القيادة العامة الجديدة و المدينة الطبية، وقالوا إن الهجوم الإعلامي حول تلك القضية وعدم قدرة الإعلام الرسمي على إظهار الرؤية الحكومية، ساهما في تزايد الإشاعات وحدوث بلبلة غير مفهومة. الإعلاميون و الصحفيون يرون أن «عدم شفافية الحكومة» في هذا الموضوع، وغياب المعلومة الدقيقة وعدم قدرة «وزير الإعلام» الإجابة عن أسئلة الشارع من خلال المناورة أدت إلى ذلك. الحكومة تعاملت مع قضية «بيع الأراضي» بتردد واضح، ففي الوقت الذي كان جودة ينفي فيه البيع جملة وتفصيلا كان وزير العمل باسم السالم يعلن عن نية الضمان الاجتماعي إنشاء شركة تقوم بشراء أراضي القيادة العامة. التردد وعدم الوضوح أضر بصدقية الحكومة لدى الرأي العام والمواطن، فكثرت الإشاعات والأقاويل وساهم في زيادتها عدم قدرة الإعلام الرسمي «المكبل» التعامل مع هذه المعطيات. الملف الإعلامي حضر إبان لقاء الملك برئيسي مجلسي الأعيان والنواب ورئيس الحكومة ورؤساء اللجان النيابية في مجلس الأمة إضافة إلى رؤساء الكتل ووزراء في دار الحكومة قبل ثلاثة أسابيع. الملك تحدث في الملف الإعلامي وشدّد على أهمية ايلائه العناية الواجبة و المطلوبة من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية على حد سواء، مشيرا إلى وجوب التعاون من أجل تقديم تشريعات تساهم في تطور الإعلام و تعزز استقلاليته، وفق ما نقله النائب علي الضلاعين رئيس لجنة التربية والثقافة والشباب النيابية الذي حضر اللقاء. لقاءات رئيس الوزراء نادر الذهبي ووزراء مع صحفيين وكتاب وإعلاميين تطرقت إلى جوانب النهوض بالإعلام و تطوره، وبخاصة الإعلام الرسمي في ظل وجود شبه إجماع على ضرورة توجيه العناية اللازمة له من حيث الاهتمام ورفع الكفاءة و المهنية. تحدّث رئيس الوزراء خلال اللقاءات حول الإعلامي بتوسع فتطرق إلى تعدد المرجعيات من حيث العدد وسبل لملمتها وجعلها مرتبطة بمرجعية واحدة، فيما يرى صحفيون أن مشكلة الإعلام الرسمي على وجه الخصوص تكمن في استقلاليته ومهنيته وليس في الحديث عن مرجعية موحدة له، فلطالما كان لذلك الإعلام مرجعية واحدة ولم يكن أفضل مما هو عليه الآن. الرئيس لم يوضح الرؤية و لم يذهب ابعد من ذلك إلا أن ما ورد على ألسنة حكوميين يؤشر إلى وجود خطة قيد الدرس مفادها إعادة الروح لوزارة الإعلام التي ألغيت قبل خمس سنوات بقرار حكومي. إعلاميون استشفوا أن الحكومة راغبة في إعادة وزارة الإعلام أو إنشاء هيكل مشابه لها، وفق الكاتبين فهد الخيطان وسامي الزبيدي. مصادر مطلعة أشارت إلى أن إلغاء المجلس الأعلى للإعلام بات قاب قوسين أو أدنى وإن قرار إلحاق المطبوعات والنشر بوزارة الثقافة و المرئي و المسموع بوزارة الاتصالات اصبح جاهزا بانتظار التوقيع. المصدر نفسه الذي رفض الإفصاح عن اسمه أكد أن الرئيس الذهبي لم يخف هذا التوجه خلال لقاءاته المنفردة مع كتاب و صحفيين، فيما قال المصدر ذاته إن الذهبي تساءل في مناسبات عدة عن جدوى وجود مجالس إدارات مختلفة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء دون أن يكون لهم دور فعلي. رئيس مجلس إدارة يومية الرأي فهد الفانك خرج من إحدى اللقاءات بعدة إنطباعات أبرزها أن «الرأي حول عودة وزارة الإعلام منقسم بين مؤيدي الفكرة و معارضيها». الفانك قال «إن الوضع الإعلامي الراهن بعد إلغاء وزارة الإعلام ليس مقبولا أو قابلا للاستمرار، ولابد من إعادة هيكلة الإعلام الرسمي وتوحيد مرجعيته، وإطلاق حرية الإعلام الخاص. وإذا كانت وزارة الإعلام السابقة قد ألغيت لحساب الديمقراطية وحرية التعبير، فإن هذا الهدف لم يتحقق وربما تحقق عكسه». وزارة الإعلام ألغيت قبل خمس سنوات وأستعيض عنها بتشكيل مؤسسات حكومية فأنشئ المجلس الأعلى للإعلام ودائرة المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع وتم تشكيل مجالس إدارات لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء، ولكن بعد خمس سنوات على التجربة ها هي الحكومة تعيد تدوير الفكرة من جديد وتفكر جديا بإعادة وزارة الإعلام أو بصبغة قريبة منها بحجة أن تجربة إلغائها لم تعطِ الثمار المطلوبة منها، علما بأن عدم منح الهيئات المستحدثة الاستقلالية الكافية وإتاحة المجال أمامها لتحقيق ذلك حال دون تحقيق الأهداف المطلوبة فباتت مجالس الإدارات صورية دون فائدة. قرار إلغاء وزارة الإعلام تبعه إنشاء هياكل قائمة من مجالس الإدارات منزوعة الصلاحيات، وفق مسؤول في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون رفض الكشف عن اسمه. الهياكل الجديدة أدت إلى تعدد المرجعيات وتعدد الأشخاص والمتنفذين المتحكمين بالإعلام، فبات الإعلام يحكم من خلال أكثر من مرجعية سواء حكومية أو أمنية. ولعل الفانك أشار الى ذلك عندما قال «بدلا من وزارة إعلام واحدة مسؤولة، أصبح لدينا وزارات إعلام موازية متعددة و غير مسؤولة، كل منها تعطي نفسها حق التدخل المباشر»، وهذا ما كان قائما في أثناء وجود وزارة الإعلام. الحكومة مترددة في إعلان عودة وزارة الإعلام مخافة أن يحسب ذلك انتكاسة للديمقراطية ولحرية الإعلام لدى المراقبين الخارجيين، وتضييقا على الحريات، كما أنها تفكر بشكل جدي في حل جميع مجالس الإدارات الموجودة وربطها «بوزير الإعلام» الذي تم منحه مسمى آخر أقل وطأة في المنظار الخارجي، وهو وزير الدولة لشؤون الاتصال والإعلام. آلية تطوير الإعلام لا تستقيم مع وجود وزارة للإعلام وإنما يتطلب ذلك وجود قرار رسمي واضح وشفاف مفاده إطلاق الحرية للإعلام وتركه يكتب وينتقد ويحلل، وجعل القوانين والأنظمة هي الحد الفاصل بين الحكومة وتلك المؤسسات. الكاتب الصحفي فهد الخيطان يعتقد أن من أبرز الأمور الواجب توافرها لإطلاق الحريات الإعلامية «وجود قرار سياسي يعترف بأن استقلالية الإعلام شرط أساسي في التقدم والتنمية، ما يقتضي تغيير العقلية الرسمية في التعامل مع الإعلام، وبالتحديد في معيار حرية الإعلام والحق في الحصول على المعلومة». وفي هذا يرى الكاتب الصحفي سامي الزبيدي أن « العودة إلى إنشاء وزارة للإعلام خطوة كبيرة ولكن للوراء والمطلوب تفكير إبداعي كي نعطي المجلس الأعلى للإعلام كهيئة وطنية مستقلة الدور الوطني المقبول عبر تحصينه وتقوية حضوره و تأكيد استقلاليته ليصبح بحق سلطة أخلاقية على الإعلام ككل وهذه هي الخطوة الأولى لبناء إعلام دولة يدافع عن حق السلطات وحق الناس على قدم المساواة». النائب الأول لرئيس مجلس النواب ممدوح العبادي يعتقد أن إلغاء وزارة الإعلام كان «سابقا لأوانه « مشيرا الى أن المطلوب وجود وزارة إعلام تقود المجتمع والحالة الإعلامية نحو النضج والأهلية، في المرحلة الحالية، إلى أن يحين الوقت المناسب للاستغناء عنها والاعتماد على القطاع الخاص والمجتمع نفسه». |
|
|||||||||||||