العدد 31 - اقتصادي | ||||||||||||||
جمانة غنيمات يعيد تجديد الحكومة العراقية التزامها تزويد الأردن باحتياجاته النفطية إلى الأذهان مذكرة تفاهم لم تر النور، كانت وقعت في عهد حكومة معروف البخيت تتضمن تزويد المملكة بـ10 - 30بالمئة من احتياجاتها اليومية من النفط الخام المقدرة بـ100 ألف برميل بسعر تفضيلي في شهر أب (أغسطس) من العام 2006. وتبقى المشاركة الأردنية في إعادة الأعمار مسألة أخرى تهم رجال الأعمال الذين تعودوا أن يكون العراق مقصدا لهم قبل 2001 حين كانت بغداد أهم الشركاء التجاريين للأردن، لكن الباب كان أغلق عن قصد أو غير قصد في وجههم لتعطى الأولوية لغيرهم من رجال الأعمال. دعوة الأردن للمشاركة في إعادة اعمار العراق كانت واحدة من مطالب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أيضا خلال زيارته قبل أيام، حين جدّد الدعوة للشركات الأردنية للمشاركة في مشاريع الإعمار، لا سيما أن البنى التحتية، لم "تتطور منذ العام 1985، وبحاجة إلى إعادة نفض". يعلل مراقبون فشل اتفاق 2006 النفطي بأسباب أمنية كان العراق يعيشها وما انفك. بيد أن العامل الرئيسي في عدم وصول كميات النفط المتفق عليها آنذاك، كان يتمثل في ضعف إرادة الجانب العراقي وغياب القرار السياسي المتعلق بتزويد الأردن بهذه السلعة الاستراتيجية، خصوصا ان سلعاً أردنية تمكنت، في غضون ذلك، من عبور الطريق البري بين عمان وبغداد وصارت في متناول يد المستهلك العراقي. تجديد الاتفاق الآن، يصبح بلا قيمة إذا مضت ثلاث سنوات أخرى دون أن يستفيد الأردن منه، لا سيما أنه يقدم أسعاراً جيدة بحسب المالكي الذي زار عمان وأعلن عن جاهزية بلاده تزويد جاره بالنفط "بأسعار تفضيلية تقل عن سعر مزيج برنت 18 دولارا في حال قام العراق بعمليات التجهيز والتوضيب، و22 دولارا في حال قام الأردن بعمليات التحميل والنقل". وأشار المالكي الى أن "الجانب العراقي أصبح الآن جاهزا لتزويد الأردن بالنفط من مصفاة بيجي في ناحية (الصينية) وذلك بناء على رغبة الجانب الأردني الذي يفضل التعامل مع نفط كركوك الخفيف المناسب لمصفاة البترول، بدلا من نفط البصرة الثقيل الذي كنا عرضناه سابقا على المملكة". أمنيا، يبدو أن الطريق الواصل بين "بيجي وعمان أصبح آمنا، وما على الأردن سوى تأمين كيفية نقل النفط الخام بالاتفاق مع شركات النقل". هدوء الأوضاع الأمنية يربطه محللون بـ"صحوة الدليم" وهي العشائر السنية التي تعيش في هذه المنطقة وتسيطر عليها، والتي بدأت حكومة المالكي تبني جسور علاقات مع أفرادها ومنحتهم فرصة المشاركة في السلطة الحكومية. وتقع "بيجي"، وهي كبرى مصافي العراق، على مبعدة 250 كيلومترا شمالي بغداد وتبعد عن الحدود الأردنية العراقية 200 كيلو متر وتأتي بين منطقة تكريت وعانا. وكانت تنتج مع مصفاتين أخريين نصف إنتاج العراق من الوقود، أي زهاء 700 ألف برميل. ويقرأ محللون سياسيون أسباب تغير الموقف بين الأردن والعراق، في ضوء احد أمرين: فإما أن يكون المالكي العائد من زيارة إيران أخيرا يسعى للحفاظ على علاقات مفتوحة مع الأردن بعد أن تسربت أنباء عن توقف مساعدات مالية كان الأردن وُعد بها من قبل دول عربية في وقت سابق. أما التفسير الآخر، الذي يبدو ضعيفا قياسا إلى المعطيات الحالية، فذو صلة بوجود أكثر من 700 ألف عراقي في بلد كان يتزود من العراق بكميات من النفط بأسعار تفضيلية وأخرى مجانية في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، قبل احتلال الولايات المتحدة للعراق في آذار (مارس) 2003. ويجري الحديث عن وساطة اميركية تدعو العراقيين إلى الوقوف بجانب الأردن، بحسب مصادر تتكتم على هويتها. يتوقع المالكي أن يعود ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة اخترقت حاجز 130 دولارا/ برميل «بأموال إضافية لخزينة العراق. لكن نخشى أن يحدث إرباك في الأسواق وفروق في الدخل بين الدول»، مؤكدا أن بلاده تؤيد «الجهود العالمية الرامية للحد من ارتفاع أسعار النفط». رئيس وزراء ثانية كبرى دول العالم من حيث حجم الاحتياطي النفطي أفاد بأنه «يؤيد فكرة دراسة خفض سعر النفط من جانب المجتمع الدولي ومنظمة أوبك والمنظمات الدولية»، لذا يدعو إلى «بذل مزيد من الجهود لموازنة السوق بين المنتجين والمستهلكين لتخفيف العبء على الدول الفقيرة التي ستعاني أكثر من غيرها بسبب ارتفاع الأسعار». في حمّى هذه التطمينات، يراوح ملف الديون الأردنية المستحقة على العراق مكانه، وهو يتضمن مبالغ دفعتها خزينة المملكة لتجار ومصدرين بموجب بروتوكول كان يجدد سنوياً بين عامي 1991 و 2003، إذ تقدر ديون البنك المركزي الأردني على نظيره العراقي بـ1.080 بليون دينار، فضلاً عن 130 مليوناً سددها البنك المركزي عن تجار أردنيين كانوا يتعاملون مع العراق. في المقابل، يطالب العراق بـ500 مليون دولار يقول إن البنك المركزي الأردني جمّدها عقب تغيير النظام السابق. وقد ذكرت صحف محلية أن مسؤولاً حكومياً أردنياً أكد أن الأردن ابلغ المسؤولين العراقيين خلال المباحثات الرسمية أن الديون المستحقة على الحكومة العراقية تعود لصالح البنك المركزي الأردني وليست للحكومة ولا تنطبق عليها شروط ديون نادي باريس. وأضاف أن الديون مثبتة ضمن المحاضر الرسمية بين البلدين وتظهر سنويا في ميزانية البنك المركزي الاردني. وبما يتعلق بمطالبات القطاع الخاص الأردني على الحكومة العراقية والبالغة نحو 500 مليون دولار, يقول المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه إن الجانب العراقي أبدى تفهما واضحا لهذه المطالب ووعد بدراستها. العراق من جانبه أقر بصحة معظم المطالبات، لكن هناك جزء منها بحاجة الى تدقيق وتمحيص وسيعقد لقاء في عمان خلال الاسبوعين المقبلين بين وزير المالية حمد الكساسبة ونظيره العراقي باقر جبر الزبيدي لبحث مطالبات القطاع الخاص وتقييم المطالبات ضمن اعمال لجنة تسوية الديون. ملفات اقتصادية متعددة كانت حاضرة أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى الأردن ولقائه الصحفيين تنبىء بفتح الأردن والعراق صفحة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين يحتاج تطويرها إلى إرادة سياسية ومتابعة وتشكيل لجان متخصصة، كي لا نبقى نعول على اتفاق تفضيلي لنفط لا يصل أبدا. |
|
|||||||||||||