العدد 30 - اقتصادي | ||||||||||||||
جمانة غنيمات تتجه أنظار المواطنين إلى متابعة التطورات الخطيرة التي لحقت بأسعار برميل النفط التي بلغت 139 دولار للبرميل في نهاية يوم الجمعة الماضي بعد أن قررت الحكومة زيادة الأسعار لشهر حزيران الجاري. التحدي الذي تواجهه حكومة نادر الذهبي يتفاقم مع متابعة سعر برميل النفط رحلة صعوده التي تهدد النمو الاقتصادي لا سيما وأنه زاد منذ بداية العام بنسبة 44 %، الأمر الذي ينعكس على المؤشرات الاقتصادية الرئيسة. الاتجاه الصعودي الذي انتهجه سعر البرميل منذ قررت الحكومة تطبيق المرحلة الأخيرة من خطة رفع الدعم عن المشتقات النفطية بداية العام الحالي، بالتزامن مع وضع آلية تسعير شهرية تخضع المستهلك للأسعار العالمية، صار يضغط على شريحة واسعة من المواطنين لا سيما محدودي ومتوسطي الدخول في بلد تقل أجور 75 بالمئة من قواه العاملة التي قوامها مليون وربع نسمة عن 200 دينار. لكن الصعود المفاجىء لأسعار النفط عالميا الأسبوع الماضي يفتح الباب للحديث حول سيناريوهات المتاحة محليا لمواجهة هذا الارتفاع، الذي يتوقع أن يتجاوز 150 دولار للبرميل وصولا إلى 200 دولار مع نهاية العام، بحسب ما أكد رئيس الوزراء خلال الخلوة الاقتصادية التي عقدت الشهر الماضي في رئاسة الوزراء. اهتمام الموطنين بالأسعار بدأ بعد أن رفعت الحكومة الدعم عن المشتقات النفطية نهائيا بداية العام الحالي، بالتزامن مع وضع شبكة للامان الاجتماعي بكلفة 300 مليون دينار، بعد أن أصبح المستهلك يتحمل كامل قيمة هذه السلع الاستراتيجية التي سبب ارتفاع أسعارها تآكل المداخيل المنخفضة أصلا. منذ أن رفعت الحكومة أسعار المحروقات في الثاني عشر من الشهر الماضي، لم ينخفض سعر النفط عن 123 دولارا للبرميل ليواصل ارتفاعه بعد ذلك، إذ بلغ أعلى سعر له يوم الجمعة الماضي. آلية التسعير المحلية تعتمد متوسط أسعار ثلاثين يوما سابقة لتعكسها على الشهر التالي. لأنباء ارتفاع النفط في دولة غير نفطية كالأردن انعكاسات كبيرة على الأرقام الاقتصادية والمستوى المعيشي للموطنين التي بات ارتفاع معدلات التضخم المقدر 11 % خلال الربع الأول من العام الحالي، يهدد العديد منهم إلى التهاوي إلى ما دون خط الفقر المقدر ب 504 دنانير للفرد سنويا، بخاصة وان دولا من ذات العيار الاقتصادي الثقيل مثل اليابان تحذر من حدوث ركود في الاقتصاد العالمي ناهيك عن أمن الطاقة. ثنائية النفط والدولار التي يواجهها الاقتصاد الأردني تجعل اقتصاده عرضة لتأثيرات كبيرة أهمها ارتفاع معدلات التضخم لمستويات تزيد عن التوقعات الحكومية بحوالي 4 % ليصل مع نهاية العام إلى 14% ويطال المنتجين والمستهلكين على السواء. كما أن ارتفاع النفط إلى مستويات جديدة، يؤهل قيمة الفاتورة النفطية لتسجيل أرقاما قياسية جديدة، إذ بلغت العام الماضي 2 بليون دينار، ويتوقع ان تزيد 30 % العام الحالي، الأمر الذي يعني أنها ستتجاوز 2.5 بليون دولار العام الحالي. ارتفاع قيمة الفاتورة النفطية يزيد عجز الميزان التجاري الذي ارتفاع خلال أول شهرين من العام الحالي بنسبة 41.3%، مقارنة مع بنفس الفترة من العام الماضي بلغ استهلاك قطاع النقل العام من المشتقات النفطية 37% من إجمالي استهلاك المملكة، الصناعة 14 %، المنازل 22%، أما النسبة المتبقية فتتوزع على استعمالات أخرى. هذه النسب بحسب الخبير الاقتصادي يوسف منصور «لا يمكن تخفيضها». لكن منصور يطالب «بوضع استراتيجية للتعامل مع الوضع الحالي من خلال زيادة التدفقات الاستثمارية، وإدارة تحويلات المغتربين وزيادتها». منصور يقول « على مدى سنوات كانت هناك ربط بين أسعار الدولار والنفط، لكن هناك عوامل أخرى بدأت تؤثر في النفط أهمها العرض والطلب، وقرار أميركا تخزين النفط في كهوف لويزيانا» مشيرا إلى «العلاقة العكسية بين عملتي اكبر تكتلين اقتصاديتين» هما الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الأوروبي والذين يبلغ اقتصادها على التوالي 13.8 ، 16.8 تريليون دولار. منصور يقسم الدول إلى قسمين الأول لا ترتبط عملته بالدولار، أما الفريق الثاني فيضم الدول المرتبطة بالدولار ومنها الأردن، إذ ان قيمة عملات هذه الدول تبقى مرتبطة بقيمة الأخضر، كما أنها تعاني من ارتفاع أسعار النفط أيضا. خبير الطاقة حسن حافظ ارجع صعود الأسعار إلى المضاربات التي يقوم بها كبار المضاربين في سوق النفط العالمية، الذين يسعون لرفع الأسعار لتحقيق مكاسب مادية لم يعودوا قادرين على تحقيقها من خلال التعامل بالدولار الذي انخفضت قيمته خلال السنوات الماضية بمعدل 42%. حافظ قدّر أرباح المضاربين من هذه المسلكيات بحوالي 5 دولار للبرميل، الأمر الذي يعني أنهم حققوا أرباحا بالتريولات، بالمقابل يقول احد المستثمرين الأردنيين الذي يتعامل بالنفط عالميا انه فوت الفرصة على نفسه بتحقيق أرباحا قيمتها 700 ألف دولار بعد ان باع ما لديه قبل الارتفاع الأخير للنفط. لكن وزير الطاقة الأميركي صامويل بودمان نفى إن يكون المضاربين هم السبب في أسعار النفط المرتفعة". يتوقع حافظ ان يعاود برميل النفط التراجع، خلال الأيام المقبلة لكنه يتوقع ان يتراوح سعره بين 150 و200 دولار للبرميل مع نهاية العام الحالي. ويقول محللون ان الارتفاع الهائل في أسعار النفط يرجع إلى تزايد الطلب في الصين وسائر الاقتصاديات النامية بالإضافة إلى تدفق السيولة من مستثمرين يسعون إلى التحوط من ضعف الدولار والتضخم. تعويض تآكل مداخيل الأردنيين نتيجة ارتفاع الأسعار يفرض سيناريوهات مختلفة للحلول على حكومة الذهبي أولها زيادة الرواتب مرة أخرى، وتحقيق ربط واقعي بين معدلات التضخم والأجور ليبقى الخيار الأصعب أمام الحكومة هو العودة إلى تقديم الدعم لبعض المشتقات النفطية. |
|
|||||||||||||