العدد 30 - أردني | ||||||||||||||
حقوق المؤلف في منتجه الفكري أو تصميمه الإلكتروني، وملكيته له هو آخر ما يمكن الحديث عنه، برأي أسعد ياسين المناصير، الذي يدير مكتبة في محيط جامعة اليرموك بإربد. والسبب في رأيه يعود إلى أن فكرة حقوق المؤلف ليست لها قيمة في الواقع، لأن الجميع يبحث عن المال في ظل ظروف قاهرة من التراجع في مستوى المعيشة. ويؤكد المناصير أن بعض أصحاب المكتبات يصورون كراسات لأساتذة جامعات، أغلبها مسروق من كتب ومجلات عربية، وأجنبية، ويبيعونها لهم على أنها من أعمالهم. القضية الأساسية، بالنسبة لخبراء في مجال الطباعة والنشر والتوزيع، لا تتعلق بوجود تشريعات لحماية حقوق المؤلف وإنما تتعلق بالعجز الكامل عن تطبيق هذه التشريعات. بدأت التشريعات الأردنية حكايتها مع حقوق الملكية الفكرية للمؤلف، مبكراً، تحديداً منذ تأسيس الإمارة، حيث حافظت الإمارة على القانون العثماني الصادر العام 1910 والقاضي بحماية حقوق المؤلفين، والخطاطين، والرسامين في منتجاتهم، وإثر دخول الأردن إلى منظمة التجارة العالمية ومصادقة مجلس النواب الأردني على مجموعة اتفاقيات للتجارة الدولية من ضمنها اتفاقية "تربس"، المرتبطة بجوانب الملكية الفكرية في التجارة العالمية، سنت مجموعة من التشريعات والقوانين المتعلقة بهذا الأمر، وقد أقرت هذه التشريعات بموجب قانون حماية حق المؤلف رقم 52 لعام 1992 ومن ثم تعديلاته في الأعوام 1998و1999 و2001، ونظام إيداع المصنفات الصادر بموجبه العام 1994، والذي تضمن شمول المصنفات المرئية، والمسموعة، والمحوسبة بالحماية بحسب المركز العربي للقانون والتقنية العالية. لكن وجود هذه القوانين والأنظمة لا يحمي حقوق المؤلفين من عدد من طرق السطو على مصنفاتهم تمارسها جهات عدة بعضها مدارس خاصة، حسبما صرح لـ«السّجل» خالد البلبيسي، رئيس لجنة الملكية الفكرية في اتحاد الناشرين العرب. البلبيسي، الذي يشغل كذلك منصب المدير التنفيذي لدار المناهل للنشر والتوزيع، يروي لـ«السّجل» آخر فصول شكواه مع قضية حقوق الملكية الفكرية، حيث أن دار المناهل هي الوكيل الحصري لعدد من دور النشر الأجنبية التي تعنى بإنتاج كتب المدارس ورياض الأطفال بالإنجليزية، وقد لاحظ منذ سنوات، وجود نسخ مقلدة رخيصة الثمن لهذه الكتب في الأسواق. ويؤكد البلبيسي أن "هذه النسخ بلغت درجة من سعة الانتشار، جعلتنا نلجأ إلى الجهات الأمنية المختصة، فوعدتنا بملاحقة المسؤولين عن هذا السطو على حقوق دار المناهل والمنتجين الخارجيين." وهو يبدو يائسا حينما يحاول أن يتحدث عن حلول، فهو يؤكد أن "الجهات المعنية غير جادة في معالجة القضية بحكم ضعف إمكانيتها، فالمسألة أكبر بكثير من قدرات أربعة أو خمسة مفتشين يعملون في مكتب حق المؤلف في دائرة المكتبة الوطنية". سعدي البس، المدير التنفيذي لدار الشروق للطباعة والنشر، يؤيد ما قاله البلبيسي ويلفت إلى أن ثمة "مشكلة في الوعي والأخلاق إلى جانب مشكلة القانون والتطبيق، فمن يقلد كتاباً، أو يدعي للمؤلف أن كتابه لا تباع منه إلا نسخاً محدودة ليحرمه من حقوقه، أو أستاذ الجامعة الذي يؤلف كراسة يلزم الطلبة بشرائها، كل هؤلاء يعانون من أزمة أخلاقية إذ إن القانون لا يطالهم في معظم الحالات". عدد من بائعي الأسطوانات المدمجة والعاملين في مكتبات تتاجر بالأسطوانات المنسوخة المزيفة في عمان، والزرقاء، وإربد، والرمثا تحدثوا لـ«السّجل» مشترطين عدم ذكر أسمائهم بعد أن اعترفوا بأنهم يتاجرون ببضائع ممنوعة، معبرين عن سخريتهم من حكاية حق المؤلف باعتبارها "بدعة أوروبية مفروضة على الشعوب الفقيرة". أحدهم قال "إذا احتاج ابني إلى أسطوانة مدمجة تباع مقلدة بدينار فهل أذهب وأشتريها بعشرين من أجل عيون المؤلف؟ بلا حقوق بلا بطيخ". أعطى بائع آخر القضية بعداً جديداً بقوله: إن جميع الشعوب الفقيرة لا تعترف بهذه الحقوق المزعومة. "انظر إلى الهند وجنوب إفريقيا ودول أخرى أخذت تصنع أدوية لمكافحة الأيدز، والسرطان بأسعار معقولة، رغماً عن الشركات الأميركية، والأوروبية التي حاولت منع ذلك بدعوى حق شركاتهم بالملكية الفكرية لهذه الأدوية، وكأن هذا الحق أهم من حياة مئات الملايين من شعوب هذه الدول الفقيرة." بين حاجة البلاد للدخول في علاقات اقتصادية ناجحة وداعمة للاقتصاد الوطني، وبين حاجة المواطنين للحصول على المصنفات الفكرية بأسعار معقولة، يبدو أن تطبيقاً ناجحاً لقانون حماية الملكية الفكرية يمثل عارضة التوازن التي ما زالت غائبة عن المعادلة. |
|
|||||||||||||