العدد 5 - اقتصادي
 

يرى خبراء ومسؤولون في البرنامج النووي حلا مثاليا ولو جزئيا لأبرز معضلتين أمام التنمية المستدامة في المملكة: شح مصادر المياه والطاقة في بلد يحوي 2 % من عنصر اليورانيوم المكتشف في العالم.

وينطلق هؤلاء من فرضية مفادها أن إطلاق هذا البرنامج سيقلّل من فاتورة استهلاك الطاقة في ظل الاعتماد على استيراد 95 % من احتياجات المملكة من الطاقة، سيما وأن الأردن يعتبر أحد أفقر عشر دول في العالم مائيا.

مصادر وزارة الطاقة تؤكد أن الحكومة ماضية في بناء قواعد البرنامج النووي الأردني رغم الصعوبات على الطريق في مقدمتها شح مصادر المياه اللازمة لأغراض تبريد المفاعل المقترح بناؤه.

وتفيد المصادر بأن فريقا فنيا من الوزراة أوصى ببناء مفاعل نووي في إحدى ثلاث مناطق قريبة من العقبة للاستفادة من مياه البحرالأحمر بعد تكريرها في تبريد المفاعل وتوفير الطاقة الكهربائية لجميع مناطق الجنوب وسائر مناطق المملكة.

وتوقعت مصادر حكومية أن تصدر الإستراتيجية الوطنية الجديدة للطاقة النووية خلال أيام وفي طياتها «خارطة طريق» لاستغلال عنصر اليورانيوم المنتشر بكثافة، الأمر الذي يضع الحكومة على المحك للبدء في التنفيذ، وتجاوز ثنائية «الطاقة والمياه».

تكلفة الطاقة الحالية المرتفعة، ترهق الحساب الجاري لميزان المدفوعات وتشكل عبئا على رصيد المملكة من العملات الأجنبية التي تتجاوز سبعة مليارات دولار، كما تزيد الضغوط على الموازنة العامة المتوقع أن يرتفع عجزها المالي إلى 700 مليون دينار عام 2008. كذلك ترفع معدلات التضخم المتوقع أن تنهي العام الحالي عند مستوى 5 % وتقفز فوق 10 % العام المقبل، بحسب توقعات خبراء اقتصاد. هذه المعادلة تضعف أيضا تنافسية الأردن في استقطاب الإستثمارات التي تعتمد على الإستخدام الكثيف للمياه والطاقة.

طوقان

عضو اللجنة الفنية للإستراتيجية الوطنية للطاقة النووية خالد طوقان يتحدث في حلقة نقاشية نظمتها جمعية رجال الأعمال حول قطاع الطاقة أخيرا عن حتمية البحث عن مصادر طاقة بديلة مستدامة لسد العجز نتيجة زيادة عدد السكان، النمو الاقتصادي، كثافة التصنيع، ضخ المياه وتحليتها.

وترتكز افتراضات الدراسة التي أعدها طوقان، الخبير في شوؤن الطاقة النووية، على توقعات بنمو السكان إلى 7.5 مليون نسمة عام 2020 ونحو 9.2 مليون نسمة 2030. وقدّرت الدراسة معدل نمو اقتصادي بين 4.4 – 5.1 % حتى عام 2009 وبين 3.1 – 3.8 حتى 2014 وبين 2.9 و3.6 بعد عام 2015.

«خارطة الطريق» المحلية لبناء البرنامج النووي الأردني بدأت بانشاء شركة وطنية لإستغلال واستكشاف اليورانيوم واعتماد الأسلوب الأمثل لبناء محطة توليد كهربائية بالوقود النووي وتحلية مياه البحر، يتبع ذلك تهيئة الكوادر وإقامة برنامج لهندسة الطاقة النووية في الجامعة الأردنية ووضع معايير وطنية لنوع المفاعل والمزود له، مع الاستمرار في إجراء مباحثات موازية لإتمام مفاوضات للتعاون النووي مع الدول الرئيسية في هذا المجال ومنها الولايات المتحدة، فرنسا، كندا، روسيا والصين.

الإجراءات

الحكومة من جانبها أنهت الخطوة الأولى وأسست شركة للتنقيب عن اليورانيوم والثوريوم وعناصر الزركونيوم والفناديوم واستخراجها و تعدينها برأسمال 100 مليون دينار وتسعى للحصول على شريك استراتيجي لهذه الشركة لتوفير المساعدة الفنية.

في سبيل تطوير برنامج الإصلاحات التنظيمية والتشريعية عدلت الحكومة قانون هيئة الطاقة النووية الأردنية الذي جزىء إلى قانونين ينسجمان مع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأفضل الممارسات الدولية، ويسمحان بإنشاء هيئتين منفصلتين الأولى هيئة الطاقة الذرية للأعمال الإجرائية وبناء البرنامج، والثانية سلطة رقابية لأعمال الهيئة الأولى وتم المصادقة عليهما من قبل البرلمان.

خطوات الأردن دوليا يدعمها عضويته في اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية (NPT) والتزامه الكامل ببرامج الوقاية النووية الشاملة وفقا لبنود الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA”” والبروتوكول الإضافي للوكالة

وتفترض رؤية البرنامج النووي الأردني وفقا لدراسة د. طوقان” نقل الأردن من دولة مستوردة للطاقة إلى دولة مصدرة لها بحلول العام 2030”، كذلك تتضمن توفير مصادر طاقة لتحقيق النمو الاقتصادي بكلف رخيصة وإمكانية تحليه المياه من الطاقة المولدة.

ويرى د. طوقان أن خيارات التزود “المحلية” من الطاقة محدودة للغاية فالغاز الطبيعي يغطي المدى المنظور فقط والطاقة المتجددة ذات تكلفة عالية واستخداماتها محدودة كما أن الصخر الزيتي سيستخدم على المدى المتوسط.

ومن المتوقع أن يبلغ الطلب على الكهرباء2504 ميجاواط عام 2010 و 3869 ميجاواط 2020 و 4507 ميجاواط 2025 ليصل 5025 ميجا واط 2030.

وحول مسألة وجود اليورانيوم في المملكة يعتقد طوقان أن” المملكة غنية بمصادره” وهناك كثير من المؤشرات على تواجده إلا أنها غير مستكشفة حتى الآن فمنطقة وسط الأردن هي الوحيدة التي تم استكشاف تواجده فيها ومن خصائصه أنه يتواجد على السطح وعلى عمق نصف متر و1.5 مترا.

الوريكات

رئيس اللجنة الوطنية لمركز السنكروترون أستاذ الفيزياء النووية في الجامعة الأردنية الأستاذ الدكتور عبدالحليم الوريكات يذهب إلى أن توليد الكهرباء من خلال الوقود النووي يبدد مخاوف التزود بالطاقة والمياه. وتستند رؤية د.الوريكات الذي يشغل أيضا رئيس رابطة الفيزيائيين الأردنيين إلى الاستراتيجية الوطنية للطاقة النووية التي تؤكد بدء انتاج الكهرباء من الطاقة النووية بعد عام 2017.

و يرى أن التحديات الرئيسية التي تواجه الأردن في ميدان الطاقة والمتمثلة بالطلب المتزايد عليها وإنفاق 25 % من الناتج الوطني على استيراد الطاقة بالاضافة إلى شح مصادر الميا بخاصة تلك الصالحة للشرب، تفرض على الأردن السعي لإقامة محطة للطاقة النووية بقدرة 810 ميجا واط قبل 2015.

وتظهر الدراسات الحكومية طلبا متزايدا على الطاقة الكهربائية في الأردن استهلاكها الذي سيتضاعف خلال احدى عشر عاما «2004 – 2015» وبالتالي فان البرنامج النووي بحسب وريكات» سيساهم في حل مشكلة شح المياه وحل مشكلة الفقر المائي الذي تعيشها المملكة سيما وأن معدل استهلاك الفرد من المياه سنويا في المملكة يقل عن 157 مترا مكعبا فيما يصل معدل استهلاك المواطن الأميركي 9 الآف متر مكعب سنويا.

وللدلالة على الجدوى الاقتصادية لإنتاج الطاقة من مصادر نووية أوضح الوريكات أن» محطة توليد بقدرة ألف ميجا واط تستهلك كل عام 3.1 مليون طن من الفحم أو 2.4 مليون طن نفط أو 24 طن من اليورانيوم مما يؤكد الكفاءة العالية للطاقة النووية بالمقارنة مع إنتاج الطاقة من الوقود الاحفوري.

ويقدر سعر للكيلو غرام من اليورانيوم ب 250 دولارا فيم كان قبل 4 سنوات 50 دولارا وهو ويتجه للإرتفاع مستقبلا.

وتساهم الطاقة النووية بإنتاج 17% من إنتاج الطاقة الكهربائية حول العالم مقارنة، 38% للفحم، 16% للغاز الطبيعي و 9% للنفط.

النووي يعد بوضع الأردن ضمن الدول المصدرة للطاقة 2030
 
06-Dec-2007
 
العدد 5