العدد 29 - أردني
 

حابس سماوي*

تلعب السياحة في الأردن دوراً كبيراً في عمليات التنمية والتطوير، وتوفير فرص العمل المختلفة وجلب العملات الصعبة واستقطاب الاستثمارات المحلية والدولية، إلا أن تطور السياحة وازدهارها لا يتحقق بشكل عفوي وعارض، وإنما من خلال تجهيزات واستعدادات تقوم بها الأجهزة المختصة والمشاركة في العملية السياحية.وبما أننا اليوم على أبواب الصيف نتساءل: ماذا أعددنا لاستقبال الزوار والسياح لصيف هذا العام، علماً بأن هذه التحضيرات يجب أن تكون أعدت سلفا ومنذ شهور عديدة، لأن السياح في الأغلب يعدون خططهم وبرامجهم لقضاء اجازاتهم منذ فترة بعيدة.

يتميز فصل الصيف في الأردن عن بقية شهور السنة، بأنه وقت العطلات المدرسية والجامعية والاجازات السنوية والاستجمامية. تشير إحصاءات وزارة السياحة لعام 2007، بأن إحصاءات الربع الثالث شكلت نحو 32.4 بالمئة ، والربع الثاني نحو 24.8بالمئة ، والربع الأول نحو 22.2بالمئة، في حين أن الربع الرابع قد شكل فقط نحو 20.6بالمئة ، هذا فضلاً عن عودة آلاف المغتربين الأردنيين،بالتزامن مع مناسبات فصل الصيف التي تعج غالبا بالمناسبات والأفراح. ويغلب على فصل الصيف قدوم السياح العرب الخليجيين الذين يأتون في الأغلب لغايات الاستجمام والراحة.

في ضوء هذا الحدث الهام ،ليس هناك في الوسائل الإعلامية المختلفة ولا من خلال الأجهزة الرسمية والشعبية ما يفيد بأي استعدادات لاستقبال هذه الأفواج السياحية، وكأننا في الأردن متأهبون على مدار الساعة لاستقبال هذه الأفواج بشكل اعتيادي وسلس.

إن الصيف هو فصل الأزمات والاكتظاظات في المطارات والمراكز الحدودية وشوارع العاصمة. فماذا أعددنا لهؤلاء الزوار من برامج ثقافية وفنية وفولكلورية؟. بعض هذه الإجراءات كان موفقا كإعفاء زوار الصيف العرب من رسوم الدخول لجميع المواقع السياحية ومعاملتهم كالأردنيين، ولكن من الأمور المستغربة إلغاء مهرجان جرش وقد كان محفزا للعديد من السياح العرب الذين يبرمجون زياراتهم مع أوقات المهرجان، وهذه خطوة غير موفقة ستؤثر على قدرة الأردن التنافسية على اجتذاب السياحة الصيفية للأردن.

إن كل المقومات لأن يكون الأردن مستقطبا للسياحة الصيفية متوافرة وبامتياز، فالجو الأمني والسياسي الذي ينعم به الأردن، وأحوال الطقس والمناخ والتنوع الطبوغرافي والحيوي والذي تتمتع به مناطق الأردن كافة، علاوة على تنوع عوامل ومناطق الجذب السياحي، وتوفر الخدمات والأنشطة السياحية في العديد من المناطق، كل ذلك يجعل من الأردن منطقة جذب هامة للسياحة الصيفية.

عاش لبنان أزمة سياسية طاحنة منذ أكثر من سنتين ،فما أن بزغ شعاع التوافق السياسي، حتى بدأ يلملم أموره ويستعيد عافيته، بل أصبح من أكبر المنافسين لاستقطاب السياحة الخليجية في هذا الصيف. أدعو لأن يكون للأردن حصة جزيلة في استقطاب السياحة العربية وحتى بوجود لبنان المنافس ذي المزايا السياحية الجيدة، وذلك عبراستراتيجية تسمح لنا بالدخول إلى سوق السياحة العربية بقوة، وأن لا نقتات على الفتات.

لا بد لنا في الأردن من توجيه أنظاره والسياسات لاستقطاب السياحة العربية، وهذه لها متطلبات واستحقاقات تختلف عن السياحة الدولية، وحيث نوجه اهتمامنا لهذه الأخيرة بالدرجة الأولى ، في حين أن السياحة العربية ولا حتى السياحة الداخلية تقع في صلب الأجندة الأردنية، فإذا نجحنا في ترتيب أمور السياحة الداخلية سننجح في تلبية احتياجات السياحة العربية، وذلك لتشابه الاهتمامات والأمزجة لدى السياح الأردنيين والعرب.

لقد أشارت معظم الدراسات إلى أن السائح العربي الخليجي هو الأكثر إنفاقا في العالم على رحلاته السياحية، بل ينفق ضعف ما ينفقه السائح العادي، ناهيك عن التقارب الحضاري والديني واللغة المشتركة وتشابه العادات والتقاليد، كل ذلك يجعل من الأردن منطقة جذب سياحي مهمة للسياحة العربية الصيفية ولأنواع السياحة الأخرى كافة. من هنا على المعنيين تقديم جميع التسهيلات وتبسيط الإجراءات أمام السياحة العربية، إضافة إلى إعداد برامج وخطط تلبي رغبات واحتياجات السائح العربي.

خبير سياحي- الجامعة الأردنية

استعدادات سياحية متواضعة لصيف 2008
 
05-Jun-2008
 
العدد 29