العدد 29 - اقليمي | ||||||||||||||
عبدالسلام حسن القدس- مع اقترابها من إنهاء عامها الأول، بدأت الحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض، تواجه تحديات من نوع مختلف، في ظل ارتفاع أصوات قيادات في حركة فتح، تطالب بتشكيل حكومة جديدة تشارك فيها مع الفصائل الأخرى. هذه الدعوات ليست جديدة، فقد سبق لرئيس كتلة فتح البرلمانية في المجلس التشريعي عزام الأحمد أن طالب الرئيس محمود عباس بتعديل وزاري قبل عدة أشهر. هذا المطلب عاد ليطفو على السطح مؤخراً، وتجلى واضحاً عندما أدرج ضمن القرارات التي اتخذها المجلس الثوري لحركة فتح في دورته الخامسة والثلاثين، "دورة وحدة الوطن في مدينة رام الله"، ما بين 24-26 أيار/مايو 2008، بحضور عباس القائد العام لحركة فتح وأعضاء لجنتها المركزية. وكانت حكومة طوارئ برئاسة فياض شكلت في 17 حزيران/يونيو 2007، بعد أن أقال الرئيس عباس حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة إسماعيل هنية، على خلفية الحسم العسكري الذي نفذته حركة حماس في قطاع غزة، واستولت فيه على السلطة. وقد ضمت في كامل تشكيلتها وزراء من التكنوقراط، فيما ظلت فتح خارجها. وشهدت أروقة المجلس الثوري جدلاً ساخناً، عند مناقشة البند المتعلق بالحكومة، حيث وجه البعض انتقادات حادة لرئيس الحكومة وطالبوا بتعديل وزاري. وبرز من بين هذه الأصوات وزير الداخلية الأسبق، اللواء نصر يوسف. غير أن الرئيس عباس ألقى بكامل ثقله لدعم فياض وحكومته قائلاً: "إنها حكومتي وأنا المسؤول عنها". الكاتبة الصحفية والناشطة النسوية، عطاف يوسف، ترى أن فتح لم تستطع لغاية الآن استيعاب الدرس وظلت تتعامل مع "نفسها" على أنها كما كانت دوماً تقول "حامية المشروع الوطني والتنظيم الأكبر، وأنها هي من أنشأ السلطة ومن حقها أن تكون جزءاً من الحكومة". لكنها في الوقت ذاته نوهت الى اشخاص في فتح "أدمنوا أن يكونوا وزراء" وهذه الفئة تطالب بإلحاح بالعودة الى الحكومة، مستبعدة أن تكون الدعوات لتعديل حكومي نابعة من رغبة حقيقية في الإصلاح". وقالت يوسف: فتح بوضعها الحالي لا تستطيع أن تفرض ما تريد، فهناك تيارات عديدة في الحركة، وهذا يحتم عليها أولاً إعادة ترتيب أوراقها وإصلاح بيتها الداخلي، والتعجيل في عقد المؤتمر السادس، واستخلاص العبر من التجارب السابقة". فياض هو مسؤول سابق في البنك الدولي، تولى منصب وزير المالية في عدة حكومات فلسطينية متعاقبة، منذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وحتى حكومة الوحدة الوطنية، قبل ان توكل له مهمة تشكيل حكومة طوارىء، تحولت فيما بعد الى حكومة تسيير أحوال وتصريف أعمال وما زالت تواصل عملها حتى الآن. وتسود حركة فتح بأطرها المختلفة حالة من الانقسام في الرأي إزاء حكومة فياض، فطرف يمنحها ثقته الكاملة، وفي مقدمة هؤلاء الرئيس عباس، وآخر يطالب بتعديلها وإن اقتضى الأمر تغيير رئيسها. وهناك طرف ثالث قد يبدي تحفظات على حكومة فياض لكنه لا يجد أي جدوى من تعديلها أو تغييرها في الوقت الراهن. الوزير السابق والقيادي في حركة فتح، قدورة فارس، رأى أن لا جدوى حقيقية من أي تغيير أو تعديل حكومي في الوقت الراهن،:"لست من المتحمسين للحكومة الحالية، لكني في الوقت ذاته أعارض تضييع الوقت في أمور هامشية". وأوضح أن الحكومة الحالية شكلت كنتيجة لعملية الانقلاب في غزة، وهذا الوضع يجب أن لا يصبح دائماً، لهذا، فإن الجهد يجب أن ينصب الآن نحو إعادة توحيد الوطن، والنظام السياسي، وكنتيجة تلقائية لذلك سيكون هناك تغيير حكومي. وأكد فارس أن فتح تملك القدرة على إقالة الحكومة أو تعديلها.. لكن السؤال المطروح هو: هل أن تغيير الحكومة يمثل أولوية على أجندة العمل السياسي العام؟ وما الذي سيتغير على حياة الشعب الفلسطيني إذا جاءت حكومة جديدة؟. . صحيفة "القدس" الفلسطينية، نقلت في عددها 29 أيار/مايو عن مصادر "واسعة الاطلاع" ومقربة من عباس وقيادة فتح قولها:"إنه لا صحة على الإطلاق لما جرى تناقله عن تعديلات مرتقبة على حكومة فياض (حتى موعد 15 حزيران/يونيو كما نشر). ووصفت ما يقال حول هذا الموضوع بأنه "محض هراء ولا أساس له من الصحة". وأكدت تمسك عباس بحكومة التكنوقراط. بدوره استبعد المحلل السياسي، خليل شاهين، أن يكون هناك تغيير في أداء الحكومة سواء شاركت فتح أو لم تشارك، طالما انها لم تعد فعلياً صاحبة القرار الأمني، كما كان عليه الحال في فترة الرئيس الراحل ياسر عرفات. وقال شاهين إن مجمل الصراع الدائر داخل فتح أو مع الحكومة لم يرتق الى مستوى الصراع السياسي الحقيقي داخل فتح حول قضايا كبرى مثل: قضية المفاوضات السياسية، والعلاقة بين الضفة والقطاع، وغيرها من القضايا الجوهرية، وهذا اتضح جلياً في مشروع البرنامج السياسي للمؤتمر السادس الذي جرى تسريبه. وأضاف: الأمر كان يمكن أن يكون إيجابياً لو أن الخلاف الدائر اتخذ بعداً سياسياً، لكن بقاءه في دائرة التنافس على السلطة على مستوى رام الله وحدها، أمر يثير الشفقة. اعتقد أن فتح لم تلتقط بعد ما يجري. هناك بعض الاشارات من بعض الكوادر الذين فهموا أن ما جرى هو تهميش في صنع القرار السياسي والاقتصادي منذ تشكيل حكومة فياض، لكن ما يحدث على الأرض أعمق بكثير". وأوضح : ما يحدث سواء رغب فياض أم لم يرغب هو توجه على المستوى الأميركي الإسرائيلي لإعادة انتاج نموذج حكومة نور المالكي في العراق وتطبيقه في فلسطين، أي اقامة حكومة وسلطة تتسلح بقوة أمنية وبتحالف سياسي أمني اقتصادي، يتم دعمها بعيداً عن الفصائل الوطنية، وهذا يعني إقصاء فتح عن مراكز صنع القرار في السلطة المنقسمة على ذاتها". |
|
|||||||||||||