العدد 29 - ثقافي | ||||||||||||||
محمد عبد الله القواسمة* عندما يعلن عن إقامة معرض للكتاب فذلك يعني أنّ هنالك حدثاً ثقافياً مهماً سيجري، فكيف إذا كان هذا المعرض دولياً؛ فالمعرض الدولي يشكل تظاهرة عالمية ثقافية وفكرية، تتلاقح فيه الثقافات، و يتم فيه تبادل الأفكار والآراء حول قضايا الأدب والفكر، وتعرض فيه الإصدارات العالمية الجديدة من الكتب، وآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في صناعة الكتاب، وما يلحق به من وسائل سمعية ومرئية. إنّ هذا الحدث المهم وما يرافقه من نشاطات فنية وفكرية يخص عدة أطراف تعنى بالثقافة والأدب، ولا يخص مؤسسة أو اتحاداً بعينه، لذلك لا بد من توسيع دائرة المساهمة في تنظيم المعرض لضمان نجاحه يمكنها أن تنجح في تنظيم معرض كهذا، إنه يحتاج إلى طاقات بشرية مبدعة ومفكرة، توازن بين التسويق المادي والفكري، بين الربح المالي والمردود المعنوي، كما يحتاج إلى إمكانيات مادية توفر البنى التحتية والتنظيمية الملائمة لإقامة مثل هذا النشاط العالمي. على الرغم من أهمية هذا النشاط ، فإن اتحاد الناشرين الأردنيين وحده قد قرر من خلال لجنته التحضيرية للدورة الثانية عشرة لمعرض عمان الدولي للكتاب، إقامة المعرض بمبنى كلية المجتمع العربي في تموز المقبل بالتعاون مع وزارة الثقافة وأمانة عمّان الكبرى، واختار شخصية المعرض لهذا العام، وهو الدكتور خالد الكركي للتعريف بسيرته وإنجازاته الأدبية والفكرية.. الخشية في ان ينحصر التعاون بين الاتحاد ووزارة الثقافة وأمانة عمان الكبرى في أن توفر هاتين المؤسستين الإمكانيات المادية لإقامة المعرض، أما المشاركة في التنظيم واختيار الفاعليات فليس لهما دور في ذلك. والخشية أيضاً أن يغيب الجانب الفكري والأدبي ، لحساب الجانب المادي التجاري من خلال عدم مشاركة الأدباء والمفكرين وخبراء المعلومات في صناعة القرار. إنهم مدعوون فقط لتنفيذ البرنامج الذي قرره الاتحاد. يتجاهل اتحاد الناشرين الأردنيين بهذا أنّ هنالك جهات ومؤسسات كثيرة تعنى بالأدب والثقافة، وتشتغل بالكتاب صناعة وتسويقاً، من بينها رابطة الكتاب الأردنيين، وجمعية المكتبات الأردنية، وجمعية النقاد الأردنيين ورابطة الفنانين الأردنيين، ، مؤسسة عبد الحميد شومان فضلاً عن وزارة الثقافة، والدائرة الثقافية لأمانة عمان الكبرى وغيرها من المؤسسات . إنّ معارض الكتاب الدوليّة تأخذ بعين الاعتبار عند تنظيمها مشاركة من يعنيهم الأمر من ناشرين، ومؤلفين وفنانين، وخبراء معلومات، وأمناء مكتبات، ولنا في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يعد من أعرق معارض الكتاب الدولية العربية مثال على ذلك؛ فإن الهيئة المشرفة على هذا المعرض هي الهيئة العامة المصرية للكتاب، وليس اتحاد الناشرين المصريين، فهي التي تشرف على تنظيمه منذ إقامته أول مرة العام 1969 وحتّى الآن، وقد احتفت بشخصيتين رئيسيتين عبر تاريخها الطويل، فكان نجيب محفوظ شخصية المعرض لعام 1989 في دورته الحادية والعشرين بمناسبة فوزه بجائزة نوبل عام 1988 ، كما نظم المعرض احتفالية له في العام الماضي في دورته الرابعة والثلاثين بعنوان" نجيب محفوظ: 90 عاماً من الإبداع"، كما كانت شخصية المعرض لهذا العام المرحومة الناقدة سهير القلماوي التي كانت أول رئيسة للهيئة العامة للكتاب، وهي التي نفذت الفكرة بإقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكانت أول رئيسة له، أما صاحب الفكرة فهو ثروت عكاشة الذي كان وقتها وزير الثقافة. من الواضح أنّ هذه الرؤية الثاقبة للقائمين على معرض القاهرة الدولي للكتاب كانت وراء نجاحه وسر تطوره من عام إلى آخر. من هنا يتعين القول بما يخص معرض عمان الدولي للكتاب المزمع إقامته في تموز المقبل: إن اتحاد الناشرين الأردنيين ، ينقصه حتى الآن الإعداد الجيد بتشكيل لجنة عليا تضم جميع الأطراف التي تعنى بالشأن الثقافي والأدبي على الساحة المحلية، ولجنة تنفيذية نشطة تتولى تحقيق النشاط على أرض الواقع، وأن تتعاون اللجنتان من أجل أن يتطور معرض عمان الدولي للكتاب، ليتبنى مشروعات ثقافية كبيرة كإصدار دوريات ثقافية وسلاسل أدبية وفكرية في المسرح وأدب الشباب والعلوم المبسطة، ويستقدم شخصيات عالمية كضيوف شرف على المعرض، ويحتفي بأدب الأطفال والأدب المترجم، دون ذلك لن يؤثر المعرض تأثيراً كبيراً في الحياة الثقافية، وسيظل يراوح مكانه كما بدأ أول مرة. *مدرس في جامعة البلقاء التطبيقية |
|
|||||||||||||