العدد 1 - اقتصادي
 

هناك تساؤلات لا تنتهي في الشارع الأردني تتعلق بماهية الطبقة المتوسطة، إذ يذهـــب البعض حد الإدعاء بأن هذه الطبقة غير مــــوجودة، في إشارة إلى أن هناك فئة غنية في الأردن وفـــئة فقيرة وما بينهما غير موجود، ومن النـــادر أن يستند هذا النمط من التحليل إلى مرجعيات عمـــلية دقيقة، فهو يقوم في معظم الأحيان، على انطباعات مرتبطة، بالدرجة الأولى، بارتفاعات الأسعار وثبات الرواتب والأجور.

وفي بلد كالأردن يشكل العاملون بأجر فيه حوالي 80 بالمئة من إجمالي القوى العاملة، يكتسب هذا التحليل الكثير من المصداقية، لكنه يتجاهل حقيقة أن إنفاق الأردنيين في الكثير من الحالات يتجاوز معدلات الدخول المتحققة، إذ إن معدل الاستهلاك الفردي يتجاوز مستوى الدخل الذي يتم الإعلان عنه.

وتأتي الإجابة عن تساؤلنا الرئيسي المتعلق بالطبقة المتوسطة من مسح الدخل ونفقات الأسرة الجديد الذي يغطي العام 2006، فوفقاً للنتائج الأولية لهذا المسح، لم يشهد النمط الاستهلاكي السائد في الأردن تغييرات كبيرة على مدى السنوات الخمس الماضية، ولعل الأهم في المسح هو الشق المتعلق بتوزيع الدخل الذي يبين أن حصة الشريحة الأفقر (تمثل 10 في المئة من الأسر) من مجمل الدخل، إذ بلغت 2.6 في المئة ولم تشهد أي تحسن في حين أن حصة الشريحة الأغنى ارتفعت بمقدار 2.1 في المئة، وهو ما يعني تزايد التفاوت في مستوى الدخول بين الفقراء والأغنياء.

أما توزيع الأسر حسب الإنفاق، فيشير إلى أن 36 في المئة من الأسر تنفق سنوياً أقل من 5000 آلاف دينار، وعند الأخذ بالاعتبار حجم الأسرة، فإن هذا يعني أن متوسط إنفاق الفرد في هذه الأسر يبلغ نحو 875 ديناراً، وهو دخل متدنٍ وقريب من خط الفقر الرسمي المعلن والمقدر بحوالي 562 ديناراً للفرد سنوياً. وتشير هذه النسبة التي يوجد بينها فقراء إلى الوضع الحرج لكثير من الأسر التي يمكن أن تنزلق بسهولة تحت هذا الخط حال حدوث أزمات مفاجئة.

وبما يتعلق بالأسر التي تنفق ما بين 9999-5000 آلاف دينار، فإنها تشكل النسبة الأكبر من الأسر الأردنية حوالي 43 في المئة، وهذه الأسر مع الشريحة التالية للإنفاق التي تحقق ما بين 15-10 ألف دينار تشكل عماد ما يمكن تسميته طبقة متوسطة، لكن الشريحة الأخيرة، في الحقيقة، لا تشكل سوى 12.3 في المئة من الأسر الأردنية.

وعن مجموع الأسر التي تحقق أكثر من 15 ألف دينار سنوياً، تشير نتائج المسح إلى أن نسبتها قد بلغت 7.3 في المئة، وهي قريبة من المعدلات التي كانت سائدة قبل سنوات، بمعنى أن عدد المنضمين إلى فئة الدخول المرتفعة كان محدوداً.

الخلاصة أن هناك فئة عريضة في المجتمع يمكن تصنيفها على أنها طبقة متوسطة، ورغم أن الضغط على هذه الفئة يزداد، إلا أنها نجحت في التكيف، إلى حـــد كبير، مع المستجدات وارتفاعات الأسعار، والتساؤل هو: هل تمتلك هذه الفئة القدرة على المزيد من التكيف أم سنراها تنزلق إلى مستويات الدخل المتدني، وما هي السياسات التي يمكن إتباعها لحماية هذه الفئة التي لا يلتفت اليها أحد كونها ليست غنية أو فقيرة، ولكنها حتماً موجودة؟

* مدير مركز الدراسات الاستراتيجية

في الجامعة الأردنية

الطبقة المتوسطة صمام أمان للمملكة – د. إبراهيم سيف
 
08-Nov-2007
 
العدد 1