العدد 28 - استهلاكي
 

ما زالت الأسواق المحلية تشهد ارتفاعات متتالية لأسعار الزيوت النباتية في ظل ارتفاع الطلب العالمي وعمليات تحويل كميات كبيرة من هذه المادة إلى صناعة الوقود الحيوي.

وقال عاملون في السوق أن هذه الارتفاعات في الأسعار رافقها انخفاض في الطلب وتراجع حجم مبيعات الزيوت النباتية، خصوصا المستوردة منها.

سيدات بيوت قلن أيضا إنهن بدأن في "تقنين" استخدام الزيوت لارتفاع ثمنها. ربة المنزل أم بدر قالت إنها أصبحت تستخدم كمية الزيت نفسها أكثر من مرتين للقلي. هذه السيدة تقوم بتصفية الزيت بعد كل استخدام وتستخدمه للقلي أربع مرات على الأقل.

تقول: "أولادي يحبون البطاطا المقلية كثيرا، ولكنني انزعج من ذلك الآن لأنني لم اعد استطع شراء كميات الزيت نفسها كما في السابق."

ورغم معرفتها بالآثار الجانبية لاستخدام الزيت أكثر من مرة في القلي قالت أم بدر إن "ميزانيتها" لا تسمح بشراء أكثر من 3 عبوات زيت (سعة 2 لتر) في الشهر الواحد.

ولوحظ في الأسواق ازدياد استخدام زيت عباد الشمس لانخفاض سعره نسبيا أولا، ولكون "المواطن أصبح أكثر وعيا بكون زيت النخيل أفضل صحيا،" كما يقول مدير عام شركة مصانع الزيوت النباتية الأردنية باسل الريماوي.

الريماوي أرجع الموجات المتلاحقة من الارتفاع في أسعار هذه المادة الحيوية لعدة عوامل منها: استخدام الزيوت النباتية الخام في صنع الوقود الحيوي biofuel، وتعاظم الطلب العالمي على الزيت نتيجة النمو السكاني العالي وقيام عدة حكومات في دول مصدرة للزيت الخام أخيرا بفرض "إجراءات حماية" على صادراتها من الزيوت.

هذه الإجراءات شملت منع تصدير بعض أنواع الزيوت النباتية مثل الهند التي منعت التصدير بالكامل في شهر شباط/فبراير الماضي، وأوكرانيا التي وضعت كوتا للتصدير (يسمح للمصنع بتصدير 100 طن إذا قام بتوزيع 1000 طن في الأسواق المحلية) و ماليزيا وإندونيسيا اللتين رفعتا رسوم التصدير من 10 إلى نحو 20 بالمائة.

وقال الريماوي: "منذ فترة أُلغيت شحنة من زيت الصويا كنا طلبناها من الهند، واضطر المصدر الهندي إلى شراء الكمية المتفق عليها لنا من الولايات المتحدة الأميركية. ولم نتمكن من شراء زيت دوار الشمس من أوكرانيا فاضطررنا إلى الشراء من الأرجنتين."

الحكومة كانت قررت مؤخرا إعفاء زيت النخيل من الضرائب والرسوم ضمن جملة من السلع الأساسية مثل الحليب والأجبان والحمص والعدس والشاي والحنطة والشعيرية والذرة الصفراء والأرز ودقيق الذرة والسكر. لكن نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق قال إن على الحكومة إعفاء أنواع الزيت النباتي الأخرى مثل زيت الذرة، الأوسع استخداما، وزيت عباد الشمس. زيت النخيل يستخدم بحسب الحاج توفيق في الأغلب في المطاعم وليس البيوت.

ما يزيد من ارتفاع أسعار الزيوت النباتية هو زيادة كلف الإنتاج. بحسب أحد المصنعين المحليين، فقد ارتفعت كلفة إنتاج وتعبئة طن واحد من الزيت من المحروقات من 15 دينارا إلى 50 دينارا. مواد التعبئة والتغليف رفعت سعر تعبئة طن الزيت من 60-70 دينارا إلى 120 دينارا.

ورغم شكاوى ارتفاع السعر، لاحظ عاملون في القطاع أن أسعار الزيوت النباتية في الأردن منخفضة عن غيرها. يقول الريماوي الذي تصدر شركته منتجاتها إلى أسواق مجاورة مثل سوريا والضفة الغربية إن أسعار الزيت في الأردن منخفضة نسبيا.

وتعمل في السوق المحلية ثلاث شركات في تكرير الزيت الخام وتعبئته هي: شركة الريماوي التي تنتج الزيت تحت اسم الغزال، وشركة القرية التي تنتج زيت القرية، والشركة العالمية التي تنتج زيت غولدن كورن وشهرزاد. ويستورد الأردن الزيوت المعبأة من السعودية بشكل رئيسي تحت الأسماء التجارية: عافية، العربي ومازولا.

عربيا، اشتكت شركات كبرى من ارتفاع أسعار المواد الخام، حيث قال المدير المالي في شركة عافية العالمية خالد راضي لصحيفة «الرياض» السعودية إن شركته تحاول الضغط على المصدرين الذين تتعامل الشركة معهم لتوفير المواد الأساسية لصناعة الزيوت مثل الذرة وخامات الزيوت الأخرى حتى لا يتوقف الإنتاج أو ينخفض في «ظل هذا الشح الكبير والخطير، بالإضافة إلى البحث الدائم عن مصادر بديلة للدول التي أوقفت تصدير الخامات، كما تقوم الشركة بتصنيع أنواع مختلفة من الزيوت لتوفر للمستهلك البديل في حال فقدان احد أنواع الزيوت من الأسواق المحلية والعالمية.»

محليا، أخرجت أزمة ارتفاع الأسعار هذه شركات صغيرة من السوق لعدم قدرتها على المنافسة وابتياع كميات الزيت الخام الذي ارتفعت أسعاره من 900 دينار للطن من زيت الذرة إلى 1500 دينار.

الريماوي قال إن شركته أيضا تتعرض لضغوط رأس المال لشراء الزيوت لتتمكن من توفير الكميات نفسها من الزيوت لحاجات السوق المحلية.

الحاج توفيق قال إن المخرج الوحيد والمعقول من أزمة ارتفاع سعر الزيوت النباتية هو أن تقوم الحكومة بإعفاء الزيوت المستوردة من خارج الدول العربية (المعفاة ضمن اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى) مثل تركيا وأميركا الجنوبية وأوروبا الشرقية من الضرائب والرسوم. الحكومة تتقاضى ما نسبته 34 بالمئة على استيراد عبوات الزيت النباتي الجاهزة موزعة بين 30 بالمائة جمارك، و4 بالمئة رسوم، فيما تفرض الحكومة 4 بالمائة ضريبة مبيعات على الزيوت الخام المستوردة بغض النظر عن منشئها.

حلول جديدة لمواجهة ارتفاع أسعار الزيوت النباتية
 
29-May-2008
 
العدد 28