العدد 28 - اقتصادي | ||||||||||||||
السجل-خاص تابعت أسعار الحديد تحليقها متجاهلة المساعي الحكومية لضبط انفلاتها، إذ اقترب ثمن الطن من حاجز الألف دينار في السوق المحلية، وسط شكاوى مستثمري الإسكان والمقاولين، الذين شنوا هجوما على المصانع والتجار، كونهم المسبب الرئيس للارتفاع غير المبرر، بحسب رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان المهندس زهير العمري. الطفرة الجديدة في أسعار الحديد تأتي بالتزامن مع انطلاق مبادرة «سكن كريم لعيش كريم» التي تقضي ببناء 20 ألف وحدة سكنية سنويا لتوفير المساكن لذوي الدخل المحدود وتزايد حاجة المملكة من الوحدات السكنية لتصل 50 ألف وحدة سكنية سنويا. كما أن ارتفاع الأسعار يهدد بإغلاق العديد من محال بيع الحديد الصغيرة، إذ يصل عدد صغار التجار إلى 100 تاجر، فيما يسيطر على تجارة الجملة نحو 12 من كبار التجار. الزيادة في أسعار السلعة الاستراتيجية جاء رغم تخفيض ضريبة المبيعات المفروضة على الحديد إلى النصف، سبقها اتفاق وزارة الصناعة والتجارة وأصحاب مصانع الحديد على تحديد سعر الطن عند 850 دينارا. شطحات الأسعار تأتي بخلاف إجراءات حكومية تسعى لضبط الأسعار، لا سيما أن مديرية مراقبة الأسواق في وزارة الصناعة والتجارة « تشدد الرقابة على المواد التي تشهد ارتفاعا كبيرا في أسعارها كمادة الحديد وغيرها من المواد التي تعطى أهمية كبيرة من قبل الوزارة" كما يقول مدير مديرية مراقبة الأسواق في الوزارة المهندس عماد الطراونة. الأثر المباشر والسريع لقفزات الأسعار يتجلى بإضعاف قدرات المستثمرين الإنشائية فتقلصها، بعد أن عاد للارتفاع 9 بالمئة في أقل من 10 أيام، وصولا إلى 960 دينارا للطن، ما ينبئ بانحسار المشروعات المنجزة وتباطئها، إذ زادت قيمة العقارات في المملكة خلال الأشهر السابقة بنسبة 7 بالمئة نتيجة ارتفاع سعر مادة الحديد وحدها، وتشهد الحركة التجارية في هذا القطاع ركودا كبيرا بسبب عدم قدرة المواطنين على شراء الشقق بسبب ارتفاع أسعارها. تجار الحديد، يرجعون ارتفاع الأسعار إلى زيادة أثمان المواد الخام من بلد المنشأ، ويقول رئيس جمعية تجار الحديد هشام المفلح إن "ارتفاع الأسعار ناتج عن ارتفاع عالمي لا سيما مادة البلت." كما أن زيادة أجور الشحن محليا نتيجة قرار الحكومة الأخير رفع أسعار المحروقات ساهم برفع التكلفة على المصانع، بحسب المفلح، ما اضطرها إلى زيادة الأسعار. في ظل مستويات الأسعار المرتفعة، توقع المفلح أن ينخفض الطلب على الصلب بنهاية العام الحالي بما يراوح بين 15 و20 بالمئة، في بلد يستهلك نحو 700 ألف طن سنويا من الحديد. ولم يؤثر ارتفاع الأسعار على الكميات المتوافرة من الحديد في السوق المحلية، وفقا للمفلح. المفلح رفض الشائعات التي تدور عن أن ممارسات احتكارية من قبل المصانع والتجار تؤدي إلى رفع الأسعار، لكن العمري يلقي باللائمة على الممارسات غير المبررة من قبل المصانع والتجار. المفلح يؤكد أن "تجار الحديد ملتزمون بهامش ربحي قليل بهدف تخفيف الأعباء عن المواطنين". العمري يشير إلى الضرر الكبير الذي ألحقه الارتفاع بمستثمري الإسكان "الذين عزف 25 بالمئة منهم عن الإنشاء جراء ارتفاع الكلف". ويوضح أن أكثر من 40 بالمئة من إنتاج الحديد ليست له علاقة بالاستيراد، وذلك لأن المصانع تعتمد على الخردة التي يعاد تصنيعها. تطرق العمري إلى مقارنة الأسعار المحلية بالأسواق العالمية، إذ يبين أن سعر طن الحديد في اليونان مثلا يصل إلى 770 دينارا تسليم أرض المصنع، رغم أن كلف الإنتاج في اليونان أعلى من الأردن، وأجور العمالة هناك أعلى. ويشكل ثمن الحديد ما بين 15 و16 بالمئة من كلف البناء، بحسب العمري. يطالب العمري الجهات الحكومية بوضع حد للممارسات الاحتكارية في سوق الحديد، داعيا إلى الاطلاع على أسعار الحديد في الدول المجاورة للوقوف على واقع كلف الإنتاج. ومن جانبه، يشتكى المفلح من تآكل رؤوس أموال تجار الحديد جراء الارتفاعات التي طرأت عليه أخيرا في الأسواق العالمية، مبينا أن موجة غلاء الأسعار قلصت مبيعات محلات مواد البناء. صاحب أحد محلات مواد البناء قال إن أسعار الحديد ارتفعت للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين، فضلا عن أسعار المواد الأخرى، ما يقود إلى انحسار في المبيعات. ويلفت إلى أن "العديد من محلات البناء أغلقت أبوابها نتيجة تراجع المبيعات وارتفاع الكلف". يقدر تجار انخفاض مستوى المبيعات، نتيجة ارتفاع أسعار الحديد وقلة الطلب، بنحو 60 بالمئة مقارنة مع بداية العام الحالي. أما رئيس جمعية تجار الإسمنت منصور البنا فأعاد الحديث عن إنهاء اشتراط ترميز الحديد لمواصفة محلية، كحل لوقف انفلات الأسعار وإنهاء حالة الاحتكار التي يمارسها أصحاب المصانع بحسب البنا. البنا يؤكد أن الارتفاع غير مبرر لا سيما أن 50 بالمئة من الحديد المصنع محليا هو من الخردة التي لا تتراوح تكلفتها بين 200 و300 دينار للطن. |
|
|||||||||||||